تمام علي بركات
بين كبار الفنانين السوريين والعرب بل العالميين أيضاً، يقف اسم جورج وسوف “أبو وديع –١٩٦١-علامة فارقة مميزة في تاريخ الأغنية المحلية والعربية، فالرجل الذي يمشي اليوم _بكل نجوميته المنقطعة النظير_في الستين من العمر عاش حياة نجومية مستمرة، لم تنقطع يوماً رغم تغيّر أمزجة “السميعة” واختلاف المفاهيم الفنية والطربية, وما زالت مبيعات أغانيه هي الأعلى بين الفنانين “الكوول” بين جمهورهم وفي غير ملعبهم، المغنون الذين يعتبرون اليوم الأرقام الصعبة في عالم الفيديو كليب، نظراً لضخامة المكنات الإعلامية التي تقف خلفهم، كعمرو دياب مطرب عصر الانحطاط العربي على سبيل المثال لا الحصر الذي جاء ومَن معه من مغنين مخنّثين بسبب الهزات الارتدادية العنيفة لـ”كامب ديفيد”.الحالة الفنية التي شكّلها أبو وديع مرّت بالعديد من المراحل التي لم يحافظ فيها الرجل على هويته المحلية في الأغنية التي قدّمها ونجح بها نجاحاً باهراً، فابن الكفرون سوف يدرك في بداية اشتغاله بالغناء، أهمية فن أصيل كالعتابا مثلاً، ونادراً ما خلت حفلاته التي بدأها في سبعينيات القرن المنصرم من تأدية العديد من مواويل العتابا التي علقت في بال كل “السميعة” على اختلاف أذواقهمسألتها من وين قالت من حاصبيّاولمّا غمزت إمها حاص بيّاولمّا جيتها بالليل حس بيّاأتاري الملعون بعدو ما غفي
وقام أيضاً بتأدية العديد من الأغاني التراثية بأسلوبه الفريد، كالدلعونا والميجانا، وعُرف أبو وديع في دول الجوار السوري واشتهر أيضاً على الشاشات الأرضية التي كانت تضع وصلات أغانيه لساعات طويلة من بثها اليومي، كما في الأردن مثلاً.غدا اسم جورج وسوف مرتبطاً بأهم حفلات السهر الطربي في الشرق الأوسط بعد أن بدأ أيضاً بتقديم مجموعة من الأغاني الطربية لكبار الفنانين العرب وحتى غير المعروفين منهم، ليشهرهم الوسوف بما فعل، كما حدث مثلاً مع أغنية “سلّمتك بيد الله” وهي للفنان العراقي “كاظم الساهر” الذي عرفه الجمهور العربي بعد أن غنى له الوسوف، وليصبح اسم أبو وديع أحد أهم الأسماء الحاضرة بقوة في المهرجانات العربية، دون أن يتنازل هذا الرجل عن معرفته الأكيدة بكونه نجماً عربياً لا يُشقّ له غبار، نجم بروح دمثة وحياة شخصية بقي الكثير منها مفتوحاً على حياة محبّيه لبساطة الرجل وقرويته التي لم يتنكر لها أبداً حتى وهو يغنّي فوق أضخم المسارح العالمية.نجومية أبو وديع ومحبّة الجمهور له التي وصلت في بعض الأحيان إلى أن حصل العديد من حالات الإغماء لدى إطلالته، كما وقع العديد من حالات الطلاق لزوجات يردن رجلاً صوته كالوسوف يحرّك المشاعر أبداً، انتشرت بين جميع الشرائح العمرية بين “السميعة”، حتى إنه من النادر أن تجد أحداً لا يحبّ أبا وديع، وفي باله تخطر عدة أغانٍ بقيت معلّقة في وجدانه له.أهم ما ميّز مسيرة هذا الفنان السوري العملاق الذي أطلق عليه لقب “سلطان الطرب” أنه لم يقدّم أي تنازلات لشركات الإنتاج فهي التي سعت خلفه، ولم تزل تسعى.أبو وديع غدا ظاهرة فريدة في كثرة المغنين الذين استعاروا صوته ليغنوا به، وهم حتى اللحظة وبعد مدة طويلة من اشتغالهم في الفن لم يستطيعوا أن يخرجوا من عباءة أبو وديع حتى في الشكل الخارجي الذي كان أبو وديع أحد أهم محرّكيه في المجتمع الفني، فعندما ربّى ذقنه مثلاً صار الموضوع موضة بين الفنانين، والأمر على بساطته إلا أنه يدل على الكثير، فما يفعله الوسوف مشرعن وهو سيلقى صدى طيباً بين الناس حتى لو كان في شأن بسيط كهذا، ببساطة إنه يقف حيث يلهث الآخرون لكي يصلوا.
(سيرياهوم نيورj-صفحة الكاتب4-6-2021)