آخر الأخبار
الرئيسية » مختارات من الصحافة » حسني محلي: العمال الكردستاني حلّ نفسه.. هل انتهت القضية؟

حسني محلي: العمال الكردستاني حلّ نفسه.. هل انتهت القضية؟

عندما أعلن زعيم حزب الحركة القومية، دولت باخشالي، في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقبل مئة يوم من سقوط الأسد، عن مبادرته لمعالجة المشكلة الكردية ديمقراطياً، لم يكن أحد يتوقع أن تتطور الأحداث بهذه السرعة، إذ انتهت ببيان لحزب العمال الكردستاني أعلن فيه عن حلّ نفسه، وترك العمل المسلّح ضد تركيا والذي بدأ في آب/أغسطس 1984 أي بعد ست سنوات من تأسيس الحزب عام 1978.

الحزب الذي تحدث في بيانه عن تاريخ نضال الكرد ضد الدولة التركية بعد قيام الجمهورية عام 1932، ناشد البرلمان التركي لتحمّل مسؤولياته، والعمل والسعي من أجل حلّ ديمقراطي للقضية الكردية مع الاعتراف التام لزعيم الحزب عبد الله أوجلان بكامل الصلاحيات للتباحث مع الدولة التركية، بما في ذلك إعادة النظر ليس فقط في دستور 1924، الذي تجاهل حقوق الكرد، بل أيضاً في اتفاقية لوزان التي رسمت حدود الجمهورية التركية التي تأسست عام 1923.

ومع استمرار الرهان على جدية القرار واحتمالات الالتزام به من جانب الحزب والدولة التركية، ما زال الغموض يسيطر على مصير أوجلان الموجود في السجن منذ شباط/فبراير 1999، ومن المتوقع له أن يوضع قريباً تحت الإقامة الجبرية إلى أن يتم امتصاص غضب الشارع القومي التركي.

الرئيس إردوغان وكل المسؤولين الأتراك رحّبوا بقرار الحزب، وأكّدوا ضرورة أن يشمل وحدات حماية الشعب الكردية؛ باعتبارها الذراع السورية للعمال الكردستاني التركي.

في الوقت الذي يبدو فيه واضحاً أن الحزب، وبعد نضال دام 47 عاماً، قد حقق انتصاراً كبيراً، ليس فقط في تركيا التي اضطرت إلى الحوار معه، بل أيضاً في سوريا حيث أصبح كرد سوريا عنصراً مهماً في مجمل الحسابات الإقليمية والدولية بفضل الدعم الأميركي والأطلسي.

واكتسب هذا الدعم طابعاً مهماً مع أحاديث الاعتراف للكرد بحكم ذاتي أو فدرالي في سوريا الجديدة، والرهان على مستقبلها مطروح للنقاش، إقليمياً ودولياً، بعد تسليم السلطة في دمشق للمجموعات المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام، النصرة سابقاً، رغم أنها ما زالت مصنفة في لوائح الإرهاب الدولية.

ومن دون أن يمنع ذلك العواصم الغربية والعربية من الحوار والتعاون مع هذه القيادة الجديدة التي تريد لها واشنطن والعواصم الأوروبية أن تنضم إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، بعد أن أكّدت المعلومات الاتصالات المباشرة بين “تل أبيب” وكل من دمشق وأنقرة التي سبق لها أن هددت وتوعدت الرئيس حافظ الأسد بواسطة حسني مبارك باجتياح سوريا إذا لم تطرد عبد الله أوجلان، الذي اضطر إلى مغادرتها في ٩ أكتوبر/ تشرين الأول 1998.

وقامت المخابرات الأميركية والإسرائيلية بعد ذلك باختطافه من العاصمة الكينية نيروبي وتسليمه لتركيا في ١٥ شباط/ فبراير 1999. ومن دون أن يسهم ذلك في القضاء على الحزب الذي استمر في نضاله في شمال العراق وداخل تركيا، وبين الحين والحين في إيران، عبر ذراعه الإيرانية باجاك.

ونجح العمال الكردستاني في استغلال الفراغ السياسي والأمني شرق الفرات بعد ما يسمّى بـ”الربيع العربي” الذي أوصل سوريا إلى ما وصلت إليه بفضل التدخل التركي المباشر في مجمل تطوراتها، منذ البداية وإلى سقوط نظام الأسد.

وهو ما أشار إليه الرئيس ترامب أكثر من مرة عندما وصف الرئيس إردوغان بـ”الذكي والمحنك بعد أن نجح في إرسال رجاله ليسيطروا على دمشق “.

ومع التذكير بالدور الأميركي والفرنسي في جمع قائد قوات قسد، مظلوم عبدي، مع الرئيس أحمد الشرع الذي استقبله الرئيس ماكرون في باريس ودعاه إلى الاعتراف بحقوق الكرد شرق الفرات، جاء لقاء الرئيس ترامب مع أحمد الشرع ليضع أنقرة ومعها الرياض أمام تحديات جديدة سيضع ترامب شروطها قريباً.

وسيدفع كل ذلك الرئيس إردوغان إلى مزيد من التنسيق والتعاون مع الرئيس ترامب الذي سيلتقي به قريباً في البيت الأبيض، وسيناقش وإياه المعالجة النهائية للقضية الكردية إقليمياً مع الاعتراف لوحدات حماية الشعب، وهي الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني بالدور الرئيسي باعتبار أنها حليف واشنطن في حربها ضد “داعش”.

ودفع ذلك الرئيس ترامب في 20 أكتوبر / تشرين الأول 2019 ليكتب رسالته الشهيرة إلى الرئيس إردوغان، داعياً إياه “كي يكون عاقلاً ويجلس إلى طاولة المفاوضات مع مظلوم عبدي ومعالجة الوضع في شرق الفرات.

ودخلها الجيش التركي في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 كما دخل غرب الفرات في آب/ أغسطس 2016 لمحاربة المليشيات الكردية.

مع التذكير أن الجيش التركي قد توغّل خلال السنوات الأخيرة شمال العراق أيضاً بعمق يصل إلى 100 كم بحجة ملاحقة مسلّحي العمال الكردستاني التركي، ونسق هناك مع البشمركة الكردية الموالية لعائلة البرزاني التي انتقدها بيان العمال الكردستاني الأخير، واتهمها بعرقلة انعقاد المؤتمر الذي قرر حلّ الحزب ووقف العمل المسلح ضد تركيا ومن دون ترك السلاح، وهو ما تدعو إليه أنقرة باستمرار.

في الوقت الذي يستمر فيه تنسيق أنقرة مع حكام دمشق الجدد، ويعرف الجميع أنهم امتداد لـ”داعش” بعلاقاتهم السرية والعلنية المباشرة وغير المباشرة مع العواصم الغربية والإقليمية التي تتسابق في ما بينها للحصول على الحصة الأكبر في الكعكة السورية بكل تعقيداتها.

ويريد لها الرئيس ترامب المعروف بعقيدته الإنجيليّة، أي اليهودية الصهيونية، أن تساعده على إحكام سيطرته على المنطقة من خلال حكامها الذين يتسابقون في ما بينهم لإثبات ولائهم له. وهو، بدوره، لا يهمه سوى ضمان مصالح الكيان الصهيوني، ومهما قيل ويقال عن خلافه مع غطرسة نتنياهو ووقاحته في موضوع غزة التي دعا ترامب قبل أسابيع إلى طرد سكانها بالكامل .

وفي جميع الحالات، ومع انتظار النتائج العملية للقاء أحمد الشرع مع الرئيس ترامب وطلب منه الاعتراف بالكيان الصهيوني والرضوخ لمطالبه، فقد بات واضحاً أن الهدف الرئيسي من إسقاط نظام الأسد كان استبعاد دمشق من دورها التقليدي المقاوم لكل المشاريع الإمبريالية والصهيونية، وبات تطبيقها الآن سهلاً جداً في ظل حكم الإسلاميين بمختلف عقائدهم الدينية.

ويبدو أن ترامب يريد لهم أن يفتحوا أبواب العاصمة الأموية دمشق على مصراعيها أمام الصهاينة ليدخلوا منها، ويستعرضوا عضلاتهم أمام ضريح الكردي صلاح الدين الأيوبي، كما فعل ذلك الجنرال الفرنسي غورو عام 1920.

وربما لهذا السبب كانت باريس أول من استقبلت أحمد الشرع، كما أراد ترامب أن يكون إردوغان وريث الخلافة العثمانية، وخادم الحرمين الشريفين محمد بن سلمان شاهدين على قبول الشرع لكل مطالبه وشروطه، ليس فقط في ما يتعلق بالكيان الصهيوني بل مجمل قضايا المنطقة، وفي مقدمتها الكردية التي لها علاقة بسوريا والعراق وإيران وتركيا.

ودفع ذلك الرئيس إردوغان إلى الاستعجال في المصالحة مع العمال الكردستاني لكسبهم مع كرد سوريا إلى جانبه، وبالتالي ضمان وقوفهم إلى جانبه في مجمل سياساته المستقبلية حتى يبقى في السلطة إلى الأبد، بعد أن يتسنى له إبعاد الكرد عن المعارضة الشعبية التي لن تحقق أهدافها بسهولة طالما أن ترامب ومن معه في الغرب يدعمون إردوغان، ومن دون أن يدري أحد مقابل ماذا!

ويبقى الرهان في نهاية المطاف على حسابات واشنطن التكتيكية والاستراتيجية والخاصة بالمنطقة التي لا ولن يتردد ترامب في إعادة ترتيب أوراقها من جديد، وحتى إن تطلب ذلك منه التخلي عن الكرد في سوريا كما فعل أسلافه السابقون عندما تخلوا في الماضي، وأكثر من مرة عن كرد إيران والعراق وتركيا. “الميادين”

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

جيروزاليم بوست: “شبح هافانا عام 1959 يلوح في الأفق”.. هل يُشبه الشرع كاسترو؟

نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” مقالا لستيفن فلاتو بعنوان “محادثات ترامب مع سوريا تعكس احتضان الولايات المتحدة لفيدل كاسترو عام 1959”. يُقارن فلاتو بين التقارب الأمريكي ...