الكثير منا قد يتعب من سنوات العمل الطويلة، ويتمنى تقديم أوراق استقالته في مرحلة عمرية معينة لكن عدم الوصول للاستقلالية المادية قد يمنعنا من فعل ذلك، واليوم هناك اتجاه بين شباب جيل الألفية يقوم على فكرة التقاعد المبكر عززته فترة «كورونا»، وتحول هذا الاتجاه إلى حركة تم تسميتها «fire» تقوم على الادخار المكثف مع محاولة مضاعفة المدخول، كل ذلك بهدف أن يستطيع الموظف ترك وظيفته بعمر الأربعين أو الخمسين.
ووفق خبراء فإن التقاعد المبكر له قواعد، أو يجب أن يتم بناءً على خطة مسبقة. فالساعون للتقاعد المبكر يتوجب عليهم ادخار مبلغ ثابت من الراتب.
وعندما يصل حجم المدخرات إلى 30 ضعف المصروفات السنوية، عندها يمكن للمرء أن يتقاعد من عمله.
لكن السؤال الأهم هو؛ ما دافع الساعين للتقاعد المبكر لترك العمل وللأبد؟
تتباين الأسباب، لكن أهمها رغبة البعض بالاستمتاع في حياته خلال فترة الشباب، من دون تأجيل متعة الاستكشاف والسفر لما بعد التقاعد حيث يكون قد فقد الإنسان الشغف أو حتى الصحة للقيام بمغامرات أو سفر.
وهناك آخرون يسعون للهروب من ضغوط العمل، والبعض يتقاعد لأن أسرته تحتاجه، كذلك هناك من يسعى لتحقيق حلم إنجاز مشروع خاص سواء كان تجارياً أو غير تجاري، أو ببساطة من أجل الراحة بعد سنوات طويلة من العمل.
قد تبدو الصورة التي يرسمها هؤلاء الساعون للتقاعد المبكر وردية، ولكن هناك دراسة معتمدة تحذر هؤلاء من أن التقاعد المبكر قد يسرع من التدهور المعرفي لدى الإنسان ويضر بالذاكرة.
ويشير الخبراء إلى أن جيل الألفية تغريه فكرة التقاعد المبكر، وحول هذا الموضوع يقول خبير التنمية البشرية وإعداد القادة محمد ثائر عبد الحليم:
يواجه جيل اليوم مجموعة من الضغوطات والشعور بالخوف وانعدام الأمان، وذلك نتيجة الوضع العام والعالمي الراهن، كما يعد شعور الخوف من المستقبل شعوراً عاماً منتشراً بين صفوف جيل اليوم، مضيفا: قد يكتشف الأفراد عند مغادرة وظائفهم أنهم هربوا من خوف معين فقط ليجدوا أنفسهم أمام مخاوف أكبر وأكثر تحدياً.
وقال الخبيرعبد الحليم: يُعَدّ الجيل الجديد ناضجاً بشكل مبكر، ومتميزاً عن الأجيال السابقة، إذ يتمتع بكمية من المعارف تتجاوز عمره، ومع ذلك، يفتقر إلى القدر نفسه من الحكمة نتيجة الظروف الحياتية الحالية وتأثير ثورة الجيل الرابع.
وأضاف: يتمثل طموح الجيل الحالي في اتباع نهج حياة مختلف عن الجيل السابق، الذي كان يولي أهمية كبيرة للعمل حتى ربط الدين بالعمل، لضمان تحقيق الرضا والسعادة، يتعين على الفرد أن يترك بصمة إيجابية ويؤثر بشكل ملموس في حياة الآخرين.
هذا ويُعتبر التقاعد المبكر خياراً قابلاً للنظر، إلا أنه من الأهمية بمكان التأكد من أن الشخص قادر على تعزيز وضعه المالي بما يكفل له عائداً مادياً وعلمياً ملائماً طوال فترة التقاعد، حسبما أكده خبراء التنمية البشرية، لافتين إلى أن شباب اليوم يعاني نقصاً في الشغف والرغبة في الاستمرار عند مواجهة أول عثرة.
لذا يجب على شباب اليوم إظهار مرونة كبيرة، والتفكير بعمق عند وضع خطط التقاعد المبكر، وتحديد الأهداف المرتبطة بهذا القرار، خاصة أن قيمة الإنسان لا تُقيم بمجرد إنجازه العمل، بل بمدى التأثير الذي يحدثه من خلال هذا العمل.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين