تنتشر في أحياء دمشق القديمة مئات المنازل المتداعية والآيلة للسقوط في أي لحