(خريف العشاق) الحب في مهب الأحداث الكُبرى

فؤاد مسعد:

شارفت عمليات تصوير مسلسل (خريف العشاق) على الانتهاء، وهو من إخراج جود سعيد، تأليف ديانا جبور، بطولة عدد كبير من الفنانين، منهم: محمد الأحمد، صفاء سلطان، أحمد الأحمد، حلا رجب، لجين اسماعيل، علا سعيد، حسين عبّاس، علاء قاسم، جرجس جبارة، جمال العلي، رسل الحسين.. ويحل الفنان الكبير أيمن زيدان ضيفاً على المسلسل. وتمتد الحكاية لتشمل مساحة زمنية تبدأ أوائل سبعينيات القرن الماضي وتصل حتى التسعينيات، وهي الفترة التي شهدت الكثير من الأحداث على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية، وتنطلق الحكاية الرئيسية من ثلاثة شبان قرروا المجابهة والزواج من بيئات مختلفة، فنتابع التحولات التي تطرأ على مصائرهم عبر الفترة الزمنية التي تدور خلالها الأحداث، ليقدم العمل في أحد أوجهه قراءة عن مرحلة هامة من تاريخ المنطقة.
تُعرّف الكاتبة ديانا جبور المسلسل بالقول: (دراما عاطفية اجتماعية عنيفة بسبب تداخل العام مع الخاص، وبسبب الهزة التي أحدثها الحب في ثوابت مجتمعية كانت مستكينة لهذه الحالة الرتيبة التي عاشت فيها على مدى عقود)، وحول توصيف العمل بأنه “رواية تلفزيونية عن الحب المسيّج بأزيز الرصاص” ، تقول: (مرت أحداث كبيرة في القرن الماضي على البلد والعالم انعكست على قصص الحب، فعلى سبيل المثال انعكست حرب تشرين على الشخصيات وانعطفت مصائرها بشكل كبيرة، كما كان لحرب لبنان وأحداث الإخوان المسلمين دور في حدوث انعطافة هامة في مصائرها، بعضها انعكس بشكل إيجابي وبعضها الآخر انعكس بشكل سلبي وفقاً للحالة العامة، فالمنعطفات الكبيرة تُظهِر الجوهر الحقيقي للناس، لذلك قلنا حب وأزيز الرصاص في الوقت نفسه)، وعن حرصها بأن تدور مجريات المسلسل في فلك مراحل تاريخية محددة (حرب تشرين، اجتياح لبنان، اجتياح الكويت) تشير إلى أنها لم تتقصد اختيار هذه الأحداث ولكن خلال الفترة التي يتم تناولها مرت أحداث كبيرة انعكست على مصائر الشخصيات. حتى أنه انهار جدار برلين وانهارت ايديولوجيات كبيرة، وأعيد النظر في الكثير من المبادئ والأولويات عن الأفراد.
في سؤال المخرج جود سعيد حول (إلى أي درجة يمكن القول انه حتى ضمن الثلاثين حلقة تتجه في مكان ما نحو هوسك السينمائي؟) يجيب قائلاً: (حاولت أن أحيّده قدر الإمكان، وطبيعة النص لا تحتمل ذلك وإنما تحتمل منطقاً آخر في التعاطي، كما أن مفهوم الزمن ضمن شرط العرض المتلفز أو عبر المنصات والوسائط الالكترونية والزمن الممتد على ثلاثين حلقة يفرض عليك تعاملاً مختلفاً في بنية المشهد وبالتالي تصبح وظيفة اللقطة مختلفة، ولكن بما أن المسلسل التلفزيوني يعتمد بشكل رئيسي على الحوار فهذا يفرض عليك بُنى بصرية مختلفة تماماً، فلا تستطيع في مسلسل تلفزيوني ألا تسمع حواراً على مدى ثلاثة مشاهد متتالية بينما في فيلم سينمائي قد تعرض خمس دقائق متتالية دون أي كلمة وتكون ممتعة للمشاهد، أحكي هنا ضمن الإطار العام لأن هناك مسلسلات لها وضع خاص) ، أما حول التعامل الرقابي مع نص المسلسل حيث كان مرفوضاً في البداية في المرحلة الأولى ومن ثم تمت إجازته، يقول: أعتبر أن النص حتى في صيغته الأولية كان مؤداه واضحاً، والعملية التي قامت بها الكاتبة ربما هي تسليط الضوء على بعض الجوانب أكثر مما كان عليه الأمر في النسخة الأولى مما شكل راحة للرقابة، ورغم أنني لست ممن يمتدحون الرقابة وأعتبر أنه ينبغي عدم وجودها إلا وفق صيغ محددة جداً ، ولكن كلمة حق تُقال وهي أنها تعاملت مع النص بصيغته الجديدة بصدر رحب، وهو أمر يُحسب لها.