آخر الأخبار
الرئيسية » قضايا و تحقيقات » حق الفتاة بالميراث بين القانون والأعراف

حق الفتاة بالميراث بين القانون والأعراف

حسين صقر:

أضحت قضية توريث الفتيات موضوعاً شائكاً، ولاسيما في بعض المناطق أو لدى بعض الشرائح في المجتمع، وهو مايثير حفيظة الكثيرين بين قناعتهم بالتوريث وحسب النصوص الشرعية والقانونية، وبين القناعات الشخصية، مبررين بأن الأملاك سوف تؤول لابن البنت الذي قد تكون أحوال عائلة أبيه أفضل بكثير من والد الفتاة التي تزوجت وتريد حصتها.
و بعض الحالات التي أعطت الفتاة حقها في الميراث بغض النظر عما سبق، أصبحت نادرة ولكن يحتذى بها، لأن الشرع أقر لها ذلك، وهو بحد ذاته أمر إيجابي، تحصل من خلاله الأنثى على حقوقها من أموال والدها المتوفى، رغم التعقيدات الحتمية التي تفرضها الأعراف المحلية، والتي تحرمها أجزاء أو كامل حقها من تركات والدها.

*حالة نادرة..
ورغم أنّ هذه الظاهرة قلّت في ظل الظروف التي تعيشها البلاد، فإنها تعد منارة لفترة مقبلة متميزة يمكن أن تحصل فيها النساء على حقوقهن من الميراث دون الوقوع في فخ الإخوة الذكور الذين يتعمدون تقليل حصة الإناث من تركات والدهم، وعدم قدرتهن على تحصيل حقوقهن لأسباب متعددة، رغم وقوف القانون والشرع إلى جانب الأنثى حتى تحصيل كامل حقها من الميراث.

*خلافات عميقة..
ففي الآونة الأخيرة بدأت ظاهرة اجتماعية في الظهور على السطح بشكل مقلق وهي تأزم العلاقات بين الأخوة والأخوات، وهناك من الأخيرات من لا يردن الميراث ويفضلن التنازل على الحصول عليه، بينما نجد أخريات يتمسكن بكامل الحقوق، وعدم التنازل عن شبر أرض أو ليرة واحدة أو حصة في عقار أو سهم في سيارة مهما كلف ذلك، وهكذا يتطور الأمر والخلاف ليصبح بين الإخوة والأصهار وأبناء البنت والأبناء لتتفاقم الخلافات وتتطور أولاً بأول وتتوسع دائرة النار.
فالإخوة ليست علاقات صداقة كي تنهيها حين يغدر بك الصديق أو يخون، ولكنها علاقات متداخلة، لايمكن أن تنتهي عند شجرة وجدار وطريق وعقار وأرض، هي دم يجري في العروق ، لذلك حتى لو تجاهلت وجوده في حياتك فستصرخ كريات الدم في عروقك لتشعرك بالحنين إليه.

*بعيداً عن الشعر والرومانسية..

وبعيداً عن الكلام الذي لاطائل منه، هناك حقوق وواجبات يجب أن تحصل عليها الأخوات، وعلى الإخوة أن يؤدونها مهما كلف ذلك، وإذا سادت تلك الثقافة بين الناس، فكما يذهب من ملكية الأب للصهر، يأتي لولده من أنسبائه وهكذا تسود فكرة التوازن بالتوريث.

*حالات حصلت على الميراث..

وفي الوقت الذي سمعنا فيه عن حصول عدد لابأس به من الفتيات على الميراث بسهولة ويسر، هناك الكثير ممن ارتكبوا جرائم يندى لها الجبين ، نتيجة تمسك البعض بحصصهم وعدم التفريط بها وعدم قبولهم توريث أخواتهم، وكأن المال سوف يذهب مع هؤلاء إلى الحياة الآخرة.
الثورة التقت بعض السيدات اللواتي منهن من حصلت على ميراثها، والبعض الآخر لم ينل حتى مسكناً نظيفاً يليق بها كإنسانة بعد أن أوقع بها حظها العاثر إما العودة بعد زواج أو البقاء دون ذلك الزواج ومع كل أسف، من هؤلاء الذين حرموا أخواتهم أشخاص وجهاء ومتدينون، ويشاركون الناس في حل مشكلاتهم، والمشكلات تغمرهم.

*وفق الشرع والقانون..

ف. س ٤٠ عاماً قالت: إنّها حصلت على حقها الكامل من الميراث الذي تركه والدها بعد وفاته، دون اللجوء إلى المحكمة لحل الخلافات بينهما، حيث سيّر المحامي نقل الأملاك إلى المُلاك الجدد، وفقاً للأحكام القانونية والشرعية.
وأضافت: لم تصل خلافاتنا إلى مشكلات معقّدة، لكن حتماً سيحصل كل فرد على حقه الكامل وفق “للذكر مثل حظ الأنثيين” من أملاك والدي الذي توفي قبل عامين، مردفةً لم نحتج إلى محاكم بل على محكمين محليين من كبار السن في عائلتنا، إضافة إلى كاتب بالعدل، ومحام قانوني فقط لتقييم الممتلكات، ووفقاً لذلك تم التوزيع.

* لم أحصل حتى على سكن..

ووفق ما ذكرته “ص. ف” أنها لم تحصل على سكن يؤويها في تركة والدها بعد أن توفي والدها وهم صغار، وآل أمرهم جميعاً إلى أخيها الذي أنصف بناته، ولم ينصف أخته التي عادت أرملة بعد وفاة زوجها وزواج ابنتها، في الوقت الذي ضاعت أيضاً أكثر حقوقها في منزل زوجها المتوفى، وأردفت الغريب في الأمر أن أخي رجل كبير في السن وعركته الحياة، ومنزله مقصد لحل المشكلات الأهلية والاجتماعية، وأستغرب من المجتمع حين يلجأ للقضاء عنده، في الوقت الذي حرمنا أدنى حقوقنا.
* س. م قالت: حصلت على ثلث حقي في الميراث قبل سنوات، إلا أنني لم أستطع خلال تلك الفترة المطالبة بحقي بسبب المحيط الاجتماعي الذي فرض عليَّ القبول بما يمنحه أشقائي لي من ميراث والدي، إضافة إلى ذلك خوفي من خسارتي لإخوتي، لكن يبقى الرمد أفضل من العمى.

* توزيع خلال الحياة..
مقابل تلك الحالات، يلجأ بعض الآباء إلى توزيع الميراث في حياتهم، بمعنى قبل وفاتهم خشية وقوع خلافات بين أفراد الأسرة، وذلك عن طريق القانون أو محكم يُعطي لكل شخص ذكرا أو أنثى حقه الكامل من أملاك الوالد الذي مايزال على قيد الحياة، وينقل الأملاك إلى ورثته في السجلات العقارية، لضمان حق أفراد عائلته.

* لو كل شخص يورث لما حصل خلافات.
وتعدّ قضايا الميراث من أكثر القضايا تعقيداً في الكثير من المجتمعات، لما فيها من تشديدات اجتماعية، إلا أنه من النادر ما تصل إلى المحاكم، ماخلا البعض ممن يريدون التمسك بممتلكاتهم حتى آخر نفس، في الوقت ذاته، فإن العديد من العائلات تُعطي الإناث، أقل من نصف حقها في الميراث، وفقاً لمبررات متعددة لا تمنعها من المطالبة بحقها من الميراث لاعتقادات سائدة.

* عوامل مؤثرة..

من جهتها أكدت “ك.م” ان خلافات توزيع الميراث تصل إلى طرق مسدودة عندما يصر أحد أفراد العائلة الذكور حرمان الإناث من حقهن في الميراث، وترتبط أسباب ضياع هذا الحق ارتباطاً وثيقاً بالواقع الثقافي والديني لدى العائلات المقيمة في البيئة التي يحصل فيها ذاك الخلاف، حيث عامل الثقافة والتعليم في العائلة يدفع بعملية توزيع الميراث بشكلها الصحيح، بينما العائلات المهمّشة ثقافياً يضيع فيها حق الإناث من تركات والدهم بعد وفاته.

* عادات مجتمعية..
وفي هذا السياق قال المحامي “حسين كمال الدين”: إن أسباب حرمان الأنثى من الميراث ترجع إلى عادات مجتمعية سائدة تقول: إن الذكور هم مَن يجمعون الثروة ولا يسمحون بذهاب الميراث إلى شخص غريب عن الأسرة لأنهم يعتبرون الميراث سيذهب إلى زوج ابنتهم، وهذا يسود مع انتشار الجهل في بعض المناطق و القرى والبلدات، إضافةً إلى أنّ المورث يُسجّل خلال حياته أملاكه باسم أبنائه الذكور، ما يحرم الأنثى من المطالبة أو الحصول حتى على جزء بسيط من ميراثها.
وأضاف: حق الأنثى مصون في القانون، ولها أن تتمسك به وإن لم تحصل عليه يمكنها اللجوء إلى القضاء للحصول على حقها في الميراث، لكن قد تضطر المرأة إلى التنازل عن حقها في الميراث أو عن جزء منه بإرادتها، لأنها تشعر أن تمسّكها بحقها في الميراث سيتسبّب بقطيعة بينها وبين أشقائها والذين تعتبرهم سنداً لها في حال فشلت حياتها الزوجية.

*افتقار التوعية القانونية..

من جهتها قالت القاضي الشرعي “فاطمة قبلان”: لا شك أنه يوجد ظلم في بعض المجتمعات على اختلاف أماكنها وانتماءاتها، ويعود ذلك إلى تدني الثقافة العلمية والدينية وافتقار التوعية القانونية لدى العائلات التي تحرم إناثها من الميراث.
وأضافت: الميراث حق إلهي فرضته الشرائع السماوية للأنثى كما فرضه للذكر، وبالتالي فحرمانها منه هو تعدٍّ سافر على حق من حقوقها، وإن استغلال عاطفتها للتنازل عن حقها أو جزء منه قد يُحدث غصة في داخلها حتى ولو تنازلت علناً، لأنها ضعيفة و عدم حصولها على حقها سيجعلها مستكينة خائفة.

* حق مكتسب..

بالنتيجة إذا عرف كل شخص ماله وماعليه وعرف حقوقه وواجباته ، لما وصلت الخلافات إلى حدود لاتطاق، والقضية تحتاج إلى جرأة وخروج عن المألوف والمعروف، حتى يكون ذلك الشخص قدوة لغيره، ولاسيما أن هذا الموضوع شائك ويستحق البحث الكثير.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قلق إسرائيلي من قرار “الجنائية الدولية”: تفاصيل الاتهامات سرية وتُعرّض المسؤولين لخطر الاعتقال

صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية تشير إلى أنّ المسؤولين الإسرائيليين يشعرون بالقلق بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، ولاسيما أنّ تفاصل ...