آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » حذف الأصفار من الليرة .. قراءة في الأثر والجدوى في ضوء بعض التجارب الدولية والاصلاح الاقتصادي المطلوب

حذف الأصفار من الليرة .. قراءة في الأثر والجدوى في ضوء بعض التجارب الدولية والاصلاح الاقتصادي المطلوب

 

م.حسان نديم حسن

مع اتساع الحديث حول نية حذف الأصفار من العملة السورية تبرز الحاجة إلى مقاربة تقنية تتجاوز البعد النفسي أو الشكلي للعملة لتضع هذا الإجراء في سياقه الاقتصادي الحقيقي.
فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل يكفي تغيير الرقم المطبوع على الورقة النقدية لتغيير واقع التضخم وتراجع القوة الشرائية؟
إن حذف الأصفار ليس سياسة نقدية جديدة بقدر ما هو إجراء محاسبي يهدف إلى تبسيط الأرقام وتسهيل عمليات التداول والحسابات اليومية. في حالات التضخم المرتفع تلجأ الحكومات إلى مثل هذه الخطوة لتقليل عدد الأصفار في الفواتير والمعاملات المصرفية غير أن التجارب الدولية أظهرت أن هذا التغيير لن يترك أثراً جوهرياً على قيمة العملة ما لم يترافق مع إصلاح اقتصادي شامل يعالج جذور المشكلة. فالتضخم في جوهره ليس مجرد ظاهرة نقدية بل نتاج اختلال هيكلي بين العرض النقدي والإنتاج المحلي ما يجعل أي تعديل شكلي عاجزاً عن تغيير الواقع.
إلى جانب ذلك فإن عملية الحذف نفسها تحمل أعباء لوجستية ومالية كبيرة بدءًا من طباعة أوراق جديدة وتعديل البرمجيات والأنظمة المحاسبية وتدريب الكوادر وصولاً إلى تعديل أجهزة الصرافات وهي تكاليف إضافية ستقع على كاهل الخزينة العامة.
وتشير تجارب دولية عدة إلى أن النتيجة مرهونة بعمق الإصلاح المرافق ففي تركيا تم في عام 2005 حذف ستة أصفار بعد سنوات من ضبط العجز وتحقيق نمو في الصادرات فانعكس الإجراء إيجاباً .
و كذلك الأمر في البرازيل عام 1994 حيث ترافقت ولادة الريال الجديد مع خطة اقتصادية متكاملة مكنت البلاد من كبح التضخم وإعادة الثقة بالعملة.
أما في زيمبابوي عام 2009 فقد فشل الحذف فشلاً ذريعاً لأنه جرى دون إصلاح اقتصادي حقيقي فانتهت التجربة بانهيار العملة واللجوء إلى الدولار الأميركي كبديل.
بناءً على ذلك فالمشكلة لا تكمن في إعادة تصميم العملة بل في إعادة تصميم الاقتصاد نفسه و الحل الحقيقي اليوم هو رفع الطاقة الإنتاجية للقطاعات الإقتصادية المختلفة و ضبط الإنفاق العام وتخفيض العجز و بناء بيئة تشريعية وقضائية تستعيد ثقة المجتمع بالقطاع المصرفي.
عندها فقط يمكن لأي إجراء نقدي أن يكون خطوة داعمة ضمن مسار إصلاح إقتصادي متكامل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(موقع اخبار سوريا الوطن-2)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

شراكة إستراتيجية سورية سعودية.. استثمار وتنمية في الطريق

    في خطوة تعكس توجهاً إستراتيجياً نحو تكامل اقتصادي إقليمي، أنهت سوريا والسعودية جولةً من المحادثات المثمرة في الرياض أفضت إلى توقيع اتفاقية لحماية ...