نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية مقالاً للكاتب، سيث فرانتزمان، يتحدث فيها عن رؤية “إسرائيل” لوقوع كابول بيد “طالبان” وأثر ذلك على القوة السياسية للولايات المتحدة، خاصةً في الشرق الأوسط.
وقالت “إن الانهيار السريع لأفغانستان والطريقة التي صُدم بها المسؤولون السياسيون والعسكريون الأميركيون، فضلاً عن الخبراء من مختلف مراكز الأبحاث، من سرعة الانهيار، هو رمز لتحدٍّ أكبر تواجهه الولايات المتحدة اليوم.
بعد أفغانستان، سيتعين على الولايات المتحدة طمأنة الحلفاء والشركاء بأنها ستبقى في مكانٍ ما في العالم”.
واضافت “بينما يتحدث المسؤولون الأميركيون عن “حروبٍ أبدية” وإهدار “الخزينة” حول العالم، هناك مخاوف بشأن ما سيحدث بعد ذلك”.
وتابعت “هذا صحيح بشكل خاص في الشرق الأوسط، حيث يتساءل شركاء أميركا وحلفاؤها عما إذا كانت الولايات المتحدة ترى البلدان هنا فقط على أنها “مصالح”. إن الحديث عن اتخاذ الولايات المتحدة موقفاً أكثر صرامة تجاه المملكة العربية السعودية ومصر، وهما دولتان شكّلتا ذات يوم أحد أعمدة السياسة الخارجية الأميركية، يقود إلى مخاوف”.
وقالت “دعم الولايات المتحدة لاتفاقات أبراهام هو أيضا قضية رئيسية. لن تسمّي الإدارة الأميركية الجديدة اتفاقات السلام الإسرائيلية باسمها، لكنها نشرت رسائل تشيد بالتطبيع الذي تمارسه “إسرائيل” الآن مع دول الخليج والمغرب.
المخاوف بشأن دور الولايات المتحدة في العراق وسوريا تشغل بال الناس أيضاً. هل ستؤدي أفغانستان إلى تآكل المزيد من الثقة بواشنطن وادعاءاتها بأنها ما زالت ملتزمة تجاه المنطقة؟”.
وتضتفن الصحيفة “تتمتع الولايات المتحدة بسجلٍ طويل من التدخل في مختلف البلدان على مدى العقود العديدة الماضية. كانت هذه الصراعات، التي يطلق عليها “الحروب الصغيرة” أو “الحروب الطويلة”، نتيجة لنهاية الحرب الباردة و11 أيلول/سبتمبر، وهذا يعني أن الولايات المتحدة مارست التدخل الإنساني وبناء دولة، ثم انتقلت إلى منع العراق من امتلاك أسلحة دمار شامل، وخوض حرب عالمية على الإرهاب. اتضح أن الكثير من هذا مجرد أسطورة، كما شوهد في أفغانستان”..
وقالت “الأمم لم تُبنَ. أينما تدخلت الولايات المتحدة، أصبحت البلدان بشكل عام فوضوية وفقيرة وحلّت بها كوارث هوبزية (نسبةً للفيلسوف السياسي هوبز صاحب نظرية العقد الاجتماعي)”.
وتابعت “من العراق إلى سوريا، ومن أفغانستان إلى الصومال، ومن هاييتي إلى بنما، أرسلت الولايات المتحدة قوات إلى العديد من الأماكن، ولم تتحسن بشكل عام بعد ذلك. قد لا يكون ذلك بسبب تدخل الولايات المتحدة. ربما كانت التدخلات مجرد أحد أعراض النظام العالمي الفوضوي، وصعود التطرف والمساحات غير الخاضعة للسيطرة، على سبيل المثال، قد لا تكون الفوضى في ليبيا اليوم بسبب التدخل. ولا يمكن إلقاء اللوم على الفوضى في اليمن على الولايات المتحدة. لكن الولايات المتحدة عامل، وسوء إدارتها الواضح، أو محاولتها الفاشلة لبناء قوات أمن محلية، يثير العديد من الأسئلة. أين كان سلاح الجو الأفغاني طيلة الشهر والنصف الماضيين؟”.
واضافت “الرئيس الأميركي جو بايدن قال، في تموز/يوليو، إن الجيش الأفغاني لديه 300 ألف جندي “جيدي التسليح مثل أي جيش في العالم” وأن لديه سلاح جو. لكن سلاح الجو كان عبارة عن حفنة من طائرات الهليكوبتر. بشكل عام، لم تترك الولايات المتحدة سلاح جو حقيقي، حسب الصحيفة، الصور من ولايات أفغانستان تُظهر الفقر والإهمال. على ما يبدو، عشرون عاماً لم يُسفروا عن الكثير. الأميركيون يتساءلون أين ذهبت مليارات الدولارات. إنهم يرون في هذا مثالًا آخر على تضليل واشنطن أو تضليلهم. يريدون أن تُنفق الأموال في البيت على البنية التحتية”..
وقالت “لا تتحدث أميركا فقط عن الانعزالية، وهو موضوع استمر عبر تاريخ الولايات المتحدة واكتسب زخماً تحت شعار إدارة ترامب: “اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”. يميل اليسار واليمين الأميركيان إلى الاتفاق على أن الوقت قد حان لأن تنظر الولايات المتحدة إلى الداخل وأن السياسة الخارجية يجب أن تركز بشكل ضيق على المصالح”.
هل هذا في مصلحتنا؟ ماذا نفعل ولماذا نفعله؟ هذه هي الأسئلة التي يتم طرحها. مع طرح هذه الأسئلة، يبدو أن الولايات المتحدة تتخلى عن شركائها واحداً تلو الآخر، أو على الأقل تنبههم إلى أن الساعة تتكتك. الرسالة هي أَظهِر لنا أنك ضمن مصالحنا أو أنك انتهيت، قالت الصحيفة.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم