نبيه البرجي
اذا كان سلاح حزب الله مشكلتنا، ومن الطبيعي أن يكون، بقوته الضاربة مشكلتنا، ليس لأن الشيخ بيار الجميّل أطلق تلك النظرية العجيبة “قوة لبنان في ضعفه”، وانما لأننا في دولة قامت في ظروف ملتبسة، وتماهت مع التوازنات السياسية والطائفية الهشة، دون أن نتمثل بأي دولة حديثة، وقابلة للبقاء بالبنية السوسيولوجية والبنية الاستراتيجية، التي تحول دون سقوطها عند أي هزة داخلية، أو عند أي تحوّل اقليمي أو دولي…
هكذا شرّعت أبوابنا أمام بهلوانيات ياسر عرفات، وأمام دبابات آرييل شارون، وقبلاً شاهدنا جنود المارينز، وهم يختالون على شواطئنا وفي شوارعنا، خشية أن تصل تداعيات الانقلاب في العراق (1958) الى عقر دارنا .
من تلك الأبواب كان الدخول السوري (اذا تذكرتم قوات الردع العربية)، والدخول الايراني، والدخول الأميركي، وحتى الدخول التركي، قبل أن نرى المغول الجدد بالرايات السوداء، وبالأدمغة السوداء، يحتلون سفوح السلسلة الشرقية، ويقتلون جنودنا وضباطنا.
هل كان باستطاعة الدولة، بكل أبهتها،(كانعكاس لنظرية قوة لبنان في ضعفه)، التصدي لهؤلاء، وقد أعدوا العدة للاستيلاء على مرفأ طرابلس، ومن هناك الى جبيل وجونية وبيروت؟
ألم يكن بيننا ساسة، من طوائف مختلفة، حملوا علب الحلوى وحقائب النقود، الى أولئك البرابرة في جرود عرسال (تماماً مثلما حملوا أطباق الزهر لاستقبال الجنود “الاسرائيليين”)، اعتقاداً منهم أن تقويض النظام في سوريا، بات على قاب قوسين أو أدنى، لتقوم علاقات الأخوة بين قصر بعبدا وقصر الخلافة في دمشق؟
اذا كان سلاح المقاومة هو المشكلة . كثيرون من الشيعة يرون أن المشكلة الحقيقية في مشاركتها، وبعد الانجاز الأسطوري الذي حققته عام 2000، في العملية السياسية بادارة منظومة كرست هشاشة الدولة، كما غلبة الطوائف عليها، وهي من أوغلت الى ثقافة التفاهة في ثقافة الخراب وفي ثقافة الفساد …
واذا كانت لحزب الله مرجعيته الفقهية (أو الايديولوجية) والسياسية والمالية، أيّ من الأحزاب الأخرى ، بالنفقات الهائلة، دون مرجعية خارجية . واذا كان الحزب يوصف بالدولة داخل الدولة، أليس كل حزب طائفي وكل مؤسسة طائفية دولة داخل الدولة، ومع اعتبار أن لبنان تفوق على اليمن في انتشار السلاح بين مواطنيه؟
العيون الحمراء فقط على ترسانته العسكرية، دون أن ندرك أي دولة مجنونة على حدودنا، وقد اختبرناها حتى في شوارع بيروت، وفي أدائها النازي في الجنوب. مرة أخرى، ألم يقل مناحيم بيغن وآرييل شارون ان الغاية من عملية “سلامة الجنوب”ـ عام 2000 ـ تحطيم الآلة العسكرية لمنظمة التحرير؟ حدث ذلك، ورحل ياسر عرفات و”فدائييه” بالبواخر، كما صودرت حتى سكاكين المطبخ من منازل الفلسطينيين، لماذا بقيت “اسرائيل” على أرضنا 18 عاماً…؟
أيضاً لماذا تشكيل الميليشيات في المناطق المحتلة للتنكيل ولترويع الأهالي؟ ولماذا معتقل الخيام بوسائل التعذيب والقتل، وقد تفوق القيّمون عليه، وهم لبنانيون، ببربريتهم على كل برابرة التاريخ؟
استطراداً، هل سلاح حزب الله هو المشكلة الوحيدة في لائحة مشكلاتنا الخطرة ؟ الصراخ الطائفي، ومن قادة الأحزاب، الذي يدفع بالبلاد أكثر فأكثر الى حافة الدم. الكانتونات الفلسطينية التي تحولت بعض أحيائها الى كهوف لذلك النوع من حملة السواطير. السيناريو الذي أعدته جهات معنية بازالة لبنان، وبتغيير هويته الوطنية والدستورية، لتوطين أكثر من 2000000 نازح سوري.
وللعلم فقط، هناك من يحتجون عبر الشاشات على وجود أكثر من 3000 مخيم للنازحين، يعتبرون أن التوطين سيكون في اطار صفقة تمنح بعض الطوائف كانتونات، أو دويلات خاصة بها. ثم الدين العام الذي يضعنا بين براثن صندوق النقد الدولي، بدعوة الهياكل العظمية، الهياكل العظمية، فقط الى شد الأحزمة.
لا تغرّنكم المظاهر الفولكلورية خلال الصيف أو في الأعياد أو في مواسم الثلج. خبير اقتصادي يصف ذلك بـ “اقتصاد الفلافل”. ألا تحكمنا استراتيجية الفلافل؟
أيها السيد لودريان، النيران الطائفية بانتظاركَ. لن تحترق اصابعكَ فقط…
(سيرياهوم نيوز ١-الديار)