آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » حملة على كاريكاتور مناهض للتخاذل: التضامن مع غزة… انتقائي

حملة على كاريكاتور مناهض للتخاذل: التضامن مع غزة… انتقائي

 

محمد نور الدين

 

 

شهدت مدينة إسطنبول، الإثنين الماضي، حدثاً لافتاً، عندما احتشد بعض الجمهور، وسار إلى مبنى مجلّة «leman» الأسبوعية المتخصّصة بالرسوم الكاريكاتورية في شارع «تقسيم» الشهير، ليطالب، بعد تحطيم زجاج مبنى المجلّة، باعتقال أصحابها وإغلاقها.

 

وقال ألبر خان، رئيس فرع إسطنبول لمنظمة «جبهة غزاة الشرق العظيم» الدينية المتطرّفة والمحظورة، التي هاجمت المبنى، إنّ «هذه أرض الأناضول المسلمة. وعلى الجميع أن يتذكّر هذا: إمّا أن نرحل وإمّا أن يرحلوا هم.

 

إمّا أن نموت أو يموتوا هم». وعلى الأثر، سارع وزير الداخلية، علي يرلي قايا، إلى إغلاق بعض محطّات المترو، منعاً لقيام أعمال شغب، واصفاً الكاريكاتور بأنه «خسيس ووقح»، فيما توعّد الذين قاموا بهذا «العمل الشنيع بحق نبيّنا الحبيب» بالمحاسبة أمام القانون.

 

وكانت المجلّة نشرت، في عددها الورقي الصادر في 27 حزيران، رسماً كاريكاتورياً يصوّر أرضاً خراباً وعمارات مهدّمة تهطل عليها القذائف، وتشتعل فيها النيران، وفي سماء المشهد شخصان ملتحيان يقول أحدهما للآخر: «السلام عليكم، أنا محمد»، ويُجيبه الآخر وهو يعتمر القلنسوة اليهودية: «عليكم شالوم، وأنا موسى».

 

وبدا واضحاً أنّ المقصود بالمكان المصوَّر في الكاريكاتور هو غزة، أو أيّ أرض فلسطينية أعمل فيها الإسرائيليون سيف الإبادة؛ على أنّ البعض فسّر الشخصَين الظاهرَين في الرسم، على أنهما النبيّان محمد وموسى، لتدور طواحين الدعوات إلى الانتقام ممَّن يتهجّمون على النبي. وهكذا، تحرّكت النيابة العامة في إسطنبول فوراً؛ وبتهمة «الإساءة العلنية إلى القيم الدينية»، تمّ اعتقال صاحب الرسم الكاريكاتوري دوغان بهلوان، ورسام الغرافيك جبرائيل أوكتشو، والمدير المسؤول ظفر آق نار، ومدير المجلّة علي ياووز.

 

أما المجلّة، فقد أصدرت، عبر حسابها على «إكس»، بياناً دافعت فيه عن الرسم، قائلة: «الاسم الأكثر تداولاً في العالم كلّه، هو اسم محمد أو ميميد أو مامادو وجميعها أشكال مختلفة لاسم نبيّنا يستخدمها المسلمون. واليوم، يوجد 200 مليون شخص يحملون هذا الاسم.

 

وقد أراد رسام الكاريكاتور أن يظهر مظلومية المسلم الذي تقتله إسرائيل كل يوم وليس أبداً التقليل من شأن القيم الدينية. ونحن لا نقبل التهمة الموجّهة إلينا، لأنه لا يوجد تصوير لنبيّنا. ومَن يصوّره على هذا الأساس، يحمل نوايا مبيّتة.

 

بل ندعو وزارة العدل والجهات الأمنية، وفي هذه المدّة الحسّاسة التي تمرّ بها البلاد، إلى اتّخاذ إجراءات ضدّ مَن يسعون إلى إشعال الفتنة».

