| حسن حردان
بات من الواضح أنّ حكومة العدو «الإسرائيلي» برئاسة يائير لابيد تضبط إيقاع حركتها في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وتحديد موعد استخراج النفط والغاز من حقل كاريش، على توقيت المقاومة ومعادلاتها الردعية التي أعلنها سماحة السيد حسن نصرالله، والقائمة على أنه لا استخراج للنفط والغاز من كاريش ما لم يحصل لبنان على حقوقه كاملة ويُرفع الفيتو عن الشركات الدولية للبدء بالتنقيب والاستخراج في الحقول اللبنانية…
وكان لافتاً انّ الكلام الأخير للسيد نصرالله بأنّ عيوننا وصواريخنا على كاريش، ترك أثره سريعاً داخل كيان الاحتلال، حيث فهم المسؤولون والمعلقون «الإسرائيليون» جيداً بأنّ السيد لن يسمح لـ «إسرائيل» بالاستخراج من كاريش قبل أن يكون هناك اتفاق يقبل به لبنان، وانّ المقاومة، حسب التنبيه الأميركي لـ «إسرائيل»، جاهزة للعمل العسكري، ما يعني أنها تستعدّ للمواجهة كأنها ستحصل غداً إذا لم يحصل لبنان على حقوقه، وأقدم العدو على البدء بالاستخراج من كاريش… وقد جاءت رسالة التهديد التي كشف عنها السيد نصرالله من مغبة العمل في كاريش، لتدفع حكومة العدو عبر وزارة الطاقة إلى إصدار بيان توضيحي بأنّ ما تقوم به إنما هو لاختبار الأنبوب الواصل بين حقل كاريش والشاطئ، وانّ هذا الاختبار يتمّ من الشاطئ إلى كاريش فقط لا غير، وبالتالي ليس هناك أيّ عمليات استخراج من كاريش…
هذا التوضيح «الإسرائيلي» يعني ما يلي:
أولاً، انّ حكومة لابيد باتت تضبط إيقاع وتوقيت حركتها العملية في كاريش على توقيت المقاومة ومعادلتها بعدم السماح بأيّ استخراج للنفط والغاز من كاريش قبل أن يحصل لبنان على حقوقه في الترسيم والتنقيب والاستخراج..
ولأجل تجنّب أيّ تصعيد مع المقاومة سارعت وزارة الطاقة «الإسرائيلية» إلى إصدار التوضيح المذكور آنفا..
ثانياً، أنّ حكومة لابيد توصل رسالة واضحة للمقاومة بأنها لا تريد تصعيداً وهي ملتزمة بعدم البدء بأي عمليات استخراج من كاريش قبل تحقيق اتفاق التسوية مع لبنان.. ايّ أنها منضبطة بالمعادلة التي تفرضها المقاومة..
ثالثاً، انّ حكومة لابيد تشيع من خلال هذا التوضيح بأنها تريد التسوية التي ترضي لبنان، ايّ التسوية التي تحقق مطالب لبنان، الواضحة في رسم الحدود وفق الخط 23 مع حصوله على كامل حقل قانا.. وهذا التسليم «الإسرائيلي» بمطالب لبنان ما كان ليحصل لولا معادلة المقاومة الردعية واستعدادها وجاهزيتها للدفاع عن حقوق لبنان والذهاب إلى مواجهة مع العدو الصهيوني اذا لزم الأمر…
رابعاً، أنّ كيان الاحتلال، أياً كانت الحكومة القائمة فيه، بات في حالة ارتداع بفعل القوة والقدرة والمصداقية التي أصبحت تملكها المقاومة.. وهو الأمر الذي يكشف واقع التراجع والضعف الذي أصبح فيه كيان العدو، الذي دخل، منذ هزائمه المتتالية أمام المقاومة الجديدة في لبنان، في حالة انكفاء وتراجع استراتيجي لم يعد معه قادراً على التمدّد والتوسع، والعدوان في ظلّ وجود هذه المقاومة المتناميــة قوة وقدرة، وخبرة في مواجهة احتلال كهذا، لا يفهم سوى لغة القوة سبيلاً لردعه وإجباره على التراجع والتسليم بالحقوق اللبنانية، وغيرها من الحقوق العربية في فلسطين المحتلة والجولان السوري إلخ…
خامساً، انّ لبنان قادر على انتزاع حقوقه في البحر واسترداد أرضه المحتلة وحماية سيادته من الاعتداءات الصهيونية، وتشكيل سند قوي لمقاومة الشعب الفلسطيني، طالما انه يمتلك مثل هذه المقاومة على رأسها قيادة ثورية شجاعة وتملك الوعي والقدرة على إدارة الصراع وخوض المواجهة مع كيان غاصب عُرف بعنجهيته وإجرامه وإرهابه غير المحدود..
سادساً، انّ حالة الضعف والوهن التي أصبح عليها كيان الاحتلال، أمام المقاومة، توصل رسالة إلى الداخل اللبناني بأنّ هذا العدو ليس كليّ الجبروت، وانّ المقاومة هي السبيل لردعه وحماية لبنان من عدوانيته، واسترداد حقوقه، في أرضه وثرواته، ورفع الحصار الجائر المفروض عليه أميركياً و»إسرائيلياً»، وبالتالي هي السبيل لإخراج لبنان من أزماته واستغلال ثرواته بعيداً عن الهيمنة الأميركية التي تسبّبت بانفجار أزماته وتجويع اللبنانيين وإذلالهم…
انّ نجاح المقاومة في لجم الأطماع والعدوانية الصهيونية، والتي تتمظهر في الانضباط «الإسرائيلي» بمعادلة المقاومة وتوقيتها إنما يؤشر إلى أننا نسير نحو نصر جديد سيتحقق بقوة المقاومة مما سيكون له، بكلّ تأكيد، تداعياته الإيجابية الهامة على لبنان، وعلى مسار الصراع العربي الصهيوني لا سيما على أرض فلسطين المحتلة التي تشهد اشتداداً في مقاومتها المسلحة والشعبية
(سيرياهوم نيوز3-البناء23-9-2022)