كتب د.المختار
هزّت عمليةُ طو.فانِ الأ.قصى أر.كانَ ا.لكيا.نِ الص.هيو.ني، محدثةً صدمةً في المنظو.ماتِ الأ.منيةِ وا.لعسكر.يةِ والسياسيةِ ووضعَت “إ.سر.ائيلَ” أمام واقعٍ جديدٍ لم تعهده من قبل، وزادَ من ذلك دخولُ الجبها.تِ الإقليميةِ في لبنانَ، والعراقِ، واليمنِ ساحةَ المعر.كةِ، ما أدّى إلى تحويلِ الصر.اعِ من الشكلِ المحلي إلى الشكلِ الإقليمي.
هذا التصعيدُ غيرُ المعهودِ أدى إلى تراجعِ المشر.وعِ الص.هيوني “الإ.سر.ائيلي”، الذي يعتمدُ في عقيد.تِه على التفوّ.قِ العسكري والدعمِ الدولي الواسعِ، والدعايةِ الإعلاميةِ المضللةِ، وأدى إلى سقوطِ بعض سردياتِه.
سقوطُ السرديةِ الأولى
تزعزَعت السرديةُ الص.هيونيةُ التقليديةُ القائمةُ على نظريةِ “أر.ضٍ بلا شعبٍ لشعبٍ بلا أرض” على وقعِ وصولِ صورِ الصمو.دِ والإصرارِ على التمسكِ بالأرضِ ومساهمةِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعي بنقلِ الحقيقةِ أنَّ هذه الأرضَ لها أصحابٌ يعتمدون الم.قا.ومةَ سبيلاً للد.فاعِ عن حقوقِهم لذلك أصبحَ العالمُ أكثرَ وعيًا بالحقائقِ التاريخيةِ وخاصةً جيلَ الشباب.
سقوطُ السرديةِ الثانية
أثبتَت الم.قا.ومةُ الفل.سطينيةُ واللبنانيةُ قدرتَها على زعزعةِ أمنِ “إ.سر.ائيلَ”، عبرَ الصمو.دِ لأكثر من عامٍ وضربِ المنظو.مةِ الد.فا.عيةِ، والتسببِ بنز.وحِ ا.لمستو.طنين من غلا.فِ غ.زّ.ةَ ومن الشمالِ الفل.سطيني. وتصاعدَ الشعورُ بعدمِ الأ.ما.نِ وهو ما أجهزَ على السرديةِ الثانيةِ بأنَّ “دولةَ ا.لكيا.نِ” “واحةُ الأ.مان والديمقراطية بمحيط عربي متو.حش.
كونَ هذا الصمو.دِ حصلَ في مو.اجهةِ الد.عمِ الدولي لهذا “ا.لكيا.نِ” بأعتى الأ.سلحةِ وا.لصو.ار.يخِ والقنا.بلِ ذات الوزنِ الثقيلِ التي لم تستخدم في العالمِ من قبلُ ودعمٍ مادي هائلٍ، وغطاءٍ سياسي عالمي اقصف وافعل ماتشاءُ بلا حسيبٍ أو رقيب وننتظرُ منك نصراً استراتيجياً حاسماً فإذا به يعجزُ عن نصرٍ تكتيكي صغير.
فلسانُ حالِهم “الدول الداعمة” يقولُ ماذا بعد وهل ستتهيأُ لكم فرصةٌ دوليةٌ سانحةٌ أكثرَ من ذلك وهل ستتاحُ لكم فرصةٌ زمنيةٌ يتمُّ فيها إسكاتُ العالمِ أجمع عنكم لأكثر من ذلك.
فلتأتِ ا.لمسيّر.ةُ التي ق.صفت غر.فةَ النو.مِ وتنسفُ كلَّ ذلك، وتصنع أهمَّ حدثٍ خلال السنواتِ السبعين الفائتةِ، كونها ها.جمت عاصمةً كان يُعدُّ الوصولُ إلى أهمِّ العواصمِ العالميةِ بنظرِهم ممكناً أكثر من الوصولِ إليها، فهذا اختر.اقٌ ليس أ.منياً فحسب بل استر.اتيجياً “لكيانٍ” أجمعت على حمايتِه وتحصينهِ كلُّ القوى العظمى في العالمِ،
فالمسيّرةُ لم تسقط اعتباطياً بل وصلَت لأدقِّ أدقِّ التفاصيلِ، فلا تستهينوا بدلالاتِ ذلك.
