صرح المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الأربعاء بأن المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة “لن تؤدي الى رفع العقوبات” بعد تأكيد طهران تسلمها رسالة من الرئيس دونالد ترامب.
وصرّح خامنئي خلال لقاء مع طلاب جامعيين “الولايات المتحدة تُهدد بالعسكرة. برأيي، هذا التهديد غير حكيم”. وأضاف “إيران قادرة على الرد وستوجه بالتأكيد ضربة”.
جاءت هذه التصريحات فيما أكدت وسائل إعلام إيرانية أن وزير الخارجية عباس عراقجي تلقى رسالة ترامب التي سلمها له المسؤول الإماراتي الكبير أنور قرقاش.
وقال خامنئي إن دعوة الولايات المتحدة لإجراء محادثات عبر الرسالة تهدف إلى “خداع الرأي العام العالمي” من خلال إظهار أن الولايات المتحدة “تريد التفاوض … لكن إيران ليست راغبة في ذلك”.
وأضاف “جلسنا وتفاوضنا لعدة سنوات، وهذا الشخص نفسه ألقى بالاتفاق النهائي والمكتمل والموقع من على الطاولة ومزقه”، في إشارة إلى انسحاب واشنطن أحاديا من الاتفاق النووي لعام 2015 خلال ولاية ترامب الأولى التي انتهت عام 2021.
منذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، دعا ترامب إلى إبرام اتفاق نووي جديد مع طهران، مع إعادة فرضه سياسة “الضغوط القصوى” على الجمهورية الإسلامية مبررا ذلك بالمخاوف من سعيها إلى تطوير أسلحة نووية.
ولطالما نفت طهران سعيها لتطوير سلاح نووي.
استبعدت إيران رسميا إجراء محادثات مباشرة طالما بقيت العقوبات قائمة، وقال المرشد الأعلى الأربعاء إن “التفاوض مع هذه الحكومة الأميركية لن يؤدي الى رفع العقوبات، أي أنه لن يرفعها، بل سيجعل من العقوبات أكثر شدة”.
وصرح خامنئي خلال اللقاء مع طلاب جامعيين “في ما يتعلق بالأسلحة النووية، يُقال لن نسمح لإيران بامتلاكها. لو أردنا صنع أسلحة نووية، لما تمكنت أميركا من منعنا”.
وتابع “إن عدم امتلاكنا للأسلحة النووية وعدم سعينا للأسلحة النووية يعود إلى عدم رغبتنا بها”.
وقال آية الله علي خامنئي الذي تعود إليه الكلمة الأخيرة في شؤون الدولة إن إيران “لا تسعى للحرب ولكن إذا تحرك أحد فإن ردنا سيكون حازما ومحققا”.
وفي ظل العقوبات الضاغطة على اقتصادها، تستكشف إيران إمكان إجراء محادثات مع الولايات المتحدة في حين تقاوم الضغوط لتقديم تنازلات كبيرة.
منذ عودته الى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، أعاد ترامب العمل بسياسة “الضغوط القصوى” التي اعتمدها حيال الجمهورية الإسلامية خلال ولايته الأولى، لكنه تحدث في الوقت ذاته عن السعي لاتفاق جديد بشأن برنامجها النووي، بدلا من اتفاق 2015 الذي سحب بلاده منه بشكل أحادي في 2018.
وأكد عدد من المسؤولين الإيرانيين أن طهران لن تفاوض واشنطن في ظل “الضغوط القصوى”، وشدد الرئيس مسعود بزشكيان الثلاثاء على أن إيران “لن تنحني إذلالا أمام أحد”.
وكشف ترامب الجمعة أنه بعث برسالة الى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، يضغط فيها للتفاوض بشأن الملف النووي، أو مواجهة عمل عسكري محتمل.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن وزير الخارجية عباس عراقجي تلقى رسالة ترامب التي سلمها المسؤول الإماراتي الكبير أنور قرقاش.
يقول المراقبون إن موقف طهران يظل متركزا على برنامجها النووي وليس على قضايا أوسع نطاقا.
وقال محلل السياسة الخارجية الإيراني رحمن قهرمان بور “يبدو أن إيران مستعدة لإجراء مفاوضات محدودة، بمعنى ألا تتعدى الملف النووي”.
في المقابل، يبدو أن ترامب يسعى الى إبرام “اتفاق شامل” مع الجمهورية الإسلامية، يشمل البرنامجين النووي والصاروخي الذي يثير قلق دول غربية وإسرائيل، إضافة الى “محور المقاومة” الذي يضم طهران وقوى إقليمية حليفة لها ومعادية للدولة العبرية.
وقالت بعثة إيران طهران في الأمم المتحدة الأحد إن طهران قد تدرس التفاوض مع واشنطن بشأن النووي، في حال تعلق ذلك بالمخاوف من “احتمال عسكرة” برنامجها وليس لوقف تطوّره.
وأضافت في منشور على منصة إكس “إذا كان (التفاوض) بهدف القضاء على البرنامج النووي الايراني السلمي… فإن مفاوضات كهذه لن تعقد إطلاقا”.
– “مطالب جديدة” –
غداة إعلان ترامب أنه بعث بالرسالة الى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، انتقد الأخير السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة، العدو اللدود لبلاده منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979.
وقال خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا لإيران، إن “محادثاتهم لا تهدف إلى تسوية القضايا بل من آجل التآمر وفرض توقعاتهم”.
أضاف “يُعدّ التفاوض بالنسبة إليهم وسيلة ومسارا لطرح مطالب جديدة، تشمل القدرات الدفاعية والدولية للبلاد، وفرض توقعات من هذا قبيل +لا تفعلوا كذا، ولا تلتقوا بفلان، يجب ألّا تتجاوز صواريخكم مدى معينا+ وهذه المطالب لن تقبل بها إيران أبدا، ولن تتحقق”.
وسبق لخامنئي أن حذّر حكومة بزشكيان من أن التفاوض مع الولايات المتحدة لن يحلّ مشكلات إيران، مذكرا بالتجارب المريرة السابقة مع واشنطن.
وبعد أعوام من التوتر والتفاوض، أبرمت إيران اتفاقا مع القوى الكبرى، أتاح رفع عقوبات اقتصادية كانت مفروضة عليها، لقاء قيود على أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
وقام ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى، بسحب بلاده أحاديا من الاتفاق المبرم في عهد سلفه باراك أوباما، وأعاد فرض عقوبات قاسية على طهران. وردت الأخيرة بعد عام ببدء التراجع عن غالبية التزاماتها بموجبه.
وتزيد العقوبات بشكل كبير من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها إيران، إذ تساهم في ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة العملة المحلية.
ورأى قهرمان بور إن المسؤولين في إيران والولايات المتحدة على السواء يستخدمون “الخطاب السياسي” لإقناع “قواعدهم الانتخابية” بأنهم يفاوضون من موقع قوة إزاء الطرف الآخر.
– “لا خيار” –
من جهته، تحدث الخبير في العلاقات الدولية علي بيغدلي عن مؤشرات الى أن طهران “تستعد، إما من خلال وساطة روسيا أو دول أخرى مثل السعودية، للقبول بإجراء مفاوضات نووية”.
ورغم فشل كل جهود إحياء الاتفاق النووي عقب نهاية ولاية ترامب الأولى (2021) وخلال ولاية خلفه جو بايدن، تعقد إيران والدول الأوروبية الأطراف في الاتفاق النووي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، مباحثات من حين الى آخر بشأن المسألة النووية. كما شكّل هذا الملف موضع نقاش منفصل مع روسيا.
والأربعاء، أعلنت وزارة الخارجية في الصين أنها ستستضيف الجمعة مباحثات مع إيران وروسيا بشأن برنامج طهران.
وأشار قهرمان بور إلى أن إيران تسعى لضمان “أن تمتنع الولايات المتحدة عن فرض عقوبات جديدة على الأقل، بهدف إظهار حسن نيتها”.
وحذّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرارا خلال الأشهر الماضية، من أن إيران تزيد منسوبها من اليورانيوم العالي التخصيب. وتؤكد طهران على الدوام أن برنامجها النووي سلمي وأنها لا تسعى لتطوير سلاح ذري.
وفي حين استبعد بيغدلي أن تتعرض إيران لضربة عسكرية لأن ذلك قد يؤدي الى “إشعال الشرق الأوسط برمته”، رأى أن “لا خيار” أمام طهران سوى التفاوض مع الولايات المتحدة.
وأوضح “من دون مباحثات مع الغرب وتخفيف العقوبات، لا يمكننا تجاوز هذه الصعوبات الاقتصادية”.
اخبار سورية الوطن 2_راي اليوم