آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » خضوع أوروبا لشروط ترامب التجارية: يوم أوروبي مظلم

خضوع أوروبا لشروط ترامب التجارية: يوم أوروبي مظلم

حسن حردان

 

 

أعلن مؤخراً عن اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد مفاوضات مضنية، وقد أثار هذا الاتفاق الكثير من النقاش حول مدى نجاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فرض شروطه على أوروبا.

أولاً، ترامب يُخضع أوروبا

من الواضح أنّ ترامب نجح بشكل كبير في فرض رؤيته التجارية الحمائية على الاتحاد الأوروبي. فقد فرضت الولايات المتحدة تعريفة جمركية موحدة بنسبة 15% على معظم السلع الأوروبية، وهو ما يمثل زيادة كبيرة عن متوسط التعريفات السابقة (الذي كان يتراوح بين 4.5% و 5%). كما التزم الاتحاد الأوروبي بشراء كميات هائلة من منتجات الطاقة الأميركية (بقيمة 750 مليار دولار بحلول 2028) والاستثمار بمبلغ 600 مليار دولار في الولايات المتحدة.

ويرى مؤيدو ترامب أنّ هذه النتائج دليل على نجاح «دبلوماسية التعريفات» التي اتبعها، والتي تعتمد على التهديد بفرض رسوم جمركية أعلى لدفع الشركاء التجاريين إلى تقديم تنازلات. ويرى بعض الاقتصاديين أنّ هذا الاتفاق يمثل انتصاراً لأسلوب ترامب في عقد الصفقات، حيث حصلت الولايات المتحدة على شروط تجارية مواتية من دول أخرى بينما قبلت هذه الدول التعريفات الأميركية.

ومع ذلك، هناك وجهة نظر أخرى ترى أنّ الاتفاق، وإنْ كان قد جنّب حرباً تجارية شاملة، إلا أنه لا يزال يمثل صفقة غير متوازنة لصالح الولايات المتحدة. فقد كان الاتحاد الأوروبي يسعى في الأصل إلى تعريفات صفرية، والنتيجة النهائية بعيدة عن ذلك. وقد انتقد بعض المسؤولين الأوروبيين، وخاصة من فرنسا، الاتفاق ووصفوه بـ «اليوم المظلم» لأوروبا، معتبرين أنه يمثل «خضوعاً» لمطالب ترامب ويضعف موقف أوروبا الاقتصادي والسياسي.

ثانياً، كيف ولماذا خضعت أوروبا؟

خضعت أوروبا لعدة أسباب رئيسية:

السبب الأول، تجنّب حرب تجارية شاملة: كان التهديد الأكبر من ترامب هو فرض تعريفات جمركية بنسبة 30% على السلع الأوروبية إذا لم يتمّ التوصل إلى اتفاق. كان من شأن هذه الحرب التجارية أن تلحق أضراراً جسيمة بالاقتصادات الأوروبية، وخاصة ألمانيا التي تعتمد بشكل كبير على الصادرات. وصرح كبار المفاوضين الأوروبيين بأنّ هدفهم الرئيسي كان تجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى خسارة ملايين الوظائف في أوروبا.

السبب الثاني، الضغوط الاقتصادية والسياسية: كانت أوروبا تواجه ضغوطاً كبيرة من إدارة ترامب، التي اتهمت الاتحاد الأوروبي بالممارسات التجارية غير العادلة. كما أنّ وجود انقسامات داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، حيث فضلت بعض الدول التوصل إلى اتفاق سريع، أضعف موقف المفاوضين الأوروبيين.

السبب الثالث، الحاجة إلى الاستقرار والقدرة على التنبّؤ: صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتفاق «سيجلب الاستقرار والقدرة على التنبّؤ» للشركات على جانبي المحيط الأطلسي، وهو أمر حيوي للأعمال التجارية.

ثالثاً، الاستفادة من «فخ التعريفات»: يرى بعض المحللين أنّ ترامب استخدم تكتيكاً ذكياً، حيث هدّد بتعريفات أعلى (30%) ثم خفضها إلى 15%، مما جعلها تبدو وكأنها تنازل أميركي، بينما في الواقع، كانت أعلى بكثير من متوسط التعريفات السابقة. هذا جعل الاتفاق يبدو أفضل مما كان يمكن أن يكون عليه، حتى لو كان لا يزال مكلفاً لأوروبا.

كما نجح ترامب في جعل أوروبا تعتمد في استيراد احتياجياتها من الطاقة من الولايات المتحدة وهو أحد أهمّ أهداف واشنطن من دفع وإجبار أوروبا على فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا.. بعد ان حرّضت واشنطن أوكرانيا على الدخول في الحرب مع روسيا.

باختصار، يمكن القول إنّ ترامب نجح في الحصول على تنازلات كبيرة من أوروبا من خلال استخدامه للتهديدات بالتعريفات الجمركية، بينما خضعت أوروبا لتجنب حرب تجارية مدمرة ولتحقيق قدر من الاستقرار الاقتصادي، على الرغم من أنّ العديد من الأصوات الأوروبية تعتبر الاتفاق غير متوازن وتنازلاً كبيراً.

 

(أخبار سوريا الوطن 1-البناء)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بيان مهم لوزارة المالية حول استئناف منح براءات الذمة المالية لنقل الملكيات العقارية بدءًا من الثالث من آب القادم

    اكدت وزارة المالية اليوم انه وبدءاً من 3 آب 2025، سيتم استئناف عملية منح براءات الذمة المالية في مديريات المالية، بهدف تسهيل نقل ...