سقوطُ السرديةِ الثالثة
كشفَت أعمالُ الم.قا.ومةِ الفل.سطينيةِ زيفَ الد.عايةِ الص.هيو.نيةِ، وأدّت إلى تزايدِ الانتقاداتِ الدوليةِ متمثلةً بالمظا.هراتِ في المدنِ الكبرى العالميةِ مثل: نيويورك، ولندن، وباريس ومظا.هراتٍ عارمةٍ أخرى في معظمِ دولِ العالمِ منددةً با.لجر.ائمِ “الإ.سر.ائيليةِ” وبا.لإ.با.د.ةِ الجما.عيةِ في غ.زَّ.ةَ، وهو ما أدّى إلى سقوطِ السرديةِ الثالثةِ بأنَّ “دو.لةَ ا.لكيا.نِ” هي “واحةُ الديمقراطيةِ الوحيدةِ في الشرق” .
إنّ فشلَ “إ.سر.ائيلَ” في الحفاظِ على هذه السردياتِ الثلاثِ جعلها تخسرُ كثيراً من د.عمِ الر.أي العام العالمي الذي كانت تتمتعُ به على مدى سبعةِ عقودٍ مضَت، ذلك الد.عمُ الذي كان يستندُ إلى التضليلِ الإعلامي وهذا لاشكَّ سيكونُ له مفاعيلُه لعزلةِ “دو.لةِ ا.لكيا.ن”.
فكما فتحَت عمليةُ .7أكتو.بر فتحةً في ا.لجد.ارِ العا.زلِ عبرَ جرافةٍ واحدةٍ، فهي بذات الوقت فتحت ثغر.ةً في جد.ارِ نمطِ الصر.اعِ الذي كان سائداً في العقودِ السبعةِ الماضيةِ، ومن هنا يمكننا فهمُ أهميةِ أن تتوقفَ الحربُ ومازال هناك م.قا.ومةٌ في غ.زّ.ةَ، وفي ج.نو.بِ لبنانَ لأنه يعني الا.نتصارَ، وبالمقابلِ يجعلُنا نفهمُ استمرارَ الق.صفِ المسعورِ لتد.ميرِ كلِّ شيءٍ، هذا ا.لصمو.دُ هو ما سيؤسسُ لز.والِ الكيا.نِ على المدى المتوسطِ والطويلِ تدريجياً عبر الهجر.ةِ المعاكسة.
التحولاتُ التي نتجت عن سقوطِ السردياتِ السابقة.
— أولُ التحولاتِ الذي انبثقَ عن سقوطِ السردياتِ السابقةِ هو عدمُ قدرةِ “إ.سر.ائيلَ” على توحيدِ مكوناتِ مجتمعِها، وقد ظهرت انقساماتٌ داخليةٌ حادةٌ بين التيارين العلماني والديني، وستفاقمها إقالة غا.لنت، وقد كانت مقدماتُ هذا الصر.اعُ الد.اخلي بالأساسِ موجودةً قبل “طو.فا.نِ ا.لأ.قصى” بسببِ التعديلاتِ القضائيةِ التي بدأها نتن ياهو، وهذا الانقسامُ الداخلي مرشراً للتراجعِ.
— ثاني هذه التحولاتِ هو التحولُ الكبيرُ لدى جيلِ الشبابِ في الغربِ وبعضُهم يهو.د.ي، في النظرةِ للقضيةِ الفل.سطينيةِ فقد أكدَ أحدُ استطلا.عاتِ الر.أي في أمريكا بأنَّ 52% من الشبابِ يعتقدُ بأنَّ الحلَ بزوالِ “إ.سر.ائيلَ” وإقامةِ دولةٍ فل.سطينيةٍ على التر.ابِ الفل.سطيني، وهذا يعدُّ تحولًا كبيراً وجديداً تجاهَ د.عمِ الق.ضيةِ الفل.سطينيةِ على حسابِ المشروعِ الص.هيو.ني.
— التحولُ الثالثُ عدمُ قد.رةِ “إ.سر.ائيلَ” على تقديمِ نفسِها كملاذٍ آ.منٍ للي.هو.دِ بعدما أصبحت ا.لمسير.ا.تُ تصلُ إلى أماكنَ كانت محر.مةً سابقاً، وهذا يصيبُ مشر.وعَ ا.لهجر.ةِ في مقتلٍ، ويؤكدُ ذلك ما شاهدناه مؤخراً من ا.لهجر.ةِ المعاكسةِ إلى خارجِ “ا.لكيا.ن”.
— التحولُ الرابعُ هو تصاعدُ الأصواتِ المنتقدةِ “لإ.سر.ائيلَ” وللولاياتِ المتحدةِ، في أمريكا ودولِ الغربِ وهذا ما سيؤثرُ على الدعمِ الذي تحظى به “إ.سر.ائيلُ” على المدى الطويل.
كلُّ تلك التحولاتِ هي جديدةٌ ولم نكن نشهدُها من قبلُ وبحسبِ مسارِ حر.كاتِ ا.لتحر.رِ العا.لميةِ عبرَ التاريخِ فكلُّها سارت على مساراتٍ مشابهةٍ لما نراه وبالتالي من المنطقي أن نأخذَ منها مؤشراً على ا.نكسا.رِ المشروعِ ا.لصهيو.ني وتراجعِه تدريجياً.
بالمقابلِ ماهي المخاطرُ التي تسهمُ بعودةِ نهوضِ المشروعِ ا.لصهيو.ني.
— أولى تلك المخا.طرِ، المت.صهينو.ن العربُ كونهم أولَ المتضر.رين بسقوطِ ما كانوا يسوّقون له، فلم يعد الص.هيو.ني اليومَ هو الص.هيو.ني التقليدي الذي نعرفُه، بل أصبحَ الصه.يو.ني اليومَ يعيشُ بيننا ويأكلُ معنا ويصلي معنا ويبشرُنا با.لص.هيو.نيةِ، وبعضهم بات يعدُّها قد.راً لابد منه.
— وثاني تلك المخا.طرِ هو الإرادةُ الغربيةُ لأمتِنا العربيةِ أن تبقى مشر.ذمةً مقسمةً مختلفين بعضنا مع بعضٍ، والتآ.مرُ عليها التوافقُ على آلا تنهضَ، فهل نجدُ الآن دولتين عربيتين على وفاقٍ تامٍّ مع بعضهما…؟
و”الكيانُ” بالأساسِ أقيمَ من أجلِ ذلك.
— وثالث تلك المخا.طرِ الحر.بُ المعلنةُ على العربِ والعر.وبةِ لتسطيحِ العقولِ وشر.ذمةِ المجتمعِ العربي ونشرِ الشذ.و.ذِ والانحطاطِ للوصولِ إلى فرزِه إلى مجتمعاتٍ وشرائحَ:
— شريحةٌ لايعني لها الا.حتلا.لُ للأراضي العربيةِ أي شيء.
— وشريحةٌ أخرى تعدُّه قدراً لامفرَّ منه.
— وشريحةٌ تركبُ موجةَ الا.حتلا.لِ وتعتاشُ عليها كتجارِ الأزماتِ الذين يتبعون كلَّ ناعق.
— وشريحةٌ تتعاملُ بشكلٍ علني مع الا.حتلا.لِ من دونِ أي خجلٍ أو حياء.
أمامَ هذا الواقعِ المطلوبُ:
— تحصينُ الأ.منِ القو.مي العربي والتركيزُ على الشخصياتِ العروبيةِ والقو.ميةِ، واستمرارُ الم.قا.ومةِ في ا.لصمو.دِ وتعزيزِ قدراتِها، والعملُ دولياً على ترسيخِ التحولِ في الرأي العام العالمي ضدَّ “إ.سر.ائيل”.
— دعمُ الشرائحِ الوطنيةِ وتصليبُ موقفِها فهناك تفاوتٌ بين الشرائحِ الداعمةِ للم.قا.ومةِ:
– شريحةٌ تقا.تلُ على استحياء.
– وشريحةٌ تقا.تلُ بالكلامِ عبرَ إسداءِ النصائح.
– وشريحةٌ تقا.تلُ بالقلم.
– والشريحةُ التي تحملُ السلا.حَ.
نحن بحالةِ حر.بٍ ولنا حقو.قٌ مغ.تصبةٌ وفي أوقاتِ الحر.بِ كلُّ شيءٍ ممكنُ، وكلُّ شيءٍ غيرُ ممكنٍ، وسيبقى الصر.اعُ مستمراً بين الخيرِ والشرِّ إلى أن يرثَ اللهُ الأرض.
لكن لا بدَّ سيأتي يومٌ ينهارُ فيه المشر.وعُ الص.هيو.ني كما انهارَت المشاريعُ الا.ستعما.ريةُ الأخرى، فهذه حتميةٌ تاريخية…
(سيرياهوم نيوز1-صفحة الكاتب)