مالك صقور
قبل أكثر من ثلاثين عاما كتبت في جريدة الثورة في زاوية( معا على الطريق):أيها الرفيق: إنهم لا يشبعون.. وعرفت ان رسالتي وصلت، حين جاءني من يسألني:لمن أنت اشتكيت؟ ومن هم الذين لايشبعون؟قلت :انا لا اشتكي.. ولا أنق.. ولا اطلب.
هذه زاوية في جريدة ووصلت إلى من يهمه الأمر.. وذلك كان مجرد عرض حال، لاغير. ثم همست له.(….)بصراحة.،جاء همسي له مسكتاً..قال : طيب :من هم الذين لايشبعون؟؟!! قلت بصراحة مرة أخرى : لن أقول لك…
في تلك الأيام، كانت الدنيا بخير، ومع ذلك ، كنا نكتب بصراحة وشفافية ، ونتكلم بصوت عال ، وكان من يهمه الأمر يسمع ويستمع ويقرأ ويسأل عن الثغرات وعن النواقص، وعن السلبيات.. بدءاً من رغيف الخبز المغشوش ، أو نقص في وزن ربطة الخبز، إلى زيادة( نصف ليرة) على سعر أي مادة ، إلى حفر الشوارع ، إلى جشع الذين كنا نسميهم في ستينات القرن الماضي “صغار الكسبة”.. والذي تحول الواحد منهم هذه الأيام إلى (غول) لا يقنع ولا يشبع ولا ضمير يمنع ولا رقيب يردع. و المستهلك أصبح وغدا وأمسى الضحية التي لا حول ولا قوة له..
واليوم ، أقسم لكم، لا أعرف من يقرأ، ولا أعرف من يسمع ويستمع، ولا أعرف لمن أتوجه .. وانا كما قلت:
لا اشتكي. لا اطلب، لا أنق. ولكن معاناة الجيران هي معاناتي معاناة الطلاب هي معاناتي .. معاناة المواصلات المذلة بهذه الميكروباصات السرافيس هي معاناتي .. بالإضافة إلى تحمل ذل ومهانة الانحناء في الدخول والخروج، هذا، ماعدا نفسية السائق التي لا تطاق..
وأعود إلى حديث الساعة للغالبية العظمى من المواطنين بسبب ارتفاع الأسعار كل ساعة تقربيا. فارتفاع سعر البنزين ثم المازوت ثم ثم.. ثم… انعكس على كل شيئ.. وغدا كل شيئ يضع العقل بالكف. فهل يعقل أسعار السيارات؟؟؟!!!! حتى العتيقة منها المستهلكة… هل يعقل أسعار البيوت والعقارات!!؟؟ وهل يعقل أسعار إيجار غرفة؟؟!! والملاحظ الآن أن الناس فقدت شيئا مهما جدا في العلاقات الاجتماعية
غابت الشفقة.. والرحمة تلاشت.. والتعاون معدوم.. ومن المعيب القول:صارت الناس تنهش بعضها بعضاً..
والله أرحم الراحمين… وإنه شديد العقاب…
(خاص لموقع أخبار سورية الوطن-سيرياهوم نيوز)