كيف نعيد منتجاتنا لحضن أسواق التصدير ؟ سؤال من العيار الاقتصادي الثقيل، لاعتبارات كثيرة أهمها ان التصديرشريان الاقتصاد الوطني، والقوة المعبرة على نجاح، واستقرار الحالة الاقتصادية العامة للدولة، واليوم نحن أمام تحدٍ كبير، في ظل عملية الانفتاح الاقتصادي، ورفع العقوبات، وإلغاء قانون قيصر، وما يحمل ذلك من انفتاح “من وإلى سورية” وهذا التحدي جوهره، خطوات حكومية وخاصة، جادة لاستعادة ما أمكن من أسواق فقدناها إلى سلم أولوياتنا الاقتصادية…!
توافر ظروف العودة
وبالتالي الإجابة ليست محصورة بفئة، أو جهة عامة وخاصة، بل هي مساحة وطن سجل حضوره على مدى عقود في أسواق أكثر من 85 بلداً، إلى أن جاء النظام البائد، وتراجع هذا الوجود، واليوم توافرت الظروف للعمل على استعادة ما فقدنا من أسواق بعد رفع العقوبات وقانون قيصر، وهنا يرى الصناعي لؤي نحلاوي عضو غرفة صناعة دمشق وريفها حتمية هذه العودة في ظل ما تشهده البلاد من حالة تطور في كافة المجالات، والتركيز هنا على المنتج المحلي وأسواق التصدير.
تخفيف كلف الإنتاج الصناعي
وحتى تعود تلك الأسواق وخاصة التصديرية، لابد من تذليل صعوبات كثيرة في مقدمتها: ارتفاع كلف الانتاج الصناعي، مقارنة ما قبل العام 2011، وانفتاح الأسواق العالمية على بعضها، خاصة بعد اتفاقية جامعة الدول العربية، توقفت سورية عن التعامل بموجب هذه الاتفاقية، أو تم تعليقها، الأمر الذي أدى لزيادة الرسوم الجمركة، حيث أصبحنا ندفع رسوم جمركية عند ادخال البضائع السورية مثلاً إلى الأردن، بينما العكس الأردنية تدخل إلى سورية من دون رسوم، وهذا بدوره أدى لارتفاع كلف تواجد المنتجات المحلية في الأسواق الأردنية، وهذا الأمر ينطبق على الأسواق العربية وغيرها .
الحد من إغراق الأسواق
دون أن يتجاهل نحلاوي ظروف المرحلة الحالية وصعوبتها، وما اتخذ من إجراءات اقتصادية، لتنشيط الحالة الاقتصادية، وحماية الأسواق المحلية، من خلال فرض بعض الرسوم الجمركية على المستوردات، وتعليق العمل باتفاقية منطقة التجارة العربية، بهدف عدم حصول إغراق في الأسواق، شرط تقوية الحالة التصديرية، وتأمين مقوماتها لاستكمال خطوات العودة إلى الأسواق الخارجية، سواء العربية والأجنبية، وهنا أوضح نحلاوي: أن الأردن أول من احتج على دخول البضائع السورية إلى أسواقه، وعندما علقت سورية العمل باتفاقية التجارة العربية، لم يكن لدى الأردن استيراد من سورية، ولا وجود جمارك بالأصل، علماً أن الأردن قبل العام 2011 وحسب إحصائيات وزارة الاقتصاد يأتي بالمرتبة الأولى في استقبال السلع السورية، تليه السعودية والعراق، لكن بتبدل الأحوال أصبح العراق اليوم لديه صناعات كثيرة، وتتطور بشكل مستمر، نتيجة وجود بيئة جاذبة للصناعات والاستثمارات لديه أيضاً.
نحلاوي: الظروف مهيأة لاستعادة المنافسة لكن بحاجة لمعالجة مشكلات التصدير المتراكمة واستثمار قوة العمالة
استثمار العمالة المحلية دون المطلوب
وهنا يسجل نحلاوي خوفه وخشيته من عدم تحقيق تنافس عبر أسواقنا التصديرية ً، بعد أن فقدناها لأكثر من 15 عاماً، لعوامل متعددة منها ارتفاع كلف الإنتاج السوري، بسبب وضع رسوم جمركية على المواد الأولية بالطن، في حين كانت ما قبل العام 2011 بنسبة 5٪ وبعضها 1٪ فأصبح الجميع يدفع بالطن والوزن القائم، الأمر الذي أدى إلى زيادة كلفنا الجمركية، ناهيك عن كلفة المحروقات، مشيراً إلى وجود فرصة كبيرة لم تستغل ويجب استثمارها، هي قوة العمالة، التي كلفتها بالحدود الدنيا، مقارنة بكل دول الجوار، واصفاً الأمر بالإيجابي ويجب استثماره، في ظل عدم توفير فرص عمل للوافدين المهجرين، وحتى الموجودين في البلد، وارتفاع رسوم الجمارك، والمحروقات والكهرباء نسبياً في المناطق الصناعية إضافة إلى مشكلات أخرى .
معالجة أسباب الإغراق
واليوم اتجاه السلع السورية برأي نحلاوي باتجاه العراق الذي يعتبر أهم الأسواق النشطة للبضائع السورية، وخاصة خلال المرحلة الحالية، لكن بالمقابل صناعات محلية متضررة كالنسيجية والهندسية بشكل واضح، وتكاد تكون الأرباح غير منطقية مقارنة بتمويل رأس المال، وفي حال تم توقيع الاتفاقية التركية- السورية، على الصناعة الهندسية السلام، والحال ذاته على الصناعة الكيميائية تعاني جداً من الإغراق نتيجة دخول البضائع إلى البلد.
