لم تسفر اللقاءات التي أجراها رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في القاهرة، عن الوصول إلى رؤية ثلاثية مشتركة بين صالح والقاهرة والولايات المتحدة. الأخيرة دخل سفيرها لدى القاهرة على خط التفاهمات، وسط تفويض خليجي للقاهرة تعمل بموجبه على الوصول إلى اتفاق يخدم مصالح القوى السياسية التي دعمت المشير خليفه حفتر في السنوات الأخيرة.
ترغب واشنطن في تحويل منطقة سرت والجفرة إلى منطقة عازلة بشكل كامل بين قوات حفتر وقوات «الوفاق»، على أن يكون انسحاب المؤيدين المسلحين التابعين لقوات حفتر من المنطقة بشكل فوري وسريع وبلا شروط، من أجل ضمان استقرار الأوضاع بشكل رئيسي فيها واستمرار عملية تدفق النفط بشكل طبيعي مع ضمان عدم الدخول في أي مواجهات عسكرية.
وأبدت الولايات المتحدة دعماً لوجود قوات دولية في المنطقة من أجل المراقبة واتخاذ إجراءات حاسمة سياسياً واقتصادياً بحق من يبادر إلى الاعتداء أو التجاوز، على أن يتم نشر هذه القوات في خلال الأسابيع المقبلة، حال جرت الموافقة على وجودها في الأيام المقبلة، مع مراعاة ضرورة الحصول على موافقة من حكومة «الوفاق» وحفتر لتنفيذ هذه المبادرة كاملة من دون انتقاص أو تعديل فيها. ولا تشترط واشنطن موعداً محدداً لاستئناف المفاوضات السياسية أو إجراء الانتخابات، ولكن هذه التسوية المؤقتة يمكنها أن تشكل وضعاً قائماً حتى إشعار آخر، وهو ما لا تحبذه القاهرة بشكل فعلي نظراً إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه حتى إشعار آخر.
ترى القاهرة أن التنازل عن محور سرت الجفرة للقوات الدولية (المقترح مشاركة الولايات المتحدة وأوروبا فيها إلى جانب قوات عربية)، من دون خارطة طريق واضحة وضغوط حقيقية على «الوفاق» هزيمة مرحلية لا بد أن تأتي في أسوء الأحوال، وليس في الوضع الحالي، وهو ما دفعها إلى الضغط على صالح لرفض التصور الأميركي وطلب معالجته وفق ضوابط محددة تناسب ما يخدم جميع الأطراف.
ترغب مصر في الضغط على تركيا من أجل وقف دخول «المرتزقة» السوريين وعمليات نقلهم التي تم تكثيفها في الفترة الأخيرة، إضافة إلى سحب عدد ممن تم إرسالهم، مع مشاركة قوات من دول الجوار، حيث ثمة ترتيبات لأن تكون أوّل مهمة للجيش الجزائري خارج الحدود مرتبطة بالوجود في ليبيا بحسب التنسيق الجاري بين مصر والجزائر بشكل مباشر في الأسابيع الماضية، وهو ما يلقى ترحيباً من حفتر حتى اليوم.
يخشى حلفاء مصر الليبيون، سواء في الجيش أم في البرلمان، من فقدان السيطرة للأبد على منطقة سرت الجفرة عند وضع القوات الدولية، ولا سيما أن التصور الأميركي لا يقتصر على مدة محددة، ولكنه يدفع بالبلاد نحو المجهول. وبحسب مصدر مصري، يشبه الأمر بـ»الإدارة الغربية للموارد الليبية»، وهو ما ترفضه مصر والخليج بشكل قاطع، فالمقترح بإرسال قوات سيكون مرتبطاً بشكل أساسي بمرحلة مؤقتة تنتهي بإجراء انتخابات في ليبيا وتأليف حكومة وانتخاب رئيس ومجلس نواب جديد.
المؤكد أن النتيجة الوحيدة الآن هي التوافق المصري التركي على تجنب المواجهة المحتملة، مع توقف التحرك نحو محور سرت الجفرة من قوات «الوفاق»، واستقرار الأوضاع بالنسبة إلى قوات حفتر التي تعيد ترتيب قدراتها في الفترة الحالية، فيما توقّف إرسال الدعم العسكري العربي من مصر والخليج بعد تعزيزات مكثفة وصلت الاسابيع الماضية.
في المقابل، تتابع القاهرة التطورات الداخلية في حكومة «الوفاق» والأزمات الموجودة بداخلها لمحاولة استغلالها لصالحها بتنسيق مع عدة أطراف. تنسيق لم يسفر حتى اليوم عن نتائج ملموسة يمكن البناء عليها، في ظل ترقب ومتابعة لأي قرارات تركية مفاجئة قد تقلب المعادلة، وهو احتمال لا تستبعده مصر في أي وقت، واضعة سيناريوات عديدة للتعامل معه حال حدوثه.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)