سليمان خليل
يوماً بعد يوم ومن حين لآخر تنتشر الشائعات انتشار النار في الهشيم ، وتتطفل على الجسم كفيروسات تحاول السيطرة عليه واقتياده إلى أماكن مضللة رسمتها مسبقاً .
باتت صناعة الشائعات وترويجها جزء لا يتجزأ من الحروب النفسية طويلة المدى ، وهي بمجملها موجهة نحو تضليل الشعوب وتزييف الوعي وخلط الحقائق بالأكاذيب، أو إشاعة نصف الحقيقة بعد تغليفها بالأكاذيب في أغلب الأحيان؛ تحقيقاً لهدف خبيث يتمثل في تمكين الخوف والقلق بين المواطنين، من أجل تسميم الفكر وتقويض العزيمة.
يشكل توظيف سلاح الشائعات بكثافة في المجتمع بالاعتماد على استراتيجية إعلامية متكاملة؛ لمحاصرته باستخدام الوسائط التقليدية والجديدة، في حملات من الأباطيل، تزداد شراستها يومياً ، سعياً لتحقيق أهدافها الخبيثة وضرب أواصر المجتمع وتفتيت مقوماته وبنيانه ..
يستطيع أي متابع للشأن العام أن يرصد بسهولة الحجم الهائل من الشائعات – المخلوقة حديثاً وخصيصاً لغاية ما- ، والتي تنتشر يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي، ويجري توظيفها في صناعة الأخبار الزائفة التي تتولى الآلة الإعلامية غير المنضبطة أخذها وتبنيها في ساعاتها الإخبارية ونشرها باعتبارها حقائق ليتم تضليل المواطنين وإرباك المجتمع.
ورغم أن التعامل شعبياً وحكومياً مع هذه الحروب القذرة يحقق نجاحات عديدة، فإنه في ظل شراسة الهجمات واستمراريتها بكثافة يستدعي التصدي لها في إطار أشمل عبر استراتيجية وطنية متكاملة لمواجهة الأكاذيب والشائعات.
نرى ومن خلال المتابعة الإعلامية والاجتماعية ضرورة تعزيز منظومة التصدي للشائعات والأخبار الكاذبة التي تسيء للمجتمع وتضرّ بشكل متعمد بالاقتصاد، وأعتقد أن من بين أهم الأدوات وجود وحدات رصد مبكر لرصد الشائعات وبحثها، والرد عليها وتفنيدها في مهدها؛ حتى يتم وضع حد مبكر لانتشارها، وهذا الأمر يتطلب تفاعلاً وتشاركية من كافة الجهات الإعلامية الحكومية والخاصة والمجتمعية والمحلية والتصدي لها بسرعة وبمنطق مثبت ومحق ،
كذلك على الجهات المستهدفة ضرورة تقديم بيانات دقيقة ومعلومات موثقة لوسائل الإعلام، وعدم الاكتفاء بدور المتفرج الصامت أو التحفظ على المعلومات وعدم المصارحة والموضوعية والمصداقية والشفافية في التعامل مع المواقف، وإتاحة المعلومات الصحيحة من مصادرها الرسمية وعبر قنوات واضحة، وبالتالي السيطرة على تداول المعلومات المضللة وانتشارها، من خلال حقائق يجري عرضها بكل وضوح ومسؤولية .
الجانب الأخير هو أن المواطنين مطالبون بأن يتنبهوا ويتسلحوا بالوعي الذي لا غنى عنه وسط هذه المعارك الخبيثة التي تتربص بهم ، عدم مشاركة الأخبار المغلوطة مجهولة المصدر أو المشكك بها ،
دائماً استقاء المعلومات من المصادر الرسمية الموثوقة المعتمدة من الجهات ذات الاختصاص وذات الشأن الموثوق والمعروف بعيداً عن المعلومات التي تبنى لمصالح ولغايات مشبوهة..
الوعي سلاحٌ عظيم في مواجهة الشائعات ، لاتدعوها تسيطر على أفكاركم وتجعلكم وقوداً لها .. الوعي لكم ولأسركم وكل فرد في مجتمعنا هو الأهم في مواجهة هذه التحديات التي لاتفنى بل تتجدد بأشكال متنوعة وبوعيكم تردون عليها وتدفن في ظلامها ومقتها الذي ولدت منه .
(أخبار سوريا الوطن-1)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
