بعد طول أخذ وردّ، صوّت «مجلس الأمن الدولي»، فجر اليوم، على مشروع قرار قدّمته الولايات المتحدة، مدعومة بتأييد بعض الدول الإسلامية والعربية، لاعتماد خريطة الطريق التي طرحها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن قطاع غزة، والتي يتصدّرها بند إنشاء «قوة استقرار دولية». وكان سيطر التهديد باستخدام روسيا حق النقض «الفيتو» على أجواء التصويت، بعدما وزّعت بعثتها، قبل أيام، مشروع قرار مضاد يدعو «الأمم المتحدة» إلى تقديم اقتراحات بشأن تشكيل «القوة لغزة»، ويشطب أي إشارة إلى «مجلس السلام» الذي تقوده واشنطن. وفي ظلّ المخاوف من «الفيتو» الروسي، كثّفت البعثة الأميركية، في أثناء الأيام الأخيرة، تحرّكاتها الدبلوماسية لضمان دعم مشروع الولايات المتحدة، وأصدرت بياناً حذّرت فيه من أنّ «محاولات زرع الفتنة الآن لها عواقب وخيمة وملموسة على الفلسطينيين في غزة».
مع ذلك، رجّحت مصادر دبلوماسية في نيويورك، أن يُعتمد المشروع الأميركي، من دون لجوء روسيا والصين إلى استخدام «الفيتو» ضدّه، وإن امتنعتا عن التصويت عليه، فيما عبّر الدبلوماسيون الأميركيون عن «تفاؤلهم بأن يحظى القرار بتأييد جميع أعضاء المجلس». وكانت أعلنت ثماني دول عربية وإسلامية، هي مصر والسعودية وقطر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا، دعمها المشترك للمشروع الأميركي، وذلك عبر بيان مشترك مع الولايات المتحدة، جاء فيه أنّ هذه الدول تؤيّد النص «الذي صاغته واشنطن، بالتشاور مع أعضاء المجلس وشركائها في المنطقة»، باعتباره «يدعم خطة شاملة وتاريخية لإنهاء الصراع في غزة».
وجاءت المسوّدة الأميركية التي جرى التصويت عليها، في نحو 6 صفحات، متضمّنة ملحقاً يورد النقاط العشرين الخاصة بخطة ترامب، من دون أن تنصّ على أي آليات للمحاسبة أو تقارير دورية بشأن عمل «مجلس السلام» أو «قوة الاستقرار». كما يربط النص الأميركي، أي دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، بتنفيذ «برنامج إصلاحي على نحوٍ مُرضٍ»، ويشير إلى أنّه «بعد تنفيذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بإخلاص، قد تتهيّأ الظروف أخيراً لمسار موثوق نحو تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية». كما تعهّدت الولايات المتحدة بإطلاق حوار سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين «للتوصّل إلى أفق سياسي للتعايش السلمي والمزدهر».
لا ينصّ القرار على أي آليات للمحاسبة أو تقارير دورية بشأن عمل «مجلس السلام» أو «قوة الاستقرار»
كذلك، ينصّ مشروع القرار على أنّ «مجلس الأمن، يرحّب بإنشاء مجلس السلام بوصفه إدارة انتقالية ذات صفة قانونية دولية، من شأنها أن تضع الإطار وتنسّق التمويل لإعادة تطوير غزة، وفقاً للخطة الشاملة، وبما يتماشى مع المبادئ القانونية الدولية ذات الصلة، إلى أن تتمكّن السلطة الفلسطينية، من إتمام برنامجها الإصلاحي بنجاح». ويدعو المشروع أيضاً البنك الدولي والمؤسسات المالية إلى دعم إعادة إعمار غزة؛ كما يخوّل الدول الأعضاء في «مجلس السلام»، إدارة عملية الحوكمة الانتقالية، بما يشمل الإشراف على «لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية من الكفاءات المحلّية».
وفي السياق ذاته، يجيز القرار إنشاء «قوة استقرار دولية مؤقّتة» تنتشر في غزة بقيادة موحّدة يقبل بها «مجلس السلام»، على أن تسهم الدول الأعضاء فيها، بالتنسيق مع مصر وإسرائيل، وأن تتّخذ «جميع التدابير اللازمة» لتنفيذ ولايتها، بما في ذلك «استخدام القوة». ومن بين المهام الموكلة إلى تلك القوة: التنسيق مع إسرائيل ومصر، والتعاون مع قوات الشرطة الفلسطينية التي ستُعتمد لاحقاً، وضمان عملية نزع السلاح من غزة وتدمير البنى التحتية العسكرية، ومنع إعادة بنائها، إلى جانب حماية المدنيين وتسهيل العمليات الإنسانية. كما ينصّ القرار على أنّ انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة، سيكون مشروطاً بـ«استقرار الأوضاع الأمنية»، وبالاتفاق على «معايير زمنية» لعملية نزع السلاح، تُحدَّد بالتشاور بين «قوات الأمن الإسرائيلية وقوة الاستقرار والولايات المتحدة والجهات الضامنة».
ورغم تهافته، أثار بند إقامة الدولة الفلسطينية غضب الحكومة الإسرائيلية، التي أعلن رئيسها بنيامين نتنياهو، أنه «لم يُغيّر رأيه في رفض حلّ الدولتين»، فيما حرص مقرّبون منه على التأكيد أنّه «سيعمل حتى اللحظة الأخيرة على تعديل النص وشطب الإشارة إلى الدولة الفلسطينية»، وهو ما لم يحدث حتى ساعة متأخّرة من مساء أمس. وشدّد وزير الأمن، يسرائيل كاتس، بدوره، على أنّ «القوة الدولية يجب أن تكون فاعلة وتتمتّع بصلاحيات تنفيذية لنزع سلاح حماس»، قائلاً إنّ مهمّتها ستكون «نزع وتفكيك سلاح حماس في غزة القديمة»، أي خارج نطاق سيطرة الاحتلال. كما صعّد عدد من وزراء حكومة العدو لهجتهم ضدّ القرار، ومن بينهم وزير المالية المتطرّف، بتسلئيل سموتريتش، الذي اعتبر، في أثناء اجتماع كتلة حزبه، أنّ «خطة المسار نحو دولة فلسطينية لن تكون، فهذه دولة اليهود وستبقى». أمّا وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، فقد طالب بـ«تنفيذ اغتيالات ضدّ قادة السلطة الفلسطينية واعتقال أبو مازن»، متعهّداً بأنّه «سيتكفّل به في السجن» في حال استمرّت الاعترافات الدولية بـ«دولة فلسطين المخترعة».
وفيما رحّبت السلطة الفلسطينية بالمشروع الأميركي، وأعلنت وزارة الخارجية تأييدها له، رفضت الفصائل الفلسطينية مجمل المسار، وأصدرت مكاتبها في الجزائر التي تشغل حالياً مقعد العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن، بياناً دعت فيه الحكومة الجزائرية إلى اتخاذ موقف حازم تجاه «المساعي الجارية في أروقة الأمم المتحدة لتمرير مشروع القرار الأميركي، بشأن نشر قوات دولية في غزة».
أخبار سوريا الوطن١- الأخبار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
