آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » خطاب بايدين وما كشفه من حقائق عن الدور الأميركي

خطاب بايدين وما كشفه من حقائق عن الدور الأميركي

 

| تحسين حلبي

 

إن أي قراءة موضوعية لخطاب الرئيس الأميركي جو بايدين أول من أمس، تدل على عدد من الاستنتاجات والحقائق الصارخة التي تثبت ضعف وانهيار قوة الردع الأميركية التي لوح بها حين ذكر أن «وجود حاملة الطائرات فورد في المنطقة هدفه تحقيق الردع» الموجه ضد أي قوة تستهدف إسرائيل، وأولى هذه الحقائق أنه تجنب تسمية القوى التي تدعم المقاومة بأسمائها وفضل القول في خطابه: «أي دولة أو أي منظمة تفكر باستغلال الوضع الإسرائيلي أقول لها كلمة واحدة هي ألا تفعل ذلك»، وهذه العبارة تدل بوضوح على امتناع بايدين عن ذكر قوى محور المقاومة التي تدعم علناً المقاومة الفلسطينية والامتناع عن تهديدها بشكل مباشر بالتدخل ضدها، وهذا الأسلوب العام في تطرقه للقوى التي يعرف دورها يدل موضوعيا على ضعف قوة الردع التي حاول التعبير عنها.

 

وفي كل خطابه الذي استغرق عشر دقائق تقريباً اكتفى بدقائقه الأربع الأولى بذرف الدموع على الخسائر البشرية التي كبدتها المقاومة لجنود جيش الاحتلال والمستوطنين المسلحين الذين واجههم المقاتلون الفلسطينيون داخل المستوطنات واشتبكوا معهم بين طرق المستوطنات، فقد فضل بايدين وصف هؤلاء المستوطنين بالمدنيين والمختطفين وليس الأسرى، وهم الذين يعرف العالم كله أنهم مسلحون، وتثبت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين هذه الحقيقة على لسان جميع رؤساء الحكومات الإسرائيلية وآخرهم قبل سنتين نفتالي بينيت ويائير لابيد واليوم بنيامين نتنياهو ووزير الأمن الداخلي ايتامار بن غافير وشريكه الوزير باتسليئيل سموتريتش الذي أحرق برفقة المستوطنين المسلحين بيوتاً وقتل المدنيين الذين لم تجف دماء أطفالهم ونسائهم حتى الآن في بلدة حوارة الفلسطينية.

 

وقد تضمن خطاب بايدين العنصري التحريضي اتهامات مباشرة للفلسطينيين بمعاداة السامية بل وزاد قائلاً إن الفلسطينيين يقومون بعملية «إبادة شعب – جينوسايد» ضد الإسرائيليين وقد استخدم هذه العبارة لكي يغطي إدانة الكيان الإسرائيلي وحليفه في الغرب بإبادة شعب فلسطين ومحو وجوده وهويته الفلسطينية، وهذه الحقيقة يعرفها العالم والأمم المتحدة وهي عملية إبادة مستمرة منذ 75 سنة، بل إن كتباً أصدرها اليهود بشكل خاص مثل الكاتب نورمان فينكلشتاين اليهودي الأميركي بعنوان «بوليتيسايد» عام 2003 «الإبادة السياسية للشعب الفلسطيني» الذي نشر فيه مذابح رئيس الحكومة الإسرائيلية في عام 2001 – 2005 أريئيل شارون في الضفة الغربية وأهدافها، وكان عدد من اليهود الأوروبيين قد نشروا كتاباً عن «الجينوسايد» الذي تقوم به إسرائيل لإبادة شعب فلسطين، ويبدو أن ما طلبه نتنياهو من بايدين قبل إلقاء خطابه أول من أمس هو استخدام هذه العبارة بالذات للتغطية على المذابح التي يرتكبها الكيان في قطاع غزة في هذه الأوقات وهي تثبت حقا كل مظاهر جريمة إبادة شعب.

 

وفي خطابه حاول بايدين التطرق إلى وجود يهود أميركيين بين الأسرى وهو موضوع اعتيادي لأن الإسرائيليين يحملون جنسيات أخرى تدل على وطنهم الذي جاؤوا منه وتقدر نسبة وجود هذا النوع من الإسرائيليين بـ 40 بالمئة، فثمة إسرائيليون يحملون الجنسية الأميركية وهم كثيرون في الجيش الإسرائيلي ومنهم من كان يعود إلى أميركا ويتولى مناصب قيادية في الإدارة الأميركية مثل عاموس هوكشتاين الذي خدم ضابطاً في الجيش الإسرائيلي ثم أصبح مبعوثاً أميركياً لشؤون الطاقة في الشرق الأوسط، ومنهم رام عمانوئيل الذي كان في عهد باراك أوباما رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض بعد أن خدم برتبة مقدم بجيش الاحتلال الإسرائيلي ويحمل الجنسية الأميركية.

 

وفي إحصاءات الكيان الإسرائيلي هناك جنود من يهود أوروبا يحملون الجنسيتين بل من دول كثيرة وخاصة فرنسا التي أعلنت سلطاتها أول من أمس عن إرسال طائرات لنقل كل من يرغب من الإسرائيليين الذين يحملون الجنسية الفرنسية في مغادرة الكيان باستثناء من يخدم الآن في الجيش، ويشارك في قتل الفلسطينيين، وبسبب هذا الواقع اليهودي– الأميركي واليهودي – الأوروبي من الطبيعي أن يقع في أسر رجال المقاومة جنود من جنسيات كثيرة مزدوجة ومستوطنون مسلحون يمارسون قتل الفلسطينيين وهم يحملون جنسيات فرنسية وأميركية وألمانية وإيطالية وبريطانية بشكل خاص، ولا شك أن واشنطن وعواصم الغرب لا يهمها فيما إذا كان المواطنون من دولهم يحملون جنسية الجيش الإسرائيلي ويقومون بتصفية الفلسطينيين بطائرات ومدافع إسرائيلية، فالمقاومة تمنعها دول الغرب كلها عن أن تضم عرباً ومسلمين يقاتلون إلى جانبها دفاعاً عن الأرض العربية ومقدساتها الإسلامية، على حين أن هذه الدول الغربية تشجع من لديها من المواطنين اليهود بالتطوع في جيش الاحتلال.

 

سيرياهوم نيوز1-الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل اقتربت العملية الروسية الخاصة في اوكرانيا من تحقيق غاياتها؟ وماذا كسبت روسيا من حربها؟

  ميخائيل عوض بعيدا عن المواقف العقائدية واللغة الخشبية لتي ميزت ردود الفعل على العملية الخاصة الروسية قبل سنتين وسيل التشكيك والتحليلات التي جزمت بخسارة ...