استقلّ السوري أسامة كبارة الطائرة في أول رحلة بين سوريا والسعودية منذ أكثر من عقد، ليحقق أمنيتين: أداء فريضة الحج ولقاء ابنه.
يقول هذا الرجل البالغ 70 عاماً، وقد بدا متأثراً بشكل واضح، وخصوصا أنه لم ير ابنه منذ العام 2015 “بالنسبة الي، إنها فرحة مضاعفة”.
وإذ يعد الحج فريضة على المسلمين لمرة واحدة على الأقل لمن يستطيع تحمّل الكلفة، فقد كان الأمر بالنسبة للسوريين الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة بعيد المنال لفترة طويلة.
وقطعت السعودية، على غرار دول خليجية أخرى، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفارتها في 2012، احتجاجاً على استخدام القوة في قمع احتجاجات شعبية اندلعت عام 2011 سرعان ما تحولت الى نزاع مدمر.
وطيلة السنوات الماضية، تعيّن على السوريين القاطنين في مناطق سيطرة الحكومة أن يتجهوا إلى لبنان، ومنه إلى السعودية مع وفود الحجاج اللبنانيين، فيما اعتاد الحجاج السوريون القاطنون خارج نطاق سيطرة دمشق السفر عبر تركيا.
وكونه مقيما في دمشق، تخلى أسامة كبارة عن فكرة زيارة الأماكن المقدسة وكذلك ابنه الأكبر ماهر الذي يعمل مهندس كمبيوتر في السعودية.
ومع اندلاع الحرب في سوريا وإغلاق السفارات وتعليق الرحلات التجارية بين البلدين، لم يتمكن ماهر أيضاً من العودة إلى وطنه.
ويقول ماهر كبارة (45 عاماً) لوكالة فرانس برس “توفيت والدتي بدون أن أتمكن من توديعها”.
في أيار/مايو 2023، وبعد سنوات من العزلة، عادت سوريا برئاسة بشار الأسد مجدداً إلى جامعة الدول العربية واستأنفت علاقاتها مع المملكة الغنية بالنفط.
وبعد بضعة أشهر، أعاد البلدان فتح بعثتيهما الدبلوماسيتين وأعلنا استئناف رحلات الحج من دمشق.
يقول ماهر كبارة “اتصلت بوالدي على الفور لأخبره أن عليه أن يفعل ذلك، وأن علينا أن نفعل ذلك معاً، والحمد لله أن الأمر نجح”.
وتقدم نحو 50 ألف شخص بطلبات أداء الحج إلى الحكومة السورية، لكن 17500 فقط تمكنوا من القيام بالرحلة التي طال انتظارها، بحسب بدر الدين منصور، مدير وكالة محلية متخصصة في الحج.
يقول منصور “”كان عليكم أن تروا الناس يبكون في المطار (…) كان الأمر غير عادي”.
– “شعور لا يوصف” –
اجتمع آل كبارة في المسجد الحرام بمكة المكرمة في لمّ شمل عاطفي.
يقول الابن “أن تكون في أقدس موقع على وجه الأرض وترى الشخص العزيز على قلبك، إنه شعور لا يوصف”.
آتية على متن الرحلة نفسها، تقول غادة الرفاعي إنها أرادت أيضاً استغلال موسم الحج لرؤية ابنها الذي يعيش في الدنمارك بعد أحد عشر عاماً من الفراق، لكنه لم يتمكن من تجهيز الأوراق اللازمة في الوقت المناسب.
بالنسبة لهذه المدرّسة المتقاعدة البالغة 60 عاماً، فإن أداء فريضة الحج “حلم أصبح حقيقة”.
وتضيف متنهّدة “انتظرت التوقف عن التدريس لأداء الحج، وحُرمت منه 13 عاماً”، مستذكرة أنها في دمشق كانت تبكي كل عام عند مشاهدتها اداء المناسك على شاشات التلفزيون.
وتوضح الرفاعي أنها عندما رأت الكعبة في شكل مباشر، بكت أيضاً، ولكن “بفرحة”، على قولها.
بالنسبة لهؤلاء الحجاج السوريين، فإن تحسّن العلاقات بين سوريا والمملكة السعودية هو مصدر أمل.
وتقول الرفاعي إن “المؤمنين الذين لم يتمكنوا من أداء فريضة الحج هذا العام يعلمون أن بإمكانهم المحاولة مرة أخرى العام المقبل”.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم