في وقت أنهكت فيه الأسعار الملتهبة جيوب الحلبيين، وأصبح الوصول إلى أساسيات الغذاء تحدياً يومياً لمعظم الأسر، جاء القرار الحكومي الأخير، القاضي بتخفيض أسعار المشتقات النفطية كنافذة أمل،

ينتظر المواطن أن يترجم إلى تحسن فعلي في السوق.
وبين التفاؤل الحذر والشكوك العميقة، نستطلع منعكسات القرار على المستهلك، وعلى حلقات الإنتاج، والتوزيع، والتجارة.
غير مسبوقةوصلت أسعار المواد الغذائية في حلب خلال الأسابيع الماضية إلى مستويات غير مسبوقة، إذ ارتفع سعر الخضار بشكل ملحوظ، واتجهت أسعار اللحوم الحمراء نحو سقوف غير معقولة، متجاوزة 130 ألف ليرة للكيلوغرام في معظم نقاط البيع، والبيضاء إلى نصف القيمة تقريباً، ولم تعد البقوليات، “الملاذ الأخير لذوي الدخل المحدود”، في متناول الفقراء بعد ارتفاع أسعارها هي الأخرى.

يقول سامي عبيد، موظف حكومي وأب لخمسة أطفال: أصبحنا نقتصد في كل شيء، و حتى البيض الذي كان وجبة الفقير، لم يعد متاحاً يومياً، نسمع بقرارات تخفيض، لكن لم نلمس الفرق بالأسواق، أملنا أن تكون هذه المرة مختلفة.
خطوة في التوقيت الأصعب
اعتمدت الحكومة مؤخراً القرار القاضي بتخفيض أسعار المحروقات في محاولة لوقف موجة الغلاء التي عصفت بكامل سلة المستهلك، ويجمع كثير من الاقتصاديين على أن تكلفة النقل والطاقة تشكلان نسبة أساسية في تحديد أسعار السلع، سواء في الإنتاج أو النقل أو التخزين.
يوضح الاقتصادي فادي حمود أن قرار تخفيض أسعار المحروقات يمكن- نظرياً – أن يخفض أسعار السلع بنسبة تتراوح بين 20 و 30 بالمئة، شريطة التزام كل حلقات الإنتاج والتوزيع بتطبيق انعكاساته، فالتكلفة التشغيلية للمنتجات الزراعية والصناعية تعتمد بشكل مباشر على الطاقة، وبالتالي أي خفض في أسعار المحروقات، يجب أن يظهر خلال أسبوع إلى أسبوعين في السوق.

ويضيف: المشكلة ليست في القرار، بل في آلية نقله إلى المستهلك، هنا يأتي دور الرقابة، ونظام الفوترة، ومحاسبة المحتكرين.
يحتاج لمتابعة
داخل سوق اللحوم في حلب القديمة، يؤكد عدد من الباعة أن الأسعار الحالية سببها المباشر ارتفاع تكاليف النقل والأعلاف والطاقة.
يقول أمين الصطوف أحد تجار اللحوم: إذا خفضت الحكومة سعر المحروقات فهذا يساعدنا، لكن ليس فوراً، نحتاج إلى وقت حتى تنخفض تكاليف النقل والأعلاف وتوصلنا للأسعار الجديدة، وإذا انخفضت التكاليف فعلاً، من الممكن أن ينخفض السعر، وإلا لا يمكن أن نخسر.
وفي سوق الهال، يؤكد تاجر الخضار “محمود. س” أن الانخفاض يمكن أن يكون سريعاً في السلع اليومية، فالخضار والفواكه سلع سريعة الدوران، وإذا انخفض سعر النقل فعلاً، خلال أيام من المفترض أن يتضح الفرق، لكن الأمر يحتاج لمتابعة، لأن هناك أناساً دائماً يستغلون الوضع.
هل تتحقق السلسلة الإيجابية؟
يعتمد الإنتاج الزراعي والصناعي في حلب على المحروقات، سواء في تشغيل المضخات الزراعية، أو نقل المنتجات من الريف إلى المدينة، أو تشغيل الورشات والمعامل، أو تبريد وتخزين السلع الغذائية، وأي خفض في تكلفتها يعني تحسين القدرة الإنتاجية وخفض التكاليف النهائية.
يقول محمد عبد العزيز، صاحب ورشة ألبان: نصرف يومياً مبالغ كبيرة على المازوت، وإذا انخفض سعره فعلاً، نستطيع أن نخفض سعر اللبن والجبنة قليلاً، المستهلك أصبح مرهقاً، ونحن كذلك.
بين التفاؤل والحذر
العديد من الأسر التي التقتها ” الثورة” عبرت عن أملها بأن ينجح القرار في تخفيف الضغط الاقتصادي.
تبين سلمى أحمد، ربة منزل: أصبحنا نقتني نصف الكميات، ونحذف مواد كثيرة من المائدة، إذا انخفضت الأسعار فعلاً، وبمجرد ما نعود ونشتري اللحم كل شهر أو حتى شهرين مرة واحدة يكون ذلك بالنسبة لنا إنجازاً !.
يعود الاقتصادي حمود ويلخص مستقبل الأسعار بعد قرار تخفيض المحروقات بنقطتين، تتمثلان في التطبيق الكامل الذي يجبر كل حلقات الإنتاج والنقل والتوزيع على تمرير الانخفاض للمستهلك، والرقابة الصارمة التي من دون الرقابة على الفواتير، وضبط الاحتكار، وتشديد العقوبات، لن يلمس المواطن أي تغيير.
ويختتم قائلاً: الحل ليس سحرياً، لكنه واقعي، القرار خطوة مهمة، أما نجاحه فيعتمد على الإرادة الجادة بتطبيقه.
قرار يعيد التوازن
القرار الحكومي بتخفيض أسعار المحروقات، يشكل خطوة إيجابية في ظرف اقتصادي شديد التعقيد، لكنه لا يكفي وحده ما لم تتكامل معه، رقابة اقتصادية فعالة، والتزام التجار، ومتابعة حكومية يومية، وتطبيق قانون حماية المستهلك، وضبط تكاليف الإنتاج والنقل.
وحدها هذه المنظومة يمكن أن تمكن المواطن من رؤية أثر حقيقي ينعكس على سلة طعامه ولقمة عيشه.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الثورة
syriahomenews أخبار سورية الوطن
