خبراء مصريون يجيبون عن سؤال الساعة: ما حقيقة الوضع المائي لمصر الآن؟ هل هناك فعلا انخفاض غير مسبوق في إيراد النيل بسبب “سد النهضة”؟ د. القوصي يرجّح أن هناك

تشهد مصر جدلا هائلا بين خبراء الري والمياه حول تداعيات الملء الرابع لسد النهضة، وسط ترقب للقادم المجهول وسط مفاوضات يراها البعض لا مفر منها، ويعتبرها آخرون عبثية لا فائدة فيها، مؤكدين أن الإثيوبيين نكثوا بعهودهم، ولعبوا لعبتهم.

خبير المياه العالمي د. ضياء الدين القوصي يرى أن الوضع المائي لمصر قلق جدا،مشيرا إلى أننا لو تعرضنا لسلسلة فيضانات منخفضة، فسيحدث ما لا يحمد عقباه.

وأضاف لـ “رأي اليوم” أن مخزون المياه في السد العالى لن يؤمّن مصر إلا لبضع سنوات.

وأوضح أن الناس لا يشعرون بأزمة الآن، ولكنهم سيعانون إذا وقعت الواقعة، وتواصل انخفاض فيضان النيل.

وحذر القوصي أن يتعرض المصريون لسيناريوهين أحلاهما مر: الموت عطشا أو الموت حربا دفاعا عن وجودهم.

ولفت القوصي إلى أنه قد يكون هناك عيبا كبيرا في السد الاثيوبي، لأن معدل الأمطار منذ يناير الماضي وحتى اليوم يقول إن الفيضان مرتفع جدا،ثم اكتشفنا أن معدل الفيضان ليس مرتفعا.

وخلص القوصي إلى أن الفيضان مرتفع ولكن يوجد عيب في السد يؤدي إلى فقد كميات هائلة من المياه.

وقال القوصي إنه يرجح أن يكون الفالق الموجود أسفل السد والتربة التي بني عليها تربة تعمل على تسريب المياه إلى باطن الأرض،بدليل أن مياه الأمطار لم تتوقف منذ يناير الماضي وحتى الآن على الهضبة الإثيوبية، ومع ذلك فالتخزين قليل، فأين الخلل؟

في ذات السياق قال د. عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية إن هناك انخفاضا غير مسبوق فى ايراد النيل بسبب سد النهضة، مشيرا إلى أن جفاف النيل فى السنوات العجاف يكون نقصا فى الايراد حتى 54% على الأكثر ،وليس جفافا تاما.

وأضاف شراقي أنه فى الثمانينيات انخفض ايراد النيل حتى وصل 58 مليار م3 (31% انخفاض) عام 1984، وأقل عام خلال الـ 150 سنة الأخيرة كان ايراد عام 1913 بمقدار 45 مليار م3 (54% انخفاض)، لافتا إلى أن كل هذه المياه رغم انخفاضها كانت تأتى للسودان ومصر، أما هذا العام فقد تم حجز معظم فيضان النيل الأزرق الذى يشكل حوالى 60% من الايراد الكلى لنهر النيل، ووصل التخزين الرابع حتى أمس الثلاثاء 5 سبتمبر 2023 حوالى 21 من الايراد الجديد للنيل الأزرق 25 مليار م3 بنسبة 84% انخفاضا، لافتا إلى أن هذا لم يحدث فى التاريخ حتى فى سنوات الجفاف.

وقال إن معظم المناطق على طول النيل الأزرق والرئيسى شمال الخرطوم تعاني انخفاض ايراد النيل كما توضح الصور الفضائية بين الخرطوم وسد مروى (ولاية نهر النيل) مما أثر على ملايين المزارعين الذين يعتمدون على الزراعة الفيضية.

واختتم شراقي مؤكدا أن التخزين الرابع مازال مستمرا حتى وصل منسوب 623 م باجمالى 38 مليار م3 ، مشيرا إلى أن من الممكن أن يتوقف فى أى وقت خلال الأيام القليلة القادمة حتى 41 مليار م3 عند منسوب 625 م.

وقال إنه بالنسبة لمصر فقد خسرت كل مايخزن فى سد النهضة، وسوف يعود منه جزء خلال الأشهر القادمة طبقا لفتح بوابتى التشغيل أو التوربينات، لافتا إلى أن السد العالى يقوم بوظيفته على أكمل وجه فى توفير الاحتياجات اليومية بالكامل اعتماداً على الاحتياطى الذى تم الحفاظ عليه نتيجة جهود الدولة على مدار السنوات السابقة والحالية.

من جهته يرى د.نادر نور الدين أستاذ الأراضي والمياه يرى أن الادعاء بأن فيضان النيل الازرق هذا العام 25 مليار متر مكعب فقط هو ضرب من الخيال ومبالغة ممقوتة وتجارة بأحلام الناس، مشيرا إلى أن حجم فيضان اي فرع من فروع النيل القادمة من اثيوبيا (لأن النيل الأبيض القادم من خارج اثيوبيا نادرا مايفيض) لايقدر إلا في شهر نوفمبر من كل عام بعد انتهاء موسم الامطار وليس في أول سبتمبر لأن الفيضان قد يبدأ ضعيفا ثم يزيد او العكس.

وأضاف نور الدين أن الادعاء بأن اثيوبيا سوف تخزن من هذه الكمية القليلة 21 مليارا بنسبة 84%؜ وانه لن يصل لمصر والسودان معا هذا العام الا 4 مليارات متر مكعب (وكأن النيل هو النيل الازرق فقط! )عبث.

وأضاف: فماذا عن بقية فروع نهر عطبرة والسوبات (22 مليار متر مكعب) والنيل الأبيض 13 – 15 مليار متر مكعب)؟!

وأوضح نور الدين أن ما صرفته اثيوبيا لتجفيف الممر الاوسط قبل تعليته ويقدر بنحو 5 مليارات متر مكعب طبقا لكلام البعض ثم فتح البوابتين السفليتين للسد اثناء التعلية لتصريف 2 مليار متر مكعب شهريا على مدار 3- 4 اشهر؟!

وتابع متسائلا: ألم تصل كل هذه المياه الي مصر والسودان؟!

ولماذا التخزين؟ ألم يصرفوها الي مصر والسودان واستلمناها فعلا؟!

وانتقد نور الدين من ادعى ان اقل كمية وصلت الي مصر كانت في التاريخ 24 مليارا بحساب التدفقات للنيل الازرق فقط وليس لكل روافد نهر النيل؟!؟!

وأردف قائلا: ايام الشدة المستنصرية لم تصل أي مياه لمصر طوال ٥-٧ سنوات ومثلها ايام النبي يوسف!

يذكر أن المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان قد استؤنفت أخيرا بجولة أولى في القاهرة لم تسفر عن جديد، وستكون الجولة الثانية في أديس أبابا في سبتمبر الحالي.

وزير الخارجية المصرية سامح شكري قد قال اليوم الأربعاء خلال “مجلس الجامعة العربية” إن مصر رصدت خلال المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة في 27 و28 أغسطس أن إثيوبيا ليس لديها أي توجه للأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة.

 

 

سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم