معد عيسى
لم تعد الجودة مصطلح يتعلق بالمنتجات الاستهلاكية والتقنية، ولا يُمكن تجزئته فالجودة تشمل المنتجات والخدمات والتعليم وكل ما يتعلق بمتطلبات الحياة اليومية والسؤال أين نحن من هذا المصطلح ؟
عدد الضبوط الذي تعلن عنه يومياً وزارة التجارة وحماية المستهلك يعكس حجم غياب أدنى مستوى لجودة المُنتج، والشكاوي التي يعرضها الإعلام يومياً يعبر عن سوء الخدمة العامة، والوضع التعليمي في الجامعات والمدارس ليس بأفضل حال عن واقع الأسواق والخدمات العامة، والأسوأ من ذلك معاناة المواطن عندما يذهب إلى المصارف والدوائر المالية ليدفع بعض المستحقات فقد يتفهم البعض أن هناك نقصاً في الموارد عندما يريد الحصول على احتياجاته، ولكن هل يُعقل أن يعاني في دفع مبلغ مُستحق للدوائر الحكومية؟
كل مُنتج محلي أو مستورد يجب أن يتمتع بالمواصفة القياسية السورية، وكل مُنتج محلي يبحث عن أسواق خارجية يجب أن يتمتع بمواصفة الأسواق الخارجية ولكن للأسف معظم الأجهزة التقنية والكهربائية الموجودة في أسواقنا من دون مواصفة وضمانة ويُمكن معرفة ذلك من حجم هذه المنتجات في مكبات القمامة، وهنا نسأل كيف دخلت كل هذه التجهيزات؟ وأين هي المواصفة القياسية السورية وأين هي اللصاقة الطاقية؟
سورية بلد غني بالمنتجات التي تتمتع بمواصفات عالية منحتها لها الطبيعة، من التبغ إلى الزيتون إلى القطن ومنتجات كثيرة ولكن حتى اليوم فشلنا في تصنيع أي مُنتج، فتاجر الألبسة عندما يروج لبضاعته يقول هذا قماش تركي أو هندي أو إيطالي والزيت السوري يُصدر تهريباً إلى دول الجوار ويخرج بشهادات منشأ تلك الدول، والدخان حدث ولا حرج.
الجودة سلسلة متكاملة تبدأ في الحقل ولا تنتهي في المصنع، لأنها لا تقف عند المواصفة فقط بل تمتد إلى التكلفة وطريقة العرض والترويج والبيع لتصل إلى حلقتها الأخيرة عند المستهلك، وكذلك في المدرسة والتعليم والخدمات العامة.
كل شخص يتذكر أمر من الماضي ويترحم على تلك الأيام لأننا خسرنا الماضي ولم نطور الحاضر وليتنا بقينا على ما كنا نملك في الماضي، ويبدو أن الشيء الوحيد الذي طورناه وحققنا به جودة عالية هو الفساد.
(سيرياهوم نيوز-الثورة31-10-2020)