بقلم:معد عيسى
حرّكت فعاليات الموكب غير المسبوق لنقل 22 مومياء لملوك مصر القديمة من المتحف المصري في ميدان التحرير إلى موقعهم الجديد في المتحف القومي للحضارة المصرية مشاعر الغيرة الإيجابية لدى الكثير من المتابعين في الشارع السوري، فلا الحضارة المصرية أقدم وأعرق من الحضارات التي تعاقبت على سورية، ولا الأوابد والقلاع التي تركتها الحضارات المتعاقبة على مصر أغنى وأبقى مما تركته الحضارات المتعاقبة على سورية، ولكن القائمين على أوابد الحضارات المصرية اشتغلوا على موضوع الترويج الثقافي لغايات اقتصادية، فالموكب المتقن للمومياءات جعل كل من يفكر بالسياحة أن يضع مصر في رأس قائمة الدولة التي يرغب في زيارتها.
حصن سليمان في منطقة الدريكيش بطرطوس يفوق بتموضعه الطبيعي جمال أي موقع آخر، وتتحدث أوابده عن إعجاز في بناء سور يصل طول بعض حجارته إلى تسعة أمتار بارتفاع ثلاثة أمتار، الأمر الذي ساق روايات عن سبب تسمية الحصن باسم النبي سليمان الذي تقول الأساطير إنه كان يحاكي “الجن” وهي التي نقلت تلك الحجارة، لأنه يصعب على بشر نقل هذه الحجارة الغريبة عن المنطقة إلى هذه الجبال العالية والمعقدة التضاريس وعمارتها بهذه الطريقة، والأمر الخطير في كل ما سبق أن هذا الحصن لا يعرفه أغلب السوريين، وهو مهمل بشكل كبير، وهناك أمثلة على الحضارة المتجذرة في سورية من تدمر إلى قلعة حلب وبرادون وتل مرديخ ورأس شمرا وقلعة الحصن ومئات المواقع والقلاع المهملة أو التي لا ترقى خدماتها إلى مستوى لائق.
لم يكن الوضع قبل الأزمة أفضل مما هو عليه الأمر بالنسبة للاهتمام بهذه المواقع، وقد تكون الإشكالية بتبعية هذه المواقع لجهة معينة، ترى الأمر من جانب ثقافي وبشكل ضيق، ولم تنظر إليه يوماً بمنظور اقتصادي مستقطب لمختلف أنواع السياحة ومولدٍ للقطع الأجنبي ومروج لحضارة البلد.
ليس هناك ثروة في سورية أبقى من الحضارة، ثروة لا تنضب، ولن يقلل منها كل التدمير والنهب والسرقة التي تعرضت لها على يد الإرهاب، ولكن الإهمال المستمر سينال منها، وسيعطل على غيرها من القطاعات، حيث إن إعلان بعض المواقع أثرية وتركها للإهمال والتخريب عطل استثمارها وحرم جوارها حتى من تحسين تلك المواقع.
(سيرياهوم نيوز-الثورة6-4-2021)