رشيد الحداد
صنعاء | احتضنت قاعات فندق «فوكو» في الرياض، على مدى الأيّام الماضية، نقاشات واسعة بين عدد من المكوّنات الحضرمية، تركّزت حول رؤية هذه الأخيرة لمستقبل حضرموت، وسط دعوات إلى اعتمادها إقليماً مؤقّتاً في إطار دولة اتحادية، وصولاً ربّما إلى إعلانها دولة مستقلّة عن الجمهورية اليمنية. وبحسب مصادر ديبلوماسية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن تلك المكوّنات أقرّت تشكيل وفد من أجل المشاركة في أيّ مفاوضات خاصة بالحلّ الشامل للأزمة. ومن ضمن الترتيبات العسكرية التي طالبت بسرعة تنفيذها، مغادرة قوات المنطقة العسكرية الأولى الموالية لحزب «الإصلاح» مديريات وادي حضرموت، وكذلك قوات النخبة الحضرمية التابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» من مديريات الساحل، واستبدالها بقوات «درع الوطن» المنشأة بدعم سعودي، فضلاً عن تجنيد الآلاف من أبناء حضرموت للقيام بالمهام الأمنية في المحافظة، ومنح الأخيرة 50% من عائدات ثرواتها النفطية. وأشارت المصادر إلى أن قيادات سياسية وعسكرية تنحدر من حضرموت استُدعيت من عدد من الدول العربية للتوقيع على مخرجات اللقاءات التشاورية الأخيرة، والتي تسعى السعودية من ورائها إلى تعزيز حضورها العسكري في المحافظة النفطية.
من جهتها، حذّرت مصادر في الحكومة الموالية للسعودية، من تداعيات أيّ مصادقة غير معلَنة لرئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، المتواجد في الرياض، على رؤية المكوّنات الحضرمية، والتي تطالب عملياً بإقليم مستقلّ بصلاحيات واسعة، وهيمنة شبه كاملة على الموارد والمقدّرات بشكل مؤقّت حتى التمكّن من «الاستقلال»، ومنح المحافظة الحقّ في التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات في مجال الاستكشافات النفطية والمعدنية وعقود الاستثمار، فضلاً عن الاستقلال الأمني والعسكري عن الدولة المركزية. والواقع أن هذه المطالب ليست وليدة اللحظة، ولم تُرفع فقط نكايةً بمطالبة «الانتقالي الجنوبي» بالسيطرة على وادي حضرموت بشكل كلّي، بل هي ناتجة من لقاءات سابقة انعقدت في المكلا وسيئون ومناطق أخرى من المحافظة التي تشكّل مساحتها نحو ثلث اليمن. وبدأت تلك التحرّكات مطلع عام 2011، بالإعلان عن وثيقة «حضرموت… الرؤية والمسار»، واستُكملت مع المطالبة بـ«إقليم المحافظات الشرقية» عام 2013، وصولاً إلى تكرار المطلب نفسه في «مؤتمر حضرموت الجامع» عام 2017 والعام الماضي.
ad
نزعة الانفصال لدى مكوّنات حضرموت تتصادم مع مشروع «فكّ الارتباط» الذي يحرّكه الموالون للإمارات
ولم يعترض أيّ من الأحزاب الموالية لـ«التحالف»، حتى الآن، على ما طُرح في مشاورات «فوكو»، باستثناء القيادات الموالية لـ«الانتقالي الجنوبي»، والتي ترفض أن تكون حضرموت إقليماً مستقلّاً في إطار الدولة اليمنية، وترى أنه يمكن تحقيق ذلك في إطار دولة الجنوب. وعلى رغم خطورة المشروع الأخير، إلّا أن الأوّل لا يقلّ عنه، بالنظر إلى التفاف عدد كبير من أبناء المحافظة حوله، ورفضهم ما يسمّونه إلحاق حضرموت بأيّ مشروع آخر. وفي هذا الإطار، أقيمت في العشرين من كانون الأول الماضي فعالية «اليوم الوطني لحضرموت»، حيث رُفعت أعلام «السلطنة الكثيرية» التي اتفقت مطلع عام 1962 مع «السلطنة القعيطية» على إقامة «دولة حضرموت الموحدة». واللافت أن التوجّه المستجدّ للمكوّنات الحضرمية لم يُبحث مع أيّ مكوّنات تمثّل محافظتَي شبوة والمهرة، على رغم ضمّ هاتَين الأخيرتَين في إطار مشروع «إقليم حضرموت» الذي حاولت الرياض تمريره عبر مؤتمر «الحوار الوطني» الذي جرى في صنعاء برعاية «مجلس التعاون الخليجي» عامَي 2013 و2014. وعكس ذلك رغبة سعودية في تحييد حضرموت، بعدما رفضت قبائل المهرة تواجد الرياض العسكري في المحافظة الواقعة على الحدود الشرقية لليمن مع سلطنة عمان، وارتخت قبضة المملكة على شبوة.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية