| ناصر النجار
الثلاثاء, 06-07-2021
من جديد نعود لاستعراض أندية الدوري الممتاز لكرة القدم كحالة عامة للموسم الماضي وحالة افتراضية للموسم القادم، ومرورنا السريع اليوم كان على فريقي حطين والاتحاد وهما من الأندية العريقة في دورينا، فالحال الذي يعيشه الناديان اليوم في أسوأ أوضاعه على كل الصعد، ولابد من النهوض قبل فوات الأوان، ولابد من حلول مجدية لاستعادة البريق والنضوج.
وكان لابد من الوقوف عند بعض الفرق التي خيّب الدوري الممتاز آمالها فتعطلت كل أحلامها وضاع جهدها ومالها من دون أي فائدة تذكر، الحلول التي وجدناها مثالية لمثل هذه الحالات تبدأ بالاعتماد على الشباب ومواهب الأندية، فكرتنا تحتاج إلى دم جديد ينهض بكرتنا نحو آفاق أكثر تطوراً ونضارة، وإلى التفاصيل..
قبل أن يغرق الحوت
يمكن أن نعتبر أن الحوت سيسبح هذا الموسم بعيداً، هذا المنطق هو الذي يمكننا الإيمان به في الوقت الحالي، وخيراً فعلت القيادة الرياضية أنها شكلت إدارة نادي حطين منذ فترة أي قبل فترة كافية من انطلاقة الدوري، لكن ماذا ستفعل الإدارة الجديدة؟ وهل شعار حطين لن يسير وحيداً كافياً؟
كلنا يدرك وكما اعتدنا في السنوات السابقة أن الدخول في عمق المنافسات على لقب الدوري يحتاج إلى كتلة مالية كبيرة، وعندما وجدت هذه الكتلة في الموسمين الماضيين فشل حطين في المنافسة وإن كان ضمن الكبار، وهذا كله لا يقدم ولا يؤخر، فجمهور حطين يبحث عن البطولة وفريقه لم يتمكن من تحقيق ذلك.
فريق حطين اليوم خسر الكثير، وأهم الخسارات مجموعة لاعبيه المتميزين أمثال يوسف قلفا وحسين شعيب إلى الوحدة ووائل الرفاعي وأنس بوطة إلى الوثبة وأحمد الشمالي وعبد الملك عنيزان وشاهر الشاكر إلى الكرامة، وأحمد الأشقر إلى الحد البحريني وربما غادر غيرهم في الأسابيع القادمة.
الملاحظ أن كل المغادرين ليسوا من أبناء النادي، لذلك فإن الفرصة مواتية لإدارة نادي حطين للاعتماد على أبنائها، وأعتقد أنها فرصة ذهبية يجب أن تستغلها وألا تستجيب للاحتراف الأعمى الذي يبدد المال ويرهق صندوق النادي فضلاً عن حاجة النادي للاقتراض ومحاباة الداعمين والخضوع لأوامرهم وطلباتهم التي لا تنتهي.
فريق الشباب يضم الكثير من المواهب الواعدة وهناك العديد من اللاعبين أبناء النادي يمكنهم تشكيل فريق شاب بدم جديد يؤسس لكرة حطينية حقيقية لسنوات قادمة ستكون مشرقة ومزدهرة.
أتمنى من إدارة نادي حطين أن تبدأ هذه التجربة وأن تكون قدوة لغيرها من الأندية في صناعة كرة قدم حقيقية.
يمكن هنا أن يتحول نادي حطين في السنوات القادمة إلى ناد منتج للاعبين قادر على صناعة فريق قوي من أبناء النادي، وسيكون مصدراً للاعبين، وهي تجارة رابحة إن أحسن النادي استثمار لاعبيه بالشكل الصحيح، ولنا في اللاعبين أمثال (عمر خريبين) كيف رفدوا خزينة النادي بمئات الملايين، من وجهة نظري هذا هو الاحتراف الحقيقي، أن تقبض مليار ليرة من بيع اللاعبين لا أن تدفع ملياراً لشراء لاعبين لا تجني منهم أي بطولة.
ما حدث في الموسمين الماضيين يجب أن يكون عبرة لنادي حطين، وعلى جمهوره المحب أن يسير وراء ناديه في هذه الأزمة، وأن يطالب ببناء فريق واعد بعد أن أثبت أن الاحتراف الحالي المعوج ليس بالضرورة أن يكسبك لقباً أو بطولة.
علينا في هذا المجال مراعاة الأزمة المالية التي تتعرض لها أغلب الأندية مع عزوف الكثير من الرعاة عن الدعم كما ألمح إلى هذا الموضوع الحيوي بعض الأندية، لذلك لابد من التفكير بمنطق من خلال العمل وفق الإمكانات المتاحة وهو أفضل من أوهام وخيال لا يجر على النادي إلا الحسرة والندامة، وهذا الكلام الأخير ليس موجهاً إلى نادي حطين تحديداً، بل إلى كل الأندية قاطبة.
القلعة الحمراء
لعل الكلام السابق ينطبق على نادي الاتحاد الذي قدّم الموسم الماضي أسوأ مواسمه على الإطلاق إذا استثنينا موسماً أو موسمين أثناء الأزمة وكاد يهبط فيهما الفريق إلى الدرجة الثانية ولاشك أنهما كانا استثناء ولا يمكننا تصنيفهما أو اعتبارهما.
عندما تتحدث عن نادي الاتحاد تتحدث عن بطولات محلية لا حصر لها وعن بطولة الاتحاد الآسيوي، تتحدث عن نجوم طرزوا اسم الكرة السورية بحروف من ذهب.
