آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » حزب البعث العربي الاشتراكي والتجديدات المطروحة والمطلوبة

حزب البعث العربي الاشتراكي والتجديدات المطروحة والمطلوبة

عبد اللطيف شعبان

في هذا الشهر ( آذار ) من هذا العام نعيش أفراح الذكرى الواحدة والستين لثورة الثامن من آذار المجيدة التي نفذتها قيادات وجماهير حزب البعث العربي الاشتراكي، عام الثالثة والستين وتسعمائة وألف، هذا الحزب المشهود بحضوره الوطني منذ تأسيسه عام / 1947 / ومع قيام ثورته تألق دوره القائد والرائد قطريا وتوسع حضوره الفكري والتنظيمي في عدد من الدول العربية، وبين الجالية العربية في المغتربات، و على مستوى حركات التحرر العالمي، إذ هو نصير لها ومنتصر بها، ومشهود له بهذا الدور والحضور عربيا وإقليميا ودوليا ولا يضيره من أنكر ذلك جهلا أو تجاهلا، ومن هم قطعوا سبعينات العمر أدرى بحال ما كانت عليه سورية قبل ستينات ثورة البعث في الثامن آذار، وأدرى بالجديد الذي تحقق، ومن قطعوا الثلاثينات من العمر أدرى بما كانت به سورية من نعيم قلب الحرب العدوانية عليها في آذار / 2011 /، والجميع يدركون أن صمود سورية إثر هذه الحرب – التي مازالت مستمرة – ما كان ليتحقق لولا الانجازات التراكمية التي حققتها ثورة البعث خلال العقود الماضية على أكثر من صعيد، تلك الإنجازات التي مكنت من هذا الصمود المؤلم الآمل حتى تاريخه.
فحقيقة الأمر أن حزب البعث العربي الاشتراكي هو باني سورية الحديثة بلا منازع، وليس من السهل تعداد ما تحقق من إنجازات في ميادين شتى طيلة العقود الماضية، وعلى من يصُمَّ أذنيه عما يسمع، عليه أن يفتح عينيه ويتمعن بما يرى، أما إذا ارتأى صم أذنيه وإغماض عينيه فهذا شأنه، ولكن عليه ألا يغيب عن باله أنه ليس من حق الأصم أن ينكر صوت زخات المطر شتاء، وليس من حق الأعمى أن يقول لا شمس يسطع نورها في السماء صيفا،
فحزب البعث هو المسؤول عن كل ما سبق أن تحقق من إنجازات خلال العقود الماضية ، ولكن وبلا أي حرج فهو مسؤول بدوره عن بعض ما نعيشه هذه الأيام من إخفاقات، لأنه كان صاحب الدور القائد والرائد في الساحة السورية لثلاثة وستين سنة مضت وما زال، وفي ظل استمرار قيادة الحزب للدولة والمجتمع من المفترض أن يكون الحال أفضل مما نحن به، خاصة وأنه يظهر منه واقع الحال وآفاق المستقبل أن ما من قوة سياسية منظمة قادرة أن تكون البديل الأفضل، بدليل أن من طرحوا أنفسهم ليكونوا البديل قبل ثلاثة عشر عام – وبشراكة خلفية من بعض الجماعات المنظمة وعدد من المفكرين المستقلين – فشلوا فشلا ذريعا وأثبتوا أنهم أسوأ بكثير من السوء الذي ادَّعوا أنهم جاءوا ليحاربوه، وستبقى ممارساتهم المتنوعة والمتعددة الإيذاء والضرر، عار يتطاير منه الشرر الذي يلبسهم لعقود بل لقرون قادمة.
مشكورة الأحزاب الوطنية العشرة الجديدة التي تشكلت قبل أعوام بموجب ترخيص رسمي لها، ولكنها لم تستطع الحضور التنظيمي والتنفيذي في الساحة الوطنية كما كانت وكما كان متوخَّى منها، ومشكورة أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المعمرة التي تقف في صف حزب البعث منذ بداية سبعينات القرن الماضي وتعتبر نفسها رديفة له ولم تطرح نفسها بديلا عنه، وفي العقد الأخير من القرن الماضي قال على مسمعي أحد القياديين في حزب من أحزاب الجبهة لقائده الجبهوي الأعلى أثناء ترؤسه لاجتماع هام، أنا لا أرى حاجة لأن يوجد أمناء عامون لعدة أحزاب، وأقترح أن ننضوي جميعا تحت راية الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي لأن نهجه الوطني الرائد ينال رضانا جميعا، وقبل أعوام قليلة، قال قائد جبهوي آخر في اجتماع كبير لقيادة حزبه: “مع تقديري العالي لحزبنا ولبقية أحزاب الجبهة الوطنية الرديفة لحزب البعث، أرى أن حزب البعث هو الحزب الأكثر أهلية لتجاوز التردي الذي نعيشه، وهو الأكفأ لتحقيق عملية التجديد المطلوب الذي نرجوه وإصلاح حال البلاد والعباد مما نعيشه من قصور وتقصير وفساد، لأن ملايين أعضاء حزب البعث المنظمين هم الأكثر وجودا في الساحة الوطنية كميا ونوعيا، وبالتالي يتوفر فيهم عشرات ألاف من القيادات الكفوءة النزيهة المؤهلة لقيادة البلد، في حين أن الآلاف من المنظمين في كل حزب من أحزاب الجبهة لا يتوفر فيهم إلا المئات من القياديين الذين دورهم أكثر فاعلية عندما يكونوا جنبا إلى جنب مع التجديد الذي تنهجه القيادات البعثية، لا عندما يكونوا منفردين بأنفسهم.
نعم إن التجديد مطلوب في حزب البعث وهو حاجة ماسة، ولكن حبذا ألا يغيب عن رواد هذا التجديد حالاته الثلاثة الواجبة، والأولى هي الأكثر أهمية وتتمثل بتجديد الأداء الميداني لقياداته السياسية والإدارية في ساحات العمل الإنتاجية والخدمية بكل نزاهة وكفاءة عاليتين تحققان أفضل حالات إنتاج سلعي وخدمي مترافقا بالحث النظري بهذا الاتجاه في أكثر من ميدان عبر الاجتماعات الرسمية واللجان المعنية والمنتديات الثقافية والمنظمات الشعبية- على لسان جميع الكفاءات النزيهة على ساحة الوطن، لأن ضعف الأداء حينا بل وسوئه أحيانا هو السبب الرئيس في التردي المشكو منه.
والحالة الثانية الواجبة التجديد هي حالة الوعي الذي يتطلب من الجميع عدم السكوت عن الخطأ أو التستر على العيوب والنواقص إدراكا لخطورة ما نشهده من سوء والإشارة إليه بالأصابع العشرة بلا وجل ولا خجل من خلال ممارس الرقابة الميدانية.
والحالة الثالثة الواجبة التجديد هي التجديد الفكري الجاد باتجاه تجديد تجسيد الأفكار السليمة الواردة في أدبيات الحزب بدءا من مواد دستوره ومقررات كافة مؤتمراته القومية والقطرية ومقررات مؤتمرات المنظمات الشعبية، وما ورد من تطلعات وطنية في خطب ومقابلات القائد الخالد حافظ الأسد والقائد الرائد بشار الأسد، وتنفيذ العمل بها ميدانيا لا الاكتفاء يترديدها نظريا والإجلال والإكبار لمن يعملون باتجاه هذا التجديد المنشود في أوجهه الثلاثة.
والحذر كل الحذر من مروجي مفاهيم التجديد الفكري التي تدور في خلد البعض، باتجاه طرح العدول عن بعض الأساسات الفكرية للحزب، تحت عنوان متطلبات التعامل مع مستجدات الساحات العربية والإقليمية والدولية.
*عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

(خاص لموقع اخبار سورية الوطن-سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صواريخ نيسان

  رأي عامر محسن   «جون ميرشهايمر: من الضروري لإسرائيل أن تكون لها الهيمنة المطلقة في حالة التصعيد من أجل الحفاظ على الرّدع … لو ...