ميخائيل عوض
عن اليوم التالي؛ قواعد تأسيسية.
اليوم التالي؛ هو جوهر حياة الانسان وبذله ونتاجه وغايته تحقيق وتامين حاجاته الروحية والمادية والارتقاء والتطور. فاليوم يسارع الرحيل ليزاحم سابقه الى زاوية النسيان. اما غدا يتحقق الامل وتشرق الشمس وينبسط الربيع.
اليوم التالي؛ هو ما صنعناه بالأمس وننجزه اليوم وليس بمجهول. بل يمكن رصده ومعرفته وما يبطنه. فان كان المستقبل ليس في مطال يدنا فهو بالضرورة في نطاق رؤيتنا.
اليوم التالي؛ هو الضابط والحافز للعمل والاجتهاد والانتاج فألامس قد انقضى وادى قسطه للعلى.
فالأمل باليوم التالي من يجمع البشر ويدفعهم للتفاعل الخلاق لتبادل المنافع وانتاج الحاجات.
الصح؛ اننا نعيش معا لأننا نامل بمستقبل واحد. ومن لا يؤمن بمستقبله بيننا فقد رحل او يستعد للرحيل. وليس صحيحا ان الامس وقبله هو سبب الاجتماع البشري وتشكيل الهويات الجمعية ووحدة المجتمعات.
فالأمم التي اشتغلت وتفاخرت واستحضرت الماضي بديلا عن الاشتغال بيومها لبناء مستقبلها اي اليوم التالي حكمت على نفسها بالتخلف والهلاك واستدرجت الماضي فجاءنا بهيئة داعش والنصرة والارهاب الاسود والمتوحش. اما الامم التي اشتغلت لليوم التالي فقد ابدعت وانتجت وسادت وتحكمت.
فاليوم التالي؛ هو مقصد البشر وناظم حياتهم ومحرك انتاجهم العقلي والعضلي وضابط تفاعلهم ووحدتهم وصراعاتهم، وهو غاية الوجود ومسار الارتقاء والتطور والتقدم.
وفي كل عمل يقدم عليه الانسان او الامم والجماعات يتنظرون الثمار في اليوم التالي، حيث ينضج الزرع للحصاد.
واليوم التالي؛ هو الحكم والفيصل بناتج الجهود والسعي بما في ذلك الاحداث الكبرى والابداعات والاختراعات والحروب.
والحروب بصفتها القابلات القانونية لتوليد الجديد من القديم تسأل عن اليوم التالي لوقف الحرب، ففيه يتقرر النصر والهزيمة والكلفة والجدوى .
حرب غزة اكتسبت بوقائعها ومساراتها وكلفتها وما استدرجته من حروب ومسارح اشتباكات وتدخلات خارجية وانتزعت لنفسها صفة حرب كبرى وواسعة ونوعية ومقررة بما سيكون في اليوم التالي ليس في غزة ومستقبلها وفي فلسطين وازمنتها الاتية بل في العرب والاقليم وفي العالم وما سينتج من قواعد وقوانين ناظمة للحياة بين البشر افراد وجماعات هويات وقارات ودول وامبراطوريات.
ماذا عن اليوم التالي؟؟
سؤال نوعي وكبير لابد من الاحاطة فيه.
وكل يوم تالي فيه ثلاث محركات محورية؛ الطرفان المتقابلان المحتربان او المتفاعلان والظرف الموضوعي الجارية فيه الاحداث. ولا يمكن معرفة ما سيكون في اليوم التالي الا بمعرفة واقعية ملموسة للعوامل الفواعل الثلاث.
سنبدأ البحث ونعمقه للإحاطة باليوم التالي لحرب غزة وندعو للحوار التفاعلي في معالجته لتوسيع واغناء النقاش ومن اجل التعود على الحوار في الاتي والمستقبل وليس في الماضي، وبقصد مسح سيناريوهات المستقبل للتفاعل معها بقصد الفعل لجعلها في صالحنا.
فالقائد؛ هو من يعرف ما صار بالأمس والجاري اليوم وما سيكون غدا ويسعى ليكون في صالحه.
…/ يتبع
(سيرياهوم نيوز ٣-الكاتب)