| علي عبود
أكد الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع تلفزيون الصين المركزي “أننا نستطيع أن نستفيد من التجربة الصينية بجوانب عديدة”، ورأى أنه “لابد من أن تكون هناك مشاريع مشتركة واحتكاك بين الخبرات الصينية والخبرات السورية في مشاريع ذات طابع اقتصادي صناعي”.
ويرى جميع أساتذة الاقتصاد انه لاإمكانيات أوخيارات فعلية ومثمرة للإستفادة من تجارب الدول الصديقة والحليفة، إلا من خلال المشاريع المشتركة، أو المشاريع الإستثمارية على الأرض السورية، كما حصل ماقبل عام 2011 حيث بدأت الصين بإقامة مدينة صناعية في عدرا لإنتاج السلع والمواد التي تحتاجها الأسواق السورية والعربية!
والملفت أن أحد (الخبراء) الناشطين على الفيس بوك أراد التغريد خارج السرب، كنوع من التمايز أولفت النظر، فرأى ان الإستفادة من الخبرات الصينية لايمكن أن تتم إلا بمخالفة الدستور وقانون العاملين، والإطاحة برأي مجلس الدولة..الخ!
نعم، خلافا للتشريعات في أي دولة في العالم، دعا هذا (الخبير الفيس بوكي) ان “يتم تعيين خبراء بالإقتصاد والسياسات المالية مثل معاون وزير للإقتصاد أو معاون لحاكم مصرف سورية المركزي يحملون الجنسية الصينية”!
أما خلفيات هذه الدعوة الغريبة والمريبة حسب رأي (الخبير الفيس بوكي) فهي “تغيير كل القوانين الهدامة في سورية التي لا تصلح للتطبيق لأي زمان و مكان في الإقتصاد و السياسات المالية”!
لم يسبق لأي أستاذ جامعي في كليات الاقتصاد السورية أن وصف القوانين السورية بـ (الهدامة) وهذه تهمة خطيرة جدا، ليس للحكومة فقط، وإنما للدولة بشخصيتها الإعتبارية والوطنية، وبالتالي يجب أن لا تمر التهمة دون مساءلة!
نحن هنا أمام (خبير فيسبوكي) يدعو لمخالفة الدستور وقانون العاملين من جهة، ويؤكد أن القوانين الخاصة بالإقتصاد والسياسة المالية (هدّامة ) من جهة أخرى!!
طبعا، لايشير هذا (الخبير الفيس بوكي) إلى تاُثيرات الحرب الكونية المستمرة، ولا إلى العقوبات المستمرة والمتزايدة، ولا إلى استمرار الحصار المتصاعدعلى سورية، فهو يوحي وكأنّ الأوضاع في سورية مستقرة، والعلل كل العلل في القوانين (الهدّامة) وانعدام الخبرات، ولا نستبعد ان يعتبر نفسه (الخبير الأوحد في سورية)، ولا نستغرب أيضا أن يكون غاضبا لأن الحكومة لاتستجيب لمقترحاته العبقرية المجانية!!
ونلفت نظر (الخبير الفيسبوكي) أن القوانين الاقتصادية والمالية هي التي حوّلت سورية حتى إندلاع الحرب الكونيةعليها، من مستورد لمعظم السلع والمواد الزراعية والصناعية إلى مكتفية ذاتيا ومصدر للفائض منها، وإن الخبرات السورية، وتحديدا في القطاع الإنشائي، هي التي بنت سورية الحديثة كما عرفناها قبل عام 2011.
والأهم من كل ذلك، إن القوانين الاقتصادية والمالية من خلال الخطط الخمسية هي التي جعلت نسب النمو بحدود 7 % سنويا، ووفرت احتياطي من القطع الأجنبي تجاوز 17 مليار دولار، مع صفر مديونية، وحتى عندما كانت الدولة تقترض من الخارج ، فقد كانت، كما أكد الرئيس الأسد، تفي ديونها مباشرة، فلا تراكم للديون أوعجز عن تسديدها كما هو الحال في لبنان والأردن ومصر..الخ!
السؤأل: هل تجاهل (الخبير الفيس بوكي) هذه الوقائع عمدا أم جهلا، أم هو يلهث وراء المقترحات التي تندرج تحت عنوان الـ (سكوب)؟!!
وبدلا من أن يدعو هذا (الخبير الفيس بوكي) الصين إلى إعادة بناء المدينة الصينية الصناعية في سورية، أو دعوة الشركات الصينية إلى إقامة شراكات مع نظيرتها السورية في القطاعين العام والخاص وفق الأنظمة والقوانين النافذة ، فإنه يدعو إلى “نقل تجربة الصين الناجحة إلى سوريا ببناء نهضة صناعية عن طريق جلب خبراء بالإقتصاد و تعيينهم في مراكز إتخاذ القرار الإقتصادي و المالي”.
حسب علمنا ان المحاور الأساسية وفق الشراكة الإستراتيجية بين الصين وسورية التي ترجمتها الإتفاقيات الموقعة بين البلدين لاتركز على منح سورية مساعدة مالية بـ 2 مليار دولار، وإنما على تنفيذ مشاريع حيوية في إطار مبادرة (الحزام والطريق) من جهة، والمساهمة بمشاريع إعادة الإعمار من جهة أخرى.
وكل ماصدر عن الرئيسين الصيني والسوري، وعن جميع المسؤولين في الصين يؤكد إن التركيز ليس على مساعدات مالية مباشرة وإنما على مشاريع استثمارية في البنى التحتية والصناعية.
أما بالنسبة إلى دعوة (الخبير الفيسبوكي) إلى تعيين صينيين في الوظائف العامة فهي كما قلنا دعوة إلى مخالفة الدستور وقانون العاملين والاطاحة برأي مجلس الدولة..الخ.
لقد نصت المادة /26/ من الدستور على التالي: (المواطنون متساوون في تولي وظائف الخدمة العامة ويحدد القانون شروط توليها وحقوق وواجبات المكلفين بها).
وفعلا نصت الفقرة /أ/ من المادة (7) من القانون الأساسي للعاملين بالدولة رقم 50 لعام 2004 “يشترط فيمن يعيَّن في إحدى الوظائف أن يكون متمتعاً بجنسية الجمهورية العربية السورية منذ خمس سنوات على الأقل”
وهذا النص ينسجم مع رأي معظم فقهاء القانون العام (باستثناء الخبير الفيس بوكي) على أن الجنسية رابطة سياسية وقانونية بين الفرد والدولة وتطبق عليها قواعد القانون العام. والأمر الطبيعي أن يكون تولي الوظائف العامة هو من حق المواطن، وذلك لتوافر شرط الجنسية لكونه أكثر إخلاصاً وولاء لنظام الدولة.
ويشير المحامي محمد حسين في مقالة قانونية له عن شروط التعيين في وظائف الدولة إلى رأي مجلس الدولة رقم 303 لعام 1966 وهو “إن شرط الجنسية هو من النظام العام الذي لا يجوز مخالفته، ولذلك لا يجوز للإدارة أن تستمر في استخدام الموظف إذا لم يتوافر فيه شرط الجنسية”.
ومن خلال قراءة متأنية لرأي مجلس الدولة السوري يُستخلص أن الموظف الذي يترك الجنسية السورية أويتم تجريده منها يفقد حقه بالاستمرار في الوظيفة العامة، لأن الجنسية تعد شرطاً أساسياً لتولي الوظيفة العامة.
والإستثناءات من هذه الشروط في أغلب البلدان قليلة، أبرزها المعاملة بالمثل!
الخلاصة: أيها السوريون ماذا تستنتجون من أقوال ( خبير فيسبوكي) يصف قوانيننا الاقتصادية والمالية بالهدامة، بدلا من تسليط الأضواء على مافيها من ثغرات لتلافيها أو تطويرها، ويدعو إلى مخالفة الدستور وقانون العاملين والإطاحة برأي مجلس الدولة بهدف توظيف غير السوريين في مناصب عالية في الدولة بزعم أن لاخبراء ولا خبرات في سورية؟
(موقع سيرياهوم نيوز)