آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » حسن م. يوسف… صانع الأساطير في كل سطر

حسن م. يوسف… صانع الأساطير في كل سطر

 

الإعلامية مايا إبراهيم

في عالم الأدب السوري والعربي المعاصر، قليلون هم الكتّاب الذين يتركون بصمة دائمة وصوتًا فريدًا يميزهم عن غيرهم، وحسن م. يوسف واحد منهم. كاتب، قاص، وصانع دراما، جمع بين العمق الإنساني والسرد المبتكر، وصاغ شخصيات تبقى حيّة في ذاكرة القارئ والمشاهد على حد سواء. تجربته الممتدة على عقود تعكس شغفًا بالكلمة وقدرة نادرة على تحويل التفاصيل اليومية إلى نصوص تتجاوز الحكاية لتصبح تجربة إنسانية متكاملة.

خمس مجموعات قصصية أعيد إصدارها مؤخرًا من دار «ميتافيرس» في الشارقة—الآنسة صبحا، الساخر يخرس، قيامة عبد القهار عبد السميع، العريف غضبان، أب مستعار—تمثل خلاصة تجربة غنية في كتابة القصة القصيرة. تُظهر هذه الأعمال براعة يوسف في المزج بين الواقعية، السخرية الذكية، والعمق اللغوي والجمالي. في الساخر يخرس، تتجلى قدرته على تحويل السخرية والخرس إلى لغة مزدوجة: الأولى تعكس إبداعه، والثانية تكشف قسوة الواقع، ليخلق نصًا مشحونًا بالدلالة والفكر، يدعو القارئ للمشاركة في مغامرة سردية متعددة المستويات: المعنى، البنية، والشخصية.

ما يميز يوسف ليس مجرد إتقان الحكاية، بل القدرة على إعادة إنتاجها جمالياً، لتصبح القصة القصيرة مغامرة معرفية وفنية في آن واحد. شخصياته، من القبطان في الساخر يخرس إلى الشخصيات الريفية والحضرية في باقي المجموعات، تتحول إلى رموز إنسانية تعكس الصراعات الاجتماعية، القهر الطبقي، والوعي الوطني، ما يجعل القارئ يتعرف على حياة الإنسان البسيط بطريقة تبقى محفورة في الذاكرة.

تأثير يوسف يمتد أيضًا إلى عالم الدراما السورية، حيث ساهم في كتابة وإنتاج أعمال تركت أثرًا واضحًا في المشهد الثقافي. حواراته، بناء الشخصيات، والحبكات التي صاغها تظهر قدرة فائقة على إشراك المشاهد في التجربة، سواء عبر التشويق الدرامي أو العمق النفسي للشخصيات. هذا التداخل بين الأدب والدراما يعكس موهبة استثنائية، تجعل منه صوتًا أدبيًا متكاملًا، قادرًا على الوصول إلى جمهور واسع وتقديم تجربة فنية فريدة.

تجربة حسن م. يوسف الإبداعية تعكس وعيًا عميقًا بالواقع الاجتماعي والسياسي، وتؤكد أن التفاصيل المحلية يمكن أن تتحول إلى دلالات إنسانية وعالمية. أعماله ليست مجرد نصوص، بل وثائق فنية عن التجربة البشرية، تعكس رؤيته للعالم والإنسان، وتثبت أن موهبته استثنائية بكل معنى الكلمة.

قراءة أعماله في القصة أو الدراما تكشف عن قدرة فائقة على التجديد، على إعادة اكتشاف الحياة في كل سطر، وعلى صياغة نصوص تحمل بعدًا فلسفيًا وإنسانيًا وجماليًا في آن واحد. حسن م. يوسف ليس مجرد كاتب؛ إنه صانع أساطير حقيقية في كل سطر، وتجربته الإبداعية تبقى حيّة في ذاكرة الأدب السوري والعربي، ويستحق مكانه بين المبدعين العالميين .

 

(أخبار سوريا الوطن2-وكالة إنجاز الإخبارية)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“سورية آفاق المستقبل” في محاضرة للدكتور محمد حاج صالح بثقافي طرطوس

( سورية آفاق المستقبل… الحلم السوري) عنوان المحاضرة التي قدّمها الأديب الدكتور محمد حاج صالح مساء امس الأربعاء في صالة المركز الثقافي العربي بطرطوس ضمن ...