يوسف فارس
غزة | أنذر سماح الاحتلال بدخول وفد «منظمة الصحة العالمية» لزيارة مستشفيي «العودة» و»كمال عدوان»، بأن ثمّة سلوكاً عدوانياً يلوح في أفق ساعات، وهو ما تحقّق بالفعل، للمرة الثانية على التوالي منذ بدء العملية البرية في شمال غزة. ففي المرة الأولى، اقتحمت الدبابات الإسرائيلية مستشفى «كمال عدوان» في مشروع بيت لاهيا، بينما كانت سيارات الوفود الدولية في طريقها إليه، وبعدما أفرغت المؤسسة حمولتها من الوقود والمستهلكات الطبية، عاود جيش العدو هجومه مع ساعات الفجر، واعتقل كامل الطاقم الطبي والمئات من الجرحى، ثم عاد ودمّر صهاريج الوقود وأحرق مستودع الأدوية الذي وصل حديثاً. ويوم أمس، وبعد برهة من مغادرة وفد «منظمة الصحة» المستشفى نفسه، دكّت دبابات العدو طابق مبيت الأطفال بقذائف المدفعية، واستهدفت بأخرى قسم الحضانة وخزانات المياه على سطح المستشفى، ما تسبّب بإصابة عدد من الأطفال.
وبالتزامن مع ما سبق، قصفت وسائط المدفعية والطائرات المُسيّرة سور مستشفى «الإندونيسي» ومحيط مستشفى «العودة» في حي تل الزعتر. وكان العدو قصف، فجر أمس، بغارة من طائرة حربية، الطريق الوحيد المؤدي إلى «العودة»، ليقطع بذلك فرصة عبور سيارات «منظمة الصحة العالمية»، ومغادرة سيارات الإسعاف من المستشفى المحاصر منذ 27 يوماً. على أن استهداف المؤسسات الطبية تجاوز المناطق المحاصرة في محافظة شمال القطاع، حيث تعمّدت طائرات «الكواد كابتر» إطلاق القنابل المتفجرة على عيادة حي الشيخ رضوان، والتي خُصصت للتطعيم ضد مرض شلل الأطفال، ما تسبب بحالة من الفوضى والهلع في صفوف الأطباء والأهالي، فضلاً عن إصابة أربعة أطفال بجروح متفاوتة.
سُجّل ارتقاء أكثر من 1200 شهيد منذ بدء العملية في شمال القطاع
وحوّل الهجوم المتكرر على القطاع الصحي، مستشفى «كمال عدوان»، وفق ما يقوله الدكتور حسام أبو صفية، وهو مدير المستشفى، إلى «مقابر»، حيث تزدحم الأقسام بالمئات من المرضى والمصابين، فيما لا يقوم على رعاية أكثر من 120 منهم سوى طبيب أطفال واحد غير متخصص، وعدد محدود من الممرضات، علماً أن معظم المصابين بحاجة إلى عمليات جراحية تخصصية. أما مستشفى «العودة» فليس في أحسن حال، إذ يزدحم هو الآخر بالجرحى، علماً أنه الوحيد الذي يقدّم خدمات الولادة في شمال القطاع، فيما قصف الاحتلال إحدى سياراته ومنعها من التحرك لإنقاذ المصابين. ويقول الدكتور محمد صالحة، من «العودة»، في حديثه إلى «الأخبار»: «نحن محاصرون بالنار والدبابات منذ 27 يوماً، الوقود شارف على النفاد، والمستهلكات الطبية نفدت، ولا يوجد لدينا طعام نقدّمه للطاقم الطبي والجرحى والمرضى (…) يأتي إلينا الجرحى مشياً على الأقدام أو محمولين على عربات تجرها الدواب، علماً أننا نفتقد أطباء التخصصات الجراحية المهمة، حيث لا يعمل لدينا سوى طبيب جراح واحد، وقد اعتقل الاحتلال طبيب العظام الوحيد في المستشفى، نحن نطالب العالم بوقف هذه الممارسات». يُذكر أن جيش الاحتلال تعمّد قصف المستشفى مرتين خلال العملية المستمرة شمالاً، وهو يتعمّد بشكل مستمر استهداف محيطه بقذائف المدفعية.
على أي حال، يريد الاحتلال من خلال هذه الممارسات، قتل كل عوامل البقاء والصمود لدى آلاف الأسر التي رفضت النزوح والتهجير. وبالفعل، انعكس الواقع الطبي السيئ، في زيادة أعداد الشهداء، حيث سُجّل ارتقاء أكثر من 1200 شهيد منذ بدء العملية، قضى عدد كبير منهم متأثّرين بجروح كان من الممكن معالجتها لو توفّر التدخل الطبي المناسب.
سيرياهوم نيوز١_الاخبار