الصناعة في مرحلة الاحتضار
وبالتالي بالرغم من أهمية التصدير، لابد من المحافظة على الصناعة المحلية، والصناعي يصدر عند اكتفاء أسواقنا المحلية، وهناك إنتاج فائض كبير، إلا أن إنتاجنا مكلف جداً للتصدير، ونحن اليوم أمام تنافس حاد ، وهنا ناشد نحلاوي المعنيين بالصناعة باتخاذ موقف سريع لدعم الصناعة بشكل حقيقي، ليس بالمال، وإنما يحتاجون إلى معاملتهم كمعاملة دول الجوار كالأردن ولبنان أو العراق، حتى يستطيعوا التصدير والوصول الى أوسع الأسواق.
إلى جانب إعادة تفعيل اتفاقية جامعة الدول العربية، ضمن المعطيات السليمة والجمارك المتبادلة بالمثل، مبيناً عدم منطقية استيراد مواد أولية بجمارك عالية، وتفعيل الاتفاقية والعمل بها، فإن ذلك يجعل من الصناعة الوطنية في حالة خطرة ومهددة بالاحتضار.
حوامل الطاقة المتهم الأول…!
نحلاوي لم يخفِ قلقه على الصناعة الوطنية، وضرورة اتخاذ إجراءات إنقاذية لمعالجة مشكلتها، وشاطره الرأي، رئيس لجنة المنظفات في غرفة صناعة دمشق محمود المفتي مضيفاً إن أحد أهم مشكلات التصدير لدينا، هو ارتفاع أسعار حوامل الطاقة، وهذا يمكن معالجته بتعديل قانون الطاقات البديلة لتشجيع الصناعيين بتخفيض كلفهم بحوامل الطاقة، وبالتالي نحن كصناعيين لدينا مشكلة بارتفاع سعر حوامل الطاقة، وبين أسعارها، لافتاً إلى أهمية تشجيع الطاقات البديلة، لتخفيض تكاليف التصنيعية للمنتج النهائي، دون نسيان مشكلات أخرى لا تقل خطورة عما سبق منها “المصاريف التشغيلية”، لكن دون تجاهل الكثير من الإيجابيات، تتمثل بالعمالة الرخيصة والجاذبة للاستثمارات .. .
الدعم يبدأ بمخرجات الإنتاج
ويرى المفتي أن مرحلة دعم التصدير، خطواتها الأولى تبدأ من خلال دعم مخرجات الإنتاج، وذلك من خلال الفروقات في حوامل الطاقة، والتي يمكن أن تصل مابين 3-5٪ حسب نوع الصناعة حيث يوجد صناعات تصل الفروقات إلى 10٪ وهناك صناعات نسبة أكبر، مبيناً أن هذه المنتجات عندما يتم تصديرها يمكن دعمها من هيئة تنمية الصادرات، بتخصص صندوق لدعم فروقات الطاقة للصناعي ومنحه حوافز معينة كتعويض عنها كتخفيف وداعم بنفس الوقت.
النقل الخارجي والتعويض الممكن
والمشكلة التي لا يمكن إسقاطها من حسابات معوقات التصدير والتي مازالت قائمة حتى تاريخه، مشكلة النقل الخارجي، حيث يرى المفتي فيها أهم معوقات التصدير وتحتاج لحل سريع، وخاصة أنها تشكل 15% من قيمة المنتج المصدر، وقد تتجاوزها، الأمر الذي يجعل منتجنا المحلي خارج المنافسة وبالتالي خارج أسواق التصدير.
المفتي: حوامل الطاقة المتهم الأول وتعديل قانون الطاقات البديلة ينهي إشكالية أسعارها المرتفعة في السلع التصديرية
وهذا الأمر في رأي المفتي يمكن معالجته وذلك من خلال تطبيق الاتفاقيات الثنائية، حتى تكون رسوم الترانزيت مقبولة بين البلدان العربية، كونها تعتبر أسواقاً مستهدفة، كالعراق ولبنان والأردن، ودول مجلس التعاون الخليجي كمرحلة بداية تعافي للبلاد المستهدفة، وأنه يمكن كمرحلة ثانية التفكير بأسواق أكثر استهلاكية، كالأسواق الأمريكية التي نتطلع إليها بعقد اتفاقية رسوم جمركية بين البلدين لمنحنا فرصة وأفضلية، وعوامل جذب للاستثمارات الخارجية بإنشاء معامل في سورية، والتصدير إلى أمريكا، أو حتى تصدير المنتجات الوطنية إلى أمريكا وغيرها، وهذا من الأمور المهمة جداً لنا.
برنامج وطني لدعم التصدير
وهنا يأتي دور هيئة تنمية الصادرات في دعم التصدير من خلال حقيبة ما، أو وضع ميزانية لدعم التصدير بنسبة مثلاً 50٪ أو 30٪ حسب السيولة المتوفرة لديهم مؤكداً أن دعم الصادرات ضمن برنامج وطني سواء من خلال الإعفاءات الضريبية على كل الصادرات، أو بإعفاءات تصاعدية في حال صدرت 20٪ من رقم عمل الصناعي يمكن إعطاؤه 20٪ وكل ذلك يشكل عامل دعم وتشجيع لقطاع التصدير كونها الشريان الأساسي للاقتصاد الوطني.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية