عبود:سياسات المركزي تؤدي لتسرب كبير للقطع الأجنبي خارج المنظومة الاقتصادية..
حسن:ملايين الدولارات سيتم إرفادها بالبنك المركزي يومياً في حال تم توحيد سعر الصرف
الأصفري:ضرورة المرونة وسلاسة الاجراءات النقدية وفتح الاستيراد لمن يشاء
هيثم يحيى محمد
يعاني المواطن السوري من ارتفاع متواصل في اسعار المواد الغذائية وغير الغذائية مع عدم قدرة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والجهات ذات العلاقة على ضبط الاسعار والاسواق في ظل الارتفاع والانخفاض بسعر صرف الدولار ووجود عدة اسعار له
كما يعاني المواطن من فقدان بعض المواد الاساسية كحليب الاطفال وغيره وقلة مواد اساسية اخرى كالمحروقات وتواجدها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة لعدة مرات عن اسعارها الرسمية
هذا الواقع يعود -كما يرى الكثيرون -لعدة اسباب بعضها خارجي ومعظمها داخلي يتعلق بسوء الاجراءات النقدية والية الاستيراد والتصدير المتبعة وسوء الادارة الاقتصادية وتراجع الانتاج..الخ
في ضوء ماتقدم سألنا بعض الاقتصاديين عن رأيهم بهذا الواقع والاسباب التي ادت وتؤدي اليه ومقترحاتهم لمعالجتها
القطع يتسرب للخارج
*يقول الدكتور ذو الفقار عبود-كلية الاقتصاد في جامعة طرطوس :
هناك أسباب عدّة سياسية واقتصادية لعبتْ دوراً كبيراً في تأزم الوضع الاقتصادي نذكر منها:
* تأثر سعر صرف الليرة السورية بالأوضاع في دول الجوار وتحديداً لبنان والعراق فمنذ بداية الحرب على سورية بقيتْ بعض المنافذ مفتوحة يتنفّس منها الاقتصاد السوري، وعندما اضطربت أوضاع لبنان وتبعه العراق تأزّمتْ الأوضاع الأمنية، وتخلخلتْ الركائز الاقتصادية في كلا البلدين، وأصبح اقتصادهما على حافة الانهيار، وأدّى ذلك إلى تأثر الليرة السورية بضعف الاقتصاد في العراق ولبنان إضافة إلى زعزعة الاقتصاد الإيراني، ما أثر بدوره على التبادل التجاري مع سورية.
* المناطق الغنية بالنفط والغاز التي تسيطر عليها الوحدات الكرديّة الانفصالية.
*الاحتلال التركي عبر عملياته العسكرية في الشمال السوري أثر في تراجع سعر صرف الليرة السورية، فسيطرة الفصائل المسلحة التي تعمل تحت إمرة الجيش التركي على مناطق في الشمال السوري وعلى بعض الآبار النفطيّة هناك ساهم في إغلاق الإمدادات النفطية الذي كانت تتدفق من مناطق ميليشيات الوحدات الكردية الانفصالية pkk إلى المناطق التي تخضع للحكومة السورية الشرعية، فأدّى ذلك إلى شحٍّ في البترول والغاز الطبيعي تعاني منه دمشق، مّا جعل هناك عجزاً عن تعويض تلك الحاجة الضرورية، والتي تُعدّ العصب الرئيس للحياة والحركة في البلاد، لاسيما الحاجة الماسة للمحروقات اللازمة في فصل الشتاء.
*سياسات مصرف سورية المركزي : فنتيجة الفجوة بين سعر صرف العملات الأجنبية في السوق الموازية والسوق الرسمية هناك تسرب كبير للقطع الأجنبي خارج المنظومة الاقتصادية.. فقام تجّار كثر بنقل بعض أموالهم واستثماراتهم إلى لبنان ومصر والأردن.
*التخلي عن العملة السورية الوطنية في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة:العملة التركية هي العملة السائدة (نسبياً) في المناطق المحتلة، حيث تقوم تركيا بدفع المعاشات لكثير من القطاعات والبلديات بالعملة التركية.
* تجار دمشق وبيروت بشكل رئيسي ومع تدهور الليرة اللبنانية قاموا بسحب القطع الأجنبي في سوريّة لدعم تجارتهم في بيروت، ممّا أدى إلى زيادة الطلب على العملة الصعبة في دمشق، فأدّى ذلك على ضرب الاقتصاد السوري. وبالمقابل مع قيام الاضطرابات في لبنان قام تجّار لبنان بسحب الدولار من الأسواق السوريّة لدعم اقتصاد لبنان المتدهور فأدّى إلى نفس النتيجة.
*سياسة الدعم الاجتماعي تطال البالغين فقط ولا تلحظ الأطفال الرضع الذين تبلغ نسبتهم من مجموع السوريين حوالي (22%) فلماذا لا تدعم الحكومة حليب الأطفال الذي هو الغذاء الرئيسي لهذه الشريحة من السوريين أو على الأقل تنشئ معملاً للحليب المجفف بما يخفض من فاتورة الاستيراد بالقطع الأجنبي؟
وأضاف عبود:هذه أهم العوامل التي ساعدت في تفاقم الأزمة الاقتصادية وانخفاض سعر صرف الليرة السورية، وهناك عوامل أخرى كالفساد وعدم إيجاد الحلول الاقتصادية المناسبة، واتباع سياسة ضريبية كمية إضافة إلى انعدام ثقة التجار بتحسن الوضع الاقتصادي ما يدفعهم لتهريب أموالهم خارج البلاد.
وختم رأيه بالقول:إنّ حاجة سورية اليوم إلى الأمن الاقتصادي الذي يجعل من تدفق التجارة والاستثمار أمرا ضروريا إضافة إلى نزاهة المسؤولين، وإنهاء الحرب وعودة المهجّرين ورؤوس الأموال، وفتح الحدود للتجارة، كل هذه العوامل كفيلة بإنعاش الاقتصاد في سورية.
*توحيد سعر الصرف
*د.اياد محمود حسن باحث ورجل أعمال وعضو مجلس الأعمال السوري الروسي قال: الإقتصاد بحاجة لخطوات جدية مؤثرة ومدروسة تبنى على إمكانيات واقع حقيقي وقوانين من شأنها بناء إقتصاد وطني عام لا إقتصادات فردية خاصة وأما بالنسبة لإستقراره فلن يستقر لطالما هنالك فارق فيمابين سعر الصرف بالمركزي وسعر الصرف المتداول على حد وصفهم وأما إرفاد البنك بالعملة الصعبة فيجب أن تبدأ من إنفتاح البنك المركزي وتعديل قوانينه وسياساته التي قيدت البنك وفسحت المجال لإنتعاش شركات الصرافة الخاصة ..
وأضاف:ملايين الدولارات سيتم إرفادها بالبنك المركزي يومياً في حال تم توحيد سعر الصرف والذي يحتاج لخطوة هي الحلقة المفقودة والتي لن يستقر الإقتصاد الوطني ولن تُضبط الأسعار إلا من خلالها فكل الإجراءات المتخذة حالياً ومستقبلاً من قبل وزارة التموين وغيرها من الوزارات والجهات والخاصة لضبط الأسعار ستبوء بالفشل في ظل تخبط سعر الصرف وتحكّم بعض التجار المستوردين والمعتمدين من قبل وزارة الإقتصاد والذين هم من يساهم في تخبط سعر الصرف من خلال مستورداتهم المقوننة بموجب إجازات وبوالص وفواتير مقوننة ومدروسة بإمتياز على طلب أصحابها فسعر الصرف بالمركزي 4500 وسعر الصرف المتداول بالسوق السوداء القذرة 6000 واكثر وسعر الصرف الذي يسعر المستورد مستورداته عليه 10000 !!
وختم بالقول:ارى ان الإنفراجات قادمة بلا أدنى شك ولكنها لن تكون متسارعة كما ينتظر المجتمع وهنا على الحكومة العمل على تعديل بعض القوانين وإتخاذ الإجراءات المناسبة وبكافة المجالات إستعداداً لتلك الإنفراجات فالإنفراجات التي لا يتم الإستعداد للإستفادة منها بشكل ممنهج ومؤطر من شأنها أن تتحول لأزمات على المدى البعيد وبالتالي الإستفادة من أخطاء الماضي ودروسه هو السبيل و النهج الأمثل لعمل الحكومة في المرحلة القادمة
*فتح الاستيراد لمن يشاء ومرونة في التسعير
*الخبير الاقتصادي علاء أصفري يقول:
هناك مكابرة من قبل أجهزة الدولة على ربط الليرة السورية بالدولار في الاسواق الموازنة والاسواق السوداء وهو السعر الحقيقي لليرة السورية لذلك ترى هنالك بطء في الاجراءات سواء من حيث الاجراءات النقدية وٱليات الاستيراد والبطء الشديد في التسعير وهيمنة التسعيرة على الاسواق بعيدا عن التلاعب بالليرة السورية مع الدولار ..
وعندما يكون هنالك ازدياد مفاجئ في انخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية ترى البطء في التجاوب بالنسبة للوزارات المعنية في التسعير هذا يؤدي إلى خلل في السوق أو فقد للاصناف وبالتالي احتكارها تمهيدا لطرحها بأسعار سوداء كبيرة.. سرعة التجاوب هي الاساس والمرونة وسلاسة الاجراءات النقدية وفتح الاستيراد لمن يشاء من حيث المواد خاصة الاستراتيجية هي التي تعطي عامل تنافسية في السوق وتثبت الاسعار إلى حد كبير وبالتالي نعاني الان من فقدان الكثير من المواد ريثما تتحرك الوزارات المعنية لتسعيرة جديدة يكون قد انقضى اكثر من شهر على ارتفاع الاسعار وبالتالي أصبح المواطن عرضة لأسعار السوق السوداء والجشع والطمع والخ…..
وأضاف الأصفري:مثال على ذلك الحليب تسعره وزارة الصحة السورية ووزارة الاقتصاد .. هناك ايضا تسعيرة الادوية إلى الآن لم تخرج نشرة دوائية منذ اكثر من اشهر على تعديل تسعيرة الادوية لذلك يضطر اصحاب المصانع إلى ايقاف تصنيع هذه الادوية نتيجة الخسائر الباهظة التي يتحملها أي معمل ريثما تتحرك وزارة الصحة وتضع تسعيرة جديدة يكون الدولار مع الاسف قد قفز من جديد إلى تسعيرة بالليرة السورية أخرى وبالتالي نحن في حلقة مفرغة جوفاء… يجب أن يكون هناك مرونة يومية في التسعير وفق السوق السوداء يجب أن يكون هناك سلاسة في تحرير الاسعار رويدا رويدا وتركها للمنافسة.. اعتقد ان كثير من الدول نجحت عندما تم الضغط على عملتها الوطنية في تحرير الاسعار واستقرار الاسواق إلى حد ما .. اما الان نحن نعاني من الاحتكار ومن الجشع الكبير بسبب الفروقات بين بطء اجراءات الدولة وتمهلها وبين حركة السوق اليومية هنا المشكلة تكمن واعتقد أن الحلول واضحة جدا ..
وختم بالقول:طبعا هناك عامل كبير أيضا هو موضوع الفساد حيث هناك الفساد اصبح بشكل غير مسبوق في مؤسسات الدولة واصبح هناك صفقات سرية تحت الطاولة .. لذلك اعتقد بأن الاحتكار ليس بريئا والاحتكار في مستودعات كبيرة كما لاحظنا في حلب بالنسبة لاحتكار مادة المازوت ثم هدرها بهذه الطريقة يشي بان كثير من المسؤولين قد يكونوا متورطين بشكل كبير بملفات كبيرة في الفساد لذلك الفساد هو احد اكبر العوامل ايضا التي تؤدي إلى زعزعة استقرار السوق وارتفاع الأسعار بشكل غير منطقي وهذا ما يحدث على الغالب
(سيرياهوم نيوز4-الوطن)