 

«على الجميع أن يتذكّر هذا: إمّا أن نرحل وإمّا أن يرحلوا هم. إمّا أن نموت أو يموتوا هم»

 

وتبيّن لاحقاً أنّ اثنين من الذين صدرت مذكرة باعتقالهما، وهما صاحب المجلّة تونجاي آق كون، ورئيس التحرير أصلان أوزده مير، هما خارج البلاد. وقال آق كون من باريس، في حوار مع صحيفة «جمهورييات»، إنّ «الاتهام بأنّنا نهين القيم الدينية، كان صادماً، لكنه ليس مفاجئاً، والرسم لا يصوّر النبي محمد»، مشيراً إلى أنهم «يريدون تشبيه القضيّة برسوم مجلّة شارلي إيبدو عام 2015، حيث قُتل 12 شخصاً في الحادثة». وأضاف: «لقد أصدرنا خمسة أعداد خاصة بفلسطين، فهل يمكن لمن يفعل ذلك أن يكون معادياً للإسلام؟».

 

ووصف آق كون، ردود الفعل على الرسم الكاريكاتوري، بأنها «عملية تدمير مدبّرة، بل عملية إعدام خارج القانون»، قائلاً: «رسمنا مئات الرسوم عن غزة، والآن يعمل أدعياء الدفاع عن فلسطين على شنقنا».

 

وكان في مقدمة المعلّقين، الرئيس التركي نفسه، رجب طيب إردوغان، الذي قال إنّ «الإهانة من جانب مَن لا يلتزمون بالآداب العامة أمر مرفوض تماماً، وهي استفزاز واضح مقنّع بغطاء الفكاهة.

 

إنه استفزاز حقير، وسيحاسَب الوقحون أمام القانون». وفي الاتجاه نفسه، اعتبر أحمد داود أوغلو أنّ الرسم الكاريكاوتري «يهدف إلى تقسيم المجتمع تحت ستار حرية الفكر. وهو يسيء إلى مقدّسات المؤمنين».

 

ولم تتأخّر المعارضة أيضاً في انتقاد الرسم الكاريكاتوري؛ إذ رأى رئيس «حزب الديموقراطية والتقدم»، علي باباجان، أنّ «قلّة الاحترام لنبيّنا تسيء إلى السلم الأهلي ولا يمكن قبولها بأيّ شكل من الأشكال. لا يجب أن تكون حرية التعبير وسيلة للكراهية والتمييز. ولنبقَ هادئين وفي إطار الاحترام والقانون».

 

ومن جهته، قال رئيس «حزب السعادة»، محمود أربكان، إنّ ما جرى «ليس حرية تعبير، بل جريمة كراهية وإهانة للقيم المقدسة». كذلك، دان رئيس بلدية إسطنبول المعتقل، أكرم إمام أوغلو، الكاريكاتور، عادّاً إيّاه «وقاحة توجَّه إلى نبيّنا ولا يجب التغاضي عن محاولات استفزاز المجتمع عبر الحساسيات الدينية».

 

أمّا رئيس بلدية أنقرة، منصور ياواش، فقال إنّ الكاريكاتور «جرح ضمير الأمّة، ومن جرّائه تحطّمت قلوب الملايين من شعبنا».

 

وفي الوسط الصحافي، رأى الكاتب المعارض في صحيفة «قرار»، طه آقيول، أنّ المطلوب هو «التحلّي بالهدوء والاعتدال»، مؤكّداً رفضه إهانة القيم، لكن «المشكلة الفعلية، منذ سنوات، هي في الدخل المنخفض للأجور الذي يفضي إلى هذه الأحداث.

 

التدهور الاقتصادي هو أساس علامات مجتمعنا المريض». ولم يجد الكاتب الموالي، عبد القادر سيلفي، من جهته، حرجاً في توجيه أصابع الاتهام إلى «حزب الشعب الجمهوري»، الذي يتعرّض لحملة شرسة لإضعافه وربّما إغلاقه، قائلاً إنّ «نشر الرسم الكاريكاتوري متعمّد، ويقف وراءه رئيس الحزب أوزغور أوزيل».

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الافتتاحيات في عالم الأوبرا.. تمهيد للدخول إلى عوالم النص الآسرة

تُعرّف الافتتاحية في الأوبرا بأنها مقطوعة موسيقية تعزف في بداية العمل الأوبرالي قبل بدء الغناء أو الأحداث الدرامية. وهي ليست مجرد مقدمة، بل تحمل وظائف ...