أبناء الاتحاد عليهم أن ينسوا الموسم الماضي المملوء بالخسارات والخلافات وكثرة التبديلات والتدخلات، وعليهم أن يكونوا صفاً واحداً من أجل ناديهم وعودة الوفاق إلى هذه القلعة المحببة، لتعود أحد قلاع الكرة السورية المتينة التي تنجب المواهب والخامات وترفد المنتخبات بخيرة اللاعبين، من المفترض أن تكون إدارة النادي المعدلة بدأت عملها وسمعنا عن بعض التحركات بشأن اللاعبين وتعاقدت إدارة النادي مع مدرب كرواتي له تجربة وخبرة في الدوري القطري، ونأمل ألا يكون «كم» كالمدرب البرازيلي السابق، وألا يفتقد للتعاون كالتونسي اليعقوبي قبل موسمين.
بالمختصر المفيد نادي الاتحاد يجب أن يعتمد على أبنائه بكل شيء، وها هو فريق الشباب الذي حاز بطولة الدوري من دون أي خسارة يضم العديد من المواهب الواعدة واللاعبين القادرين على الوجود المشرف بالفريق الأول ولابد من فريق يضم نخبة من الشباب مع العديد من أبناء النادي القادرين على الوجود بفاعلية، وهذا أفضل من استقدام لاعبين لن يحدثوا الفارق المطلوب بالفريق ولن يضيفوا إليه أي شيء مفيد.
في الخلاصة يجب أن يعتمد نادي الاتحاد على أبنائه بالدرجة الأولى، ولابد من تكاتف نوعي بين أبناء النادي في سبيل التضامن وتوحيد الكلمة واستثمار كل الطاقات وهذا أفضل بكل المقاييس ونتائجه مضمونة.
دماء جديدة
الحديث عن ضخ دماء جديدة في الكرة السورية يقودنا إلى الحديث عن بعض الفرق التي تعثرت في الموسم الماضي سواء بالهبوط أو الصعود.
فعلى سبيل المثال فريق عفرين الصاعد حديثاً ستكون تجربته مع الدوري الممتاز شبيهة بتجربة نادي حرجلة من استقدام اللاعبين من هنا وهناك ودفع العقود والرواتب والأجور وستكون وجهته على الأغلب لاعبي حلب والبعض من الأندية الأخرى، لكن علينا أن نسأل إدارة النادي:
أين لاعبو ناديكم؟ المحصلة العامة لفريق عفرين في الدوري ستكون إما الهبوط أو النجاة، ولن يدخل أبواب المنافسة أو أمن الدوري وأمانه، وسيبقى حابساً لأنفاس جماهيره حتى النهاية وفوق ذلك سيدفع مئات الملايين بلا طائل، لأن كرة القدم ليست مركزاً سابعاً أو عاشراً، إنما هي بناء وهذا ما يجب أن تهتم له الأندية التي على شاكلة عفرين، لذلك لابد من الاعتماد على أبناء النادي وشبابه كحالة صحية يمكن البناء عليها للمستقبل.
فريق النواعير عاد إلى الدوري وهو يملك فريقاً شاباً ناضجاً كان متصدراً للدوري قبل أن يوقف بسبب كورونا قبل موسمين، هؤلاء الشبان يجب أن يكونوا عماد فريق النواعير لهذا الموسم وخصوصاً أن إشارات الاستغاثة تصدر من نادي النواعير عن سوء الأوضاع المالية.
الساحل والحرية الهابطان من المفترض أن يعيدا نظرتهما لكرة القدم، الساحل على سبيل المثال عانى من الهبوط في الموسمين الماضيين وكان ينجو في الأمتار الأخيرة على حساب ضعف من هبط، وفي كل مرة يتم تغيير أكثر من مدرب في سبيل النجاة، مع الاستعانة بالعديد من اللاعبين من خارج النادي في سبيل إثبات الوجود، لكن كل الحالات الإسعافية التي اتبعتها إدارة النادي لم تنجح وحققت الفشل الذريع الذي تمثّل بالهبوط إلى الدرجة الأولى، ما حدث في السنوات الأخيرة من المفترض أن يكون عبرة للإدارة الجديدة وخصوصاً أن فريق كرة القدم تأثر بالوضع المالي بشكل مباشر، وكان همّ الإدارة السابقة البحث عن المال من هناك وهناك لإيفاء التزاماتها تجاه الفريق والدوري، نؤكد أن بناء فريق كروي شاب سيكون الحل الأمثل وخصوصاً أن دوري الدرجة الأولى سيكون فرصة لهؤلاء اللاعبين للصقل واكتساب الخبرة.
الحرية يزيد عن الساحل بمسألة الخلافات الداخلية المتنامية بين أفراد الفريق التي لم تنته ونتمنى أن تنتهي، وزاد فيها مسألة الاختناقات المالية والتغييرات المتكررة للمدربين والتعاقد مع لاعبين لم يكونوا بمستوى طموح الفريق.
الحرية منبع ومفرخة للاعبين الشبان والمواهب وهذا ما نعرفه عن هذا النادي العريق، وكما اقترحنا على نادي الساحل نوجه الكلام إلى نادي الحرية لتأسيس فريق شاب من أبناء النادي وهو أفضل من تكرار تجربة المواسم السابقة التي لم تأت بأي فائدة على الفريق.
الدماء الشابة الجديدة يجب أن نجدها في دوري الدرجة الأولى، وخصوصاً أن أغلب هذه الأندية فقيرة الحال ولابد لها من الالتفاف حول النفقات والمصاريف بالاعتماد على الذات وأبناء النادي وشبانه، وهذه هي الخطوات الصحيحة الجادة للابتعاد عن الاحتراف المزيف الذي أرهق ميزانية كرة القدم والاعتماد على الذات والشباب كخير وسيلة نحو كرة قدم متفائلة.
(سيرياهوم نيوز-الوطن)