وبينما أنت منهمك في اختيار ما ترغب من خضر أو فاكهة في الأسواق الدمشقية، تتعالى أصوات الباعة لتردد نداء شعبياً طريفاً “خاين يا طرخون”، إلا أن هذا الوصف ليس سوى حكاية عن قدرته الفائقة على الانتشار والنمو في أماكن غير متوقعة، فبينما تزرعه في حديقة منزلك قد ينمو عند أحد جيرانك، ورغم خيانته؛ إلا أنه ليس سوى كنزٍ متعدد الأوجه، حيث يستخدم في كثير من الأطباق السورية والعالمية وفي علاجات متعددة وفي التجميل، كل ذلك جعله جزءاً لا يتجزأ من المطبخ الشامي والطب البديل.
منشأ الطرخون
يعتبر الطرخون، ووفق رأي خبير الأعشاب عبد العزيز العلي من خلال حديث مع “الحرية”، من الفصيلة النجمية، ويعرف بأوراقه الخضراء الطويلة والملساء، ويصل ارتفاعه إلى متر ونصف أحياناً، ورغم أن موطنه الأصلي قارة أوروبا، إلا أنه أصبح شائع الاستعمال في بلاد الشام، ويباع في الأسواق على شكل باقات صغيرة، تماماً كالنعناع وغيره.
ويزرع الطرخون في سوريا في المناطق ذات الأجواء المعتدلة، وينتشر برياً بكثرة في المناطق الزراعية المحيطة بالمدن الكبرى كدمشق، كما يزرع بسهولة في الحدائق المنزلية في مختلف المحافظات.
من المطبخ إلى الصيدلية الخضراء
لا يكتمل طبق اللحوم أو الصلصات الشهية من دون لمسة سحرية من أوراقه العطرية، هذا ما بينه العلي، حيث يضفي نكهة مميزة على الدجاج المشوي والشوربات، والشاكرية والكبة باللبن والخضراوات.
ولا يتوقف تأثير الطرخون عند المطبخ ويتجاوز كونه مجرد توابل، بل يمتد ليلامس عالم الجمال، بالإضافة لاستخدامه كمزيل تعرق طبيعي، كما يدخل في تركيب بعض المستحضرات التجميلية؛ فهو صيدلية خضراء بحد ذاته.
صيدلية مصغرة
وهنا أوضح العلي أن الطرخون أو “عشبة التنين” صيدلية طبيعية مصغرة، فمن خصائصه البارزة قدرته على تهدئة الجهاز الهضمي، حيث يسهم في تخفيف الغثيان وتحسين الشهية، ما يعزز عملية الهضم لتصبح سلسة، ولا يقتصر عطاؤه على ذلك، بل يمتد ليشمل تسكين الآلام، فيعد بلسماً طبيعياً للصداع وآلام الأسنان والعضلات، كما يعرف بدوره في تحسين جودة النوم، وتنظيم مستويات السكر في الدم، ودعم صحة القلب والدورة الدموية، ويسهم في الوقاية من تخثر الدم، وللمرأة، يقدم الطرخون دعماً في تنظيم الدورة الشهرية وتخفيف الآلام، كما يعتبر مخزناً غنياً بالفيتامينات (خاصة C و A) والألياف والبروتينات، بالإضافة لاحتوائه إلى سعرات حرارية ودهون صحية، كما يسهم في علاج أمراض المفاصل والروماتيزم، وهو مطهر ومنشط للمعدة والأمعاء من البكتيريا، ويساعد على فتح الشهية لمن يعانون من فقدانها، كما ينشط الدماغ والجهاز الهضمي والعصبي، وهو محارب للسموم والميكروبات، حيث تحسن الزيوت المستخلصة منه الدورة الدموية، وتمنع تراكم السموم في الجسم، كما يحارب الميكروبات المسببة للروائح الكريهة، وهو قاتل للديدان المعوية، ويستخدم في الأرياف والأماكن النائية في علاج لسعات الأفاعي والحشرات السامة.
سهولة الزراعة المنزلية
ولمحبي الزراعة المنزلية، يعد الطرخون صديقاً سهلاً للحديقة، كما عبر العلي، كونه ينمو بسهولة من خلال البذور أو العقل أو الشتلات، فيزرع في أي تربة متاحة، إلا أنه يفضّل الأجواء المعتدلة، ويمكن زراعته في الخريف، وبعد مرور 60 يوماً يمكن قطفه.
تناوله…. ولكن انتبه!؟
لكن، وكأي كنز طبيعي، يأتي الطرخون مع بعض التحذيرات المهمة، حسب رأي العلي، فيجب الحذر من تناوله عند المرأة الحامل والمرضعة، لاحتوائه على مركب “الإستراغول” الذي قد يؤثر في الرحم، كما يؤثر في ضغط الدم ويتداخل مع أدوية الضغط (كمدر للبول)، هذا ويزيد تناوله من خطر النزيف لتأثيره المميع للدم، ويجب الحذر أيضاً لمرضى الكبد ولمن لديهم حساسية لنباتات الفصيلة النجمية.
وختم العلي بأن الطرخون آمن كبهار لكن بكميات (معتدلة)، أما تناوله بكميات كبيرة كمكملات أو كزيوت مركزة، فهنا لا بد من استشارة خبير مختص.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية