*نارام سرجون
اذا كان لنزيف دمي لحن فانني لن اوقف هدير الجرح وتدفق الدم اذا كان يطرب من أحب .. والنصل الذي يخترق قلبي يجب ان يكون سلاحا اخرجه من قلبي لأبارز به عدوي .. واذا كان النصل الذي طعنني به اللصوص في قلبي سيصبح سلاحا بيد عدوي اذا ماأخرجته من قلبي فانني لن أخرجه ولو مت نازفا من قلبي .. وحري بهذا القلب ان يموت بنصل للصوص على ان يموت بنصل اعطيه لعدوي .. واذا كان السم الذي حقنتني به الثعابين سيشفي أعدائي فانني افضل الموت بالسم الذي في دمي على ان اعطي اعدائي فرصة قتلي بيدهم عندما انجيهم من الموت ..
ورغم انني أعرف ان هذا المقال مثل النصل الذي غرزه اللصوص في قلبي وسيكون ان كتبته نصلا بيد اعدائي .. وانه سهام اهديها لهم .. وسم أخرجه من دمي فيداويهم .. الا انني سأكتب هذا المقال وأنا أعرف ان قلبي لن يعاتبني .. وان سلاحي لن يقول انني خنته .. بل سيقول عدوي انني قوي الى الحد الذي صرت فيه أعرف متى وكيف اخرج النصل من قلبي لاحمل النصل الذي كان في قلبي ليصبح سلاحا أقاتل به .. ولأحارب أكثر ..
الحرب لم تنته ولاتزال في ذروتها .. وطالما ان غاية الحرب هي في تغيير منحى المجتمع وتغيير تركيبته وطبقاته وارغامه على ان يتغير بالقوة ويغير توازنه وجيناته الثقافية بالحرب والقوة فان كل تغير في حركة المجتمع يحسب انه نصر او هزيمة حسب نوع التغيير وكميته .. الحرب لاتزال تدور ولكنها مثل الافلام الصامتة لانسمع لها صوتا .. الا ان احداثها وقذائفها الاقتصادية لاتزال تقتل وتميت .. بل ان ضحاياها اكثر بكثير .. فالاصابات فيها شاملة ..
ماأجمل ان نخسر الحرب بالقتال الضاري والشرس وماأبشع ان نخسرها من غير قتال .. فأكثر الهزائم مرارة هي التي لايدفع فيها العدو ثمنا والتي نخسرها لأننا لم نكن نجيد فيها القتال رغم ان فينا ارادة القتال وعزيمة القتال ..
ولذلك فانه حرام ان نكسب الحرب العسكرية والكونية وان نخسر الحرب بسبب سوء ادارة ملف الاقتصاد وأزمات مابعد الحرب ..
فمنذ فترة والوضع الاقتصادي يتراجع .. ويبدو انه السلاح الامضى الذي يفتك بالناس .. وبصبر الناس .. وصمودهم .. وانا كلي قناعة ان مايحدث هو خطة امريكية خطرة جدا وفي منتهى الدهاء .. تقول اذا لم تنفع الرصاصة في قتل الجسد فان لقمة الخبز اقوى ..
ولكن كيف افصل الامريكي عن غير الامريكي .. فالامريكي والاوربي مسؤول عن مصاب هذا الشرق من اوله الى اخره .. من النكبة الى النكسة الى الربيع العربي .. ولكن اين هي مسؤولياتنا .. وهل نحن بلا أخطاء؟؟
اذا كان علينا ان نلوم الشر والدهاء الامريكي والقوة العسكرية الجبارة فانه كان علينا ان نتوقع ان لانصمد عسكريا والا يتمكن أبطال فدائيون ووطنيون سوريون ببنادقهم من الحاق الهزيمة بالتكنولوجيا الامريكية التي ضخت كل انواع الذخائر والاتصالات والمعلومات والمهارات الاستخبارية والتنصتية والتجسسية الامريكية .. ودخلت بعشرات آلاف الانتحاريين وضباط المخابرات .. ولكنها فشلت لأننا استخدمنا اوراقنا العسكرية بذكاء ولعبنا اللعبة العسكرية بصبر وثقة .. واخترنا التحالفات الصحيحة ولم ينفعهم أنهم متفوقون في الحرب والتكنولوجيا العسكرية ..
اليوم نفس الوضع هجوم عنيف على الاقتصاد السوري والليرة السورية وعلى الخبز والوقود وعلى اي سبيل للعيش .. الدولار يهاجم الليرة .. ودواعش المال يغيرون على كل أموالنا ويقتلون الليرة .. بتوجيه امريكي مباشروصريح .. وقوانين حصار تشبه جدا مشاريع القرارات الصادرة عن مجلس الامن التي كانت تحاصرنا بالفصل السابع وغيره .. ولكن الجيش الاقتصادي الوطني لم يكن موفقا في ادارة هذه المعركة حتى هذه اللحظة .. وهنا لايجوز توجيه الاتهامات بالخيانة والتقصير لأن هذا السلاح هو سلاح التفريق وزعزة الثقة بشركائنا في الوطن .. بل مجمل القول ان الفريق الحكومي الحالي غير موفق وغير مؤهل لهذه المرحلة وعليه ان يعترف انه حاول ولم يوفق .. وان على فريق اخر ان يتولى امر المواجهة الاقتصادية .. والمواجهة الاعلامية .. ومواجهة الخدمات ..علينا ان نعترف ان الفريق الحكومي الذي يدير مرحلة الحرب الاقتصادية لم يوفق في ادارتها .. وانه أن الاوان ان يترك هذه المهمة الصعبة لفريق افضل ولديه قدرة على الحركة والمناورة مع الضغط الامريكي كي يفسح في المجال للجيش والقيادة السياسة ان تدخل المواجهة وهي تدرك انزهرها الاقتصادي ليس رخوا .. ولا مثقوبا .. كما فعل بوتين عندما استعد لمعركة كرواتيا بفريق اقتصادي في منتهى الحنكة والجهاء
وهناك قوى وأطراف وأصحاب افكار ومبادرات يجب ان يتقدم اصحابها الصفوف وأن نقدمهم الى الصفوف الاولى .. فالامر يشبه اقتصاديا وضعنا عسكريا عندما تهاوت المدن والقرى والمساحات امام هجوم الارهاب .. ويبدو ان ماتفعله في المواجهة هو مجرد صلاة استسقاء ..
ليست عادتي ان أكتب مايحبه الأعداء .. بل ان من عادتي ان أكتب مايكرهون .. وان اكتب ما نحب .. ومايكره الاعداء اليوم هو ان نتوقف عن صلوات الاستسقاء .. وان نتجه للعمل لايقاف زحف الدولار وارهابه الداعشي .. ومايحدث اليوم هو ان الدولار يهاجمنا بطريقة داعش .. ونحن ندافع عن الليرة والاقتصاد وحياة الناس والعدالة بصلوات الاستسقاء وصلوات الدراويش والصوفيين ..
انا مؤمن دوما ان مايحدث لن يجعلني الا على يقين اننا على صواب .. وان هذا الاصرار على كسر الشرق بأي ثمن له جذور عميقة في الماضي البعيد .. ولكن الشرق بقي شرقا في دمشق تحديدا .. ولم ينكسر .. وعلينا ان نثبت ان الشرق لنا وليس لغيرنا .. وأن عناصر القوة في الشرق هي في انسان الشرق عندما يحارب .. وعندما يفكر .. وعندما يؤمن .. وعندما يثور .. وعندما يقرأ .. وعندما يكتب .. وعندما يقرر انه لن يهزم مهما كان الثمن ..
(سيرياهوم نيوز1)