زياد غصن
من المتوقع أن يتم قريباً تكليف شخصية ما بتشكيل الحكومة الخامسة في زمن الحرب…
إجراء لابد منه دستورياً، إلا أن تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وسوء إدارة ملف مواجهة فيروس كورونا وما نجم عنه من مخاطر صحية كبيرة، يجعلان من التغيير الحكومي فرصة الأمل لدى شريحة شعبية، تعتبر أن تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية عن كاهل السوريين أولوية تتقدم على ما سواها…
لذلك فالتغيير الحكومي هذه المرة يجب أن يتعدى مسألة تغيير الوجوه، وإلا فإن المشكلة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ستتعمق أكثر فأكثر…
وهذا ينطبق حتى على الوزراء، الذين سيحظون في التشكيلة الجديدة المرتقبة بفرصة ثانية أو ثالثة أو أكثر… ولأسباب مختلفة.
ما ينتظر تغييره كثير، يبدأ بمعايير اختيار الوزراء ولا يتوقف عند ضرورة إجراء تعديل جذري في طريقة عمل وتفكير الحكومة الجديدة ونهجها…
ففي المسألة الأولى يعول هذه المرة أن تكون الخيارات متأنية ومدروسة وفق اعتبارات جديدة، تأخذ بعين الاعتبار الحسابات السياسية والجغرافية وغيرها، إلا أن ذلك يجب ألا يتقدم على الثلاثية الشهيرة… ألا وهي الكفاءة والخبرة والنزاهة.
وإذا ما تحقق ذلك، فإن الحكومة الجديدة ستتحول فعلاً إلى “مضخة” كبيرة لإنتاج الأمل..
أما المسألة الثانية المتعلقة بالتغيير على مستوى عمل وتفكير الحكومة بمؤسساتها وأجهزتها المختلفة، فهي باعتقادي المهمة الشاقة في ظل مناخ الفساد والمحسوبيات والتفكير الإداري المغرق في البيروقراطية والتخلف… والأمثلة كثيرة جداً ليس آخرها طوابير المواطنين المتشكلة بفعل القرارات غير المتبصرة والجاهلة بعلم الإدارة.
هناك عدة اشتراطات لتحقيق نقلة نوعية في تفكير الحكومة المرتقبة وأدائها، منها على سبيل المثال ما يلي:
-اعتراف الحكومة الجديدة بصعوبة الأوضاع الحالية والتعامل معها بشفافية وموضوعية، بعيداً عن أسلوب التبرير والحجج الواهية والبيانات المشكوك بصحتها.
-تخلي الوزراء عن “عقلية الموظف” التي كانت ولا زالت تحكم عمل جميع الإدارات العليا في الدولة. وعقلية الموظف التي نقصد هي التي تجعل من الوزير أسيراً لبيئة العمل المتوارثة في وزارته، خاضعاً لفريق عمله ومصالحه، متردداً في اتخاذ قرارات كبرى…إلخ، بينما البلاد تحتاج اليوم إلى رجال دولة حقيقيين..
-أن يعمل مجلس الوزراء بروح الفريق الواحد بعيداً عن أجواء التنافر والاستحواذ ومساعي بعض الوزراء للتحكم بملفات معينة، وهي أجواء خلقت سابقاً حالة من عدم الثقة وضعف التعاون بين شريحة من الوزراء، وما يقوله بعض الوزراء في أحاديثهم الشخصية يؤكد أن هناك خللاً ما يتوجب معالجته في الحكومة الجديدة.
– توسيع مجلس الوزراء دائرة النقاش والحوار حول الملفات والقرارات الأساسية والكبرى لتشمل شخصيات من خارج العمل الحكومي، أو بعيدة عن دائرة المسؤولية في القطاعين العام والخاص… شخصيات لها حضورها العلمي والمهني والأخلاقي.
-تطوير أداء بعض المؤسسات العامة الداعمة لعمل مجلس الوزراء، ومعالجة ما أصابها من ترهل وتقصير خلال السنوات السابقة.
باختصار… ما نتمناه في الحكومة الجديدة المرتقبة، ليس صعب التحقق، وإنما هو من المسلمات…. فقط ساعدونا لنصنع الأمل لأنفسنا ولغيرنا.
(سيرياهوم نيوز-المشهد23-8-2020)