قال نائب الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية اليوم الاثنين لرويترز إن الجماعة مستعدة لاتخاذ إجراءات “بما في ذلك القوة” ضد عمليات التنقيب الإسرائيلية عن الغاز في المناطق البحرية المتنازع عليها بمجرد أن تعلن الحكومة اللبنانية انتهاك إسرائيل لحدود لبنان البحرية.
جاءت تصريحات الشيخ نعيم قاسم بعد يوم من وصول سفينة تديرها شركة إنرجيان، ومقرها لندن، قبالة الساحل لاستخراج الغاز لإسرائيل من حقل يدعى كاريش، تقول إسرائيل إنه جزء من المنطقة الاقتصادية الخالصة.
كان الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قد حذرا إسرائيل من أي “عمل عدواني” في المياه المتنازع عليها، حيث تأمل الدولتان في تطوير موارد الطاقة البحرية. وأثارت هذه التصريحات المخاوف من تصعيد عنيف حول السفينة. وقال حزب الله، الذي يمتلك ترسانة كبيرة من السلاح، إنه سيتحرك إذا اتهمت الحكومة اللبنانية إسرائيل رسميا بانتهاك الحقوق البحرية.
وقال الشيخ نعيم قاسم في مقابلة مع رويترز في مكتبه في الضاحية الجنوبية لبيروت “عندما تقول الدولة اللبنانية بأن الإسرائيلي يعتدي على مياهنا ويعتدي على نفطنا، نحن حاضرون أن نقوم بمساهمتنا في الضغط والردع واستخدام الوسائل المناسبة بما فيها القوة من أجل منع إسرائيل من أن تعتدي على مياهنا ونفطنا”.
وأضاف “المسألة الآن تتطلب قرار حاسما ورأيا حاسما من الدولة اللبنانية، هل هذه الباخرة تعمل في منطقة متنازع عليها أم لا؟ هل حسمت الدولة اللبنانية مسألة الحدود وخط التفاوض أم لا ؟”
ودعا قاسم الدولة إلى أن يكون لديها “حرارة أكثر وضغط أكثر” في مسألة ترسيم الحدود البحرية “إذا كان هناك انسداد في المفاوضات (غير المباشرة بوساطة أمريكية ينبغي) أن يعلنوا أن المفاوضات انسدت أو انتهت، لكن أن نبقى نترجى الأمريكيين وأن نبقى بانتظار أن يمنوا علينا بزيارة أو زيارتين ويقدموا اقتراحات غير واقعية ولا تنسجم مع حقوق لبنان، فهذا إضاعة للوقت”.
وردا على سؤال حول إعطاء الدولة اللبنانية مهلة قبل قيام حزب الله بأي عمل، قال قاسم “نحن لا نعطي مهلة للدولة اللبنانية، الدولة اللبنانية هي فوق الجميع وهي التي تحدد مسارها ونحن تحت سقف الدولة في مثل هذه القرارات، ولكن نشجع الدولة على الإسراع، ندعوها إلى وضع مهلة لنفسها لأنه لا يصح أن يبقى هذا الأمر معلقا ولا يعرف الناس إذا كان هناك إعتداء أو ليس هناك اعتداء أو إذا كانت هذه المنطقة متنازعا عليها أو ليس متنازعا عليها. ندعو الدولة اللبنانية لحسم أمرها بأسرع وقت ممكن … وبما أننا جزء من هذه الدولة سنعمل من خلال وجودنا وحضورنا أن ندفع باتجاه الإسراع لاتخاذ المواقف المناسبة”. وأضاف “قرار حزب الله واضح، عندما تقول الدولة بأن هذه المنطقة متنازع عليها واعتدت عليها إسرائيل سنرد. أما إذا لم تقل الدولة ذلك ولازالت في مرحلة البحث، هل هي متنازع عليها أم لا، هل دخلت السفينة إلى منطقة متنازع عليها أما لا، فسننتظر حتى يحسموا هذا الأمر ويتخذوا القرار، ما حدا أعلن إنه في منطقة متنازع عليها ودخلت السفينة إليها، ما حدا أعلن هيك، كل ما أعلنوه أنه نخشى أن يكونوا قد دخلوا ونتأكد من إمكانية وجود عدوان أم لا، هذا ما حصل”.
وبدأت الولايات المتحدة في الوساطة غير المباشرة بين الجانبين في عام 2000 لتسوية خلاف قديم يعطل التنقيب عن الطاقة في شرق المتوسط منذ فترة طويلة.
وفي أواخر مايو أيار الماضي أقرت الحكومة اللبنانية خطة التعافي الاقتصادي التي طال انتظارها على الرغم من اعتراضات وزراء حزب الله عليها.
ولمح قاسم إلى أنه سيتعين التفاوض على خطة جديدة بعد تشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي.
وخسر حزب الله وحلفاؤه الأغلبية البرلمانية لكنهم احتفظوا بمنصب رئيس البرلمان ونائبه.
وأبدى قاسم استعداد حزب الله “للتعاون مع كل الأطراف، مع المستقلين، مع الجدد، مع الكتل النيابية لتشكيل الحكومة سواء كانت حكومة وحدة وطنية أو حكومة فيها أوسع تمثيل ممكن لأنه لا يمكن إدارة البلد بدون هذا الشكل من الاتفاق ونحن حاضرون”.
وقال “أهم خطوة يجب أن نقدم عليها بأسرع وقت ممكن هي خطوة تشكيل الحكومة لأن البلد بلا حكومة سينهار نحو الأسوأ والخطوة الثانية إقرار خطة التعافي”.
ورفض التعليق على ما إذا كان حزب الله سيوافق على ولاية جديدة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أم أنه اقترح أسماء لخليفة الرئيس ميشال عون، الحليف الرئيسي لحزب الله الذي تنتهي ولايته في أواخر أكتوبر تشرين الأول.
وبشأن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لحل الأزمة المالية في البلاد قال قاسم “هناك نقاط نوافق عليها وهناك نقاط نختلف عليها والحكومة تتخذ القرارات. الأمر الآخر صحيح أن صندوق النقد الدولي لن يعطي أموالا كافية لحاجات البلد، لكن كل الدول وكل الاستثمارات تربط مجئيها إلى لبنان بصندوق النقد الدولي، أصبح هذا الاتفاق هو معبر إلزامي، نحن لا مانع لدينا بل نحن نقول أي خطة، أي معبر، أي مشروع يمكن أن يؤدي إلى تحريك عجلة الاقتصاد وتحريك الاستثمار والانتقال من هذه الحالة المتدهورة إلى حالة مستقرة نحن نوافق عليها، دائما النقاش بالتفاصيل وليس بالمبدأ”.
وتصاعد الأمر أمس الأحد عندما وصلت سفينة تديرها شركة إنرجيان، ومقرها لندن، قبالة الساحل لتطوير حقل غاز تقول إسرائيل إنه جزء من المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها لكن لبنان يقول إنه يقع داخل المياه المتنازع عليها.
وفي أول رد على الاتهامات اللبنانية، قالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار اليوم الاثنين “هذه (الرواية اللبنانية) بعيدة تماما عن الواقع”.
وفي وقت لاحق قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس إن الخلاف مع لبنان بشأن احتياطيات الغاز الطبيعي البحرية مسألة مدنية ستُحل دبلوماسيا بوساطة أمريكية.
وأضاف جانتس في تصريحات لكتلته البرلمانية نقلها التلفزيون “كل ما يتعلق بالنزاع سيتم حله في إطار المفاوضات بيننا وبين لبنان بوساطة الولايات المتحدة”.
وقال رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على تويتر إنه اتفق مع الرئيس اللبناني ميشال عون على دعوة الوسيط الأمريكي اموس هوكشتاين “للبحث في مسألة استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع حصول أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار الذي تعيشها المنطقة”.
وأضاف أن لبنان سيتواصل مع قوى كبرى والأمم المتحدة للتأكيد على موقفه، مشددا على أن أي أعمال حفر أو تنقيب إسرائيلية في المنطقة المتنازع عليها ستعد “استفزازا وعملا عدوانيا يهدد السلم والأمن الدوليين”.
وبدأت الولايات المتحدة التوسط في محادثات غير مباشرة في 2020 لحل المشكلة.
وقالت إنرجيان إن وحدة تخزين وتفريغ الإنتاج العائمة وصلت أمس الأحد إلى حقل كاريش الذي يبعد نحو 80 كيلومترا غربي مدينة حيفا في المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية الخالصة. وقالت الشركة إنها تعتزم بدء تشغيلها في الربع الثالث من العام.
وفي بيان صدر أمس الأحد، قالت الرئاسة اللبنانية إن البلاد أرسلت خطابا للأمم المتحدة في الأسابيع القليلة الماضية يوضح أن كاريش يقع داخل المنطقة المتنازع عليها.
وكانت جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران، والتي خاضت عدة حروب مع إسرائيل، قد حذرت إسرائيل في السابق من التنقيب في المنطقة المتنازع عليها حتى يحل النزاع وقالت إنها ستتخذ إجراء إذا حدث ذلك.
وقالت الحرار لمحطة إذاعة تل أبيب 103 إف.إم إنه لم يكن هناك أي تعد “على الإطلاق” من جانب إسرائيل.
وقالت الحرار ردا على سؤال عن احتمالات التصعيد “لسنا عند هذه المرحلة على الإطلاق. حقيقة، هذا هو الانفصال (بين الكلام والواقع) الذي يجعلني أعتقد أنهم لن يتخذوا أي إجراء”.
لكنها أضافت “إسرائيل تتخذ استعداداتها وأوصي بألا يحاول أحد مفاجأة إسرائيل”.
ولم يرد تعليق فوري من الولايات المتحدة.
وفي العام الماضي وسع لبنان المساحة التي يطالب بها بنحو 1400 كيلو متر مربع لتتسع بذلك المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل.
ولم يرد لبنان بعد على مقترح لم يكشف عنه قدمه المبعوث الأمريكي في وقت سابق من العام الجاري.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم