كشفت تقارير دبلوماسية عربية أن تنسيقاً كبيراً يقوم هذه الفترة بين إسرائيل والإمارات، يتركّز على مهاجمة قطر، والعمل من أجل عرقلة «مسار التطبيع الإيجابي بين قطر وإدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب». وتفيد التقارير بأن النشاط المشترك بين تل أبيب وأبو ظبي يتعمّق بعدما راجت معطيات عن تحسّن العلاقة بين الدوحة وإدارة ترامب، وأن الإمارة الخليجية بنت علاقات قوية مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي أجرى لقاءات على هامش دوره في ملف الأسرى والحرب على غزة، ركّزت على تطوير «التعاون مع قطر في ملفات كثيرة، بينها ما يتعلق بإيران وسوريا أيضاً».
وبحسب التقارير، فإن السفارة الإماراتية في واشنطن، والتي سبق أن أدارت حملة واسعة النطاق ضد حكومة قطر، عادت لتنشط في الفترة الأخيرة، من زاوية أن القطريين يضغطون لإقناع الإدارة الأميركية بأهمية الاتفاق مع إيران، وأنهم يقودون اتصالات جانبية مع الأخيرة لهذه الغاية. وفي الجانب الآخر، يركّز التعاون بين تل أبيب وأبو ظبي على دور الدوحة «في رعاية الإسلام السياسي في دول المنطقة»، وأن الأخيرة لا تستضيف قادة حركة «حماس» وآخرين من القيادات الفلسطينية فحسب، بل توفّر لهم الدعم المادي والسياسي. وقد عبّر الإسرائيليون عن شكوكهم في كون قطر لم تمارس الضغط الكافي على «حماس» لإلزامها بتقديم تنازلات في المفاوضات الجارية.
ووفقاً للتقارير نفسها، فإن التنسيق القائم الآن، لا يقف عند مستوى القيادات السياسية العليا، بل إن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، كان قد عبّر عن احتجاجه على الدور القطري، ورفض دعوة لزيارة الدوحة لمتابعة ملف المفاوضات، وهو ما دفع برئيس حكومة العدو إلى إرسال رئيس جهاز «الموساد»، ديفيد برنياع، لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وفي ما خصّ إيران، لفتت التقارير إلى أن الجانب القطري أبلغ عواصم خليجية في لقاءات عُقدت في الرياض وعواصم أخرى، بأنه «يجب أن يبذل مجلس التعاون جهداً لمنع حصول مواجهة مع إيران، كون الضرر سيصيب كل دول الجزيرة العربية، وأن القطريين حثّوا الجانب الأميركي على دخول مفاوضات واقعية تقود إلى اتفاق مع إيران». وفي ملف آخر، يتولّى الجانب الإماراتي التحريض على الدور القطري في سوريا، لجهة أن الدوحة تتولّى تمويل المجموعات العاملة تحت لواء الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، كما تموّل مجموعات أخرى لا تخضع له، وأن القطريين لا يهتمون لإجراء إصلاحات واسعة في سوريا، بل يدعمون السياسات التي يتّبعها الشرع والتي تستهدف إقصاء جماعات من الشعب السوري، وأن قطر تقدّم تمويلاً غير معلن خلافاً للإجماع العربي – الغربي بربط أي مساعدات بعملية إصلاحية شاملة.
الحملة تركّز على رفض الدوحة طرد «حماس» وإبقائها خطاً مفتوحاً مع إيران
وقد سبق لمسؤولين في الإمارات، أن أقروا بوجود تعاون مفتوح مع شركات «أمن إلكتروني» إسرائيلية، يشمل تبادل معلومات ومراقبة أنشطة إعلامية وشعبية في المنطقة، وهو ما قد يشير إلى استخدام أدوات سيبرانية في هذه الحملة ضد قطر. كما تشير التقارير إلى نشاط حاصل في أوروبا والولايات المتحدة، حيث تسعى بعض الجماعات المرتبطة بالإمارات إلى التحريض على دور قطر. وفي الأيام القليلة الماضية، شنّ رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، هجوماً علنياً غير مسبوق على قطر، متهماً إياها بـ»اللعب على الجانبين» في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وداعياً إياها إلى «الاختيار بين الحضارة والهمجية» في إشارة واضحة إلى دعمها لحركة «حماس». وذهب نتنياهو أبعد من ذلك، حين زعم أن مصر كانت على وشك التوصل إلى اتفاق، لولا ما وصفه بعدم تعاون قطر.
ومثّلت هذه التصريحات تحوّلاً في الخطاب السياسي الإسرائيلي تجاه الدوحة، وهي تندرج ضمن حملة أوسع على مستويات متعدّدة تستهدف تحجيم دورها الإقليمي، خصوصاً في الملف الفلسطيني وعلاقاتها مع طهران. وقد تبيّن أن دوافع التصعيد الإسرائيلي، تشمل:
– الضغط السياسي على قطر، حيث يسعى نتنياهو إلى إرغام قطر على تعديل موقفها من «حماس» والتخلي عن بعض شروط المفاوضات، في ظل تمسّك المقاومة بشروط صفقة تبادل الأسرى مقابل وقف شامل لإطلاق النار.
– تشتيت الانتباه الداخلي في إسرائيل، حيث تأتي تصريحات نتنياهو في ظل ضغوط داخلية عليه، خصوصاً تلك التي تتعلّق بتحقيقات حول علاقات بعض مستشاريه بقطر، ومحاولاته المستمرّة لإطالة أمد الحرب لتفادي المحاسبة السياسية.
– تصعيد إقليمي موجّه، حيث يندرج الهجوم على قطر ضمن محاولة أوسع لإعادة رسم خارطة التحالفات في المنطقة، وتوجيه بوصلة العداء نحو أطراف ترتبط بعلاقات مرنة مع قوى المقاومة.
وإلى جانب الهجوم السياسي، تتعرّض قطر لحملة إعلامية ممنهجة عبر وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي، تقف خلفها أطراف إقليمية، أبرزها الإمارات، إلى جانب دعم غير مباشر من شبكات ضغط داخل الولايات المتحدة، إذ تكشف التقارير عن وجود حسابات مجهولة ومواقع مموّلة تروّج لروايات تستهدف مصداقية الوساطة القطرية. كذلك، يظهر بوضوح أن وسائل إعلام إماراتية وسعودية تستضيف محلّلين إسرائيليين بالعربية لتأكيد وجود علاقات سرّية بين الدوحة وتل أبيب، في تناقض فجّ مع الخطاب القطري.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار