| هني الحمدان
الثلاثاء, 04-05-2021
أسعار الحلويات في الأسواق اليوم يصعب وصفها، تجاوزت حدود المنطق والإمكانيات، بل كما وصفها بعض أصحاب الكار مادة كمالية وليست أساسية ويمكن الاستغناء عنها، في المناسبات والأعياد، ثمانون ألف ليرة ثمن كيلو الغرام الواحد من الحلو درجة أولى، فهل يعقل أن يوازي سعر كيلو حلو راتب موظف فئة أولى مسقف بثمانين ألف ليرة….؟!
كل محل وكل سوق له سعره، إلا أن القاسم الأوحد ارتفاع ملحوظ طال كل الأنواع بلا أي استثناء حتى حلويات الفقير كما يقولون، البرازق والمعمول تربعت على مشارف الـ30 ألف ليرة سورية لكل كيلو غرام، ومن يزر سوق الجزماتية بالميدان حيث تكثر هناك محال ومطابخ الحلو المتنوعة يكاد لما يصدق هول الأرقام المعلنة على كل طبق ثمناً لكل كيلو، تضع راتبك كاملاً لتتبضع كيلو غراماً واحداً إذا رغبت أن تبقى بلا أي ليرة طيلة الشهر، وحتى إذا اضطررت إلى شراء كيلو من أصناف ذات درجات أخرى ستدفع كل مافي جيوبك، والغريب أيضاً أن الارتفاع الصاروخي بأسعار الحلو بأصنافها طال الأنواع الشعبية كالعوامة والمشبك وقد سجلت بورصتها السعرية ارتفاعاً وصل إلى خمسة آلاف ليرة لكيل كيلو عوامة واحد.. حتى هذه الأصناف دخلت يد الجشع إليها، وعندما تسمع المبررات وراء رفع الأسعار، قد تصل لحالة من الاقتناع أن تكاليف فاتورة المستلزمات غالية جداً، والمواد الأولية وأسعار الطاقة وكل ما يدخل في هذه الصناعة تضاعفت أسعاره مرات ومرات.
الحلويات من الأشياء المحببة لدى الكثير من الناس فلا يمر وقت حتى تجد نفسك ترغب في الحلويات، أو شراءها، وتختلف أسعار الحلويات من محافظة إلى أخرى، فالحلويات المنتجة في العاصمة تختلف أسعارها عن الحلويات في محافظة ثانية، وهكذا حسب نوع المحل ونوع الحلويات، إلا أن الغالب كما أشرنا سابقاً أن غلاءها أوصلها إلى درجة جعلها تخرج من قائمة الموائد عن شريحة واسعة جداً من المواطنين، حتى طبقة الميسورين صارت تقتصد جداً في شراء الحلويات كما قال أحد باعة الحلويات في سوق الجزماتية.
واليوم مع قرب انتهاء أيام شهر رمضان علا مستوى أحاديث الناس حول شراء الحلويات ليست تلك الأصناف خمس النجوم بل أسعار الحلويات العادية، حتى حلويات «الأشاطي» هذا الصنف الذي يلقى إقبالاً وخاصة خلال أيام الشهر الفضيل فأسعاره مرتفعة ومن استطاع شراء كيلو واحد لمرة واحدة لم يعد يقدر أن يعيدها ثانية…!
وأصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قراراً يلزم منتجي الحلويات العربية والإفرنجية المصنفة «نوع ممتاز» المصنوعة من السمن الحيواني، و«نوع أول» المصنوعة من السمن الحيواني أو النباتي بإعداد بيان تكلفة وإيداعه في الوزارة «مديرية الأسعار» وذلك للأصناف والأنواع المطروحة للبيع من قبلهم والمحال نسخة عنه لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمحافظة المعنية على أن تكون التكلفة فعلية وواقعية حسب أسعار مستلزمات الإنتاج الفعلية لتكون حجة عليهم في حال الشك أو الشكوى.
في تصريح لـ«الوطن» قال محمد الإمام عضو مجلس اتحاد حرفيي دمشق – قطاع الحلويات جاء فيه: اللـه يكون بعون أصحاب الدخل المحدود وما أكثرهم هؤلاء هكذا بدأ الأمام، فكل شيء ارتفعت وتضاعفت أسعاره، فالحلويات اليوم نقدر أن نقول إنها صارت من الكماليات عند أغلبية البشر، وأسعار كيلو الحلويات بثمانين ألف ليرة غير معقول، وهو لم يأت بمزاج الصانع والبائع، بل تكاليف تحضيره ارتفعت مرات، كيلو الفستق الحلبي بـ60 ألف ليرة ناهيك عن السمون التي اشتعلت أسعارها والسكر، وتكاليف الطاقة، كلها مستلزمات أرهقت المصنع وتالياً الأسعار ارتفعت، وأمام هذا الارتفاع فالناس ليس بمقدورها الشراء، أي عمليات البيع خفت وتعرض بعض المصنعين إلى توقفات وربما خسائر، فسعر الحلو ارتبط بالظروف والصعوبات التي شملت وطالت كل مرافق الإنتاج والاقتصاد.
والأصناف المتوسطة التي تشكل إقبالاً كانت عند معظم المستهلكين كالبرازق والمعمول زادت أسعارها، فهل يعقل أن يصل كيلو البرازق إلى 30 ألف ليرة، وعند البحث عن الأسباب، تجد جملة من المواد الأولية زاد سعرها مرات.
وأردف الإمام قائلاً: مادة السكر قفز سعرها، وسعر الجبن أصبح مرتفعاً جداً، وكذلك سعر السمن، وإن لم نسخَ بالمواد الأصلية ذات النوعية العالية الجودة في صناعة هذه الأنواع من الحلويات، ستفقد هذه المأكولات نكهتها وطعمها اللذين اعتاد الناس عليها. وكيلو البوظة بين 26 و30 ألف ليرة، حتى البوظة تضاعف سعرها.. فالمحال خفت مبيعاتها، وقسم منها سيخرج من دائرة الإنتاج، فما فائدة إنتاج حلويات غالية بلا أي تسويق..؟ ومن معه قدر راتبه أو نصفه كي يشتري حلويات..؟ فالبشر تئن من ظرف اقتصادي وضعف في القوة الشرائية، تفضل تأمين ربطة خبز وكيلو رز أو برغل أو كيلو بندورة، لا أن تقترب من مادة الحلويات..! رحم اللـه أيام مناسبات الأعياد في السنوات السابقة، وقت ما كانت الحلويات تعيش موسمها خلال رمضان والأعياد والمناسبات الأخرى، فأسعارها كانت مقبولة، اليوم لم يعد أحد بمقدوره الشراء.
فالمصنع والبائع لا يتلاعبون ويسعرون حسب هواهم، بل هناك بيانات تكلفة وفواتير، فالسوق منظم لدرجة 70 بالمئة، إلا أنه كما قلنا أسعار المواد الأولية الداخلة بالصناعة تضاعفت قيمها مرات، وبالتالي سعر المنتج بصيغته النهائية سيكون عالياً.
يبدو أن الحلويات ودعت ولحقت ببعض المواد التي لم تعد على موائد أغلبية السوريين، وتحولت من مادة محببة وضرورية إلى كمالية بامتياز، في ظل اشتداد الأسعار وضيق الحالة الاقتصادية السائدة، وهنا دعوة للأسر لتعلم لما كان يصنعه أجدادنا وآباؤنا من المعجنات المحلاة بالقطر والسكر، استعاضة عن مادة ثمن كيلو واحد منها بقدر راتب موظف فئة أولى، اللـه يحلي أيامكم بالصبر.
سيرياهوم نيوز-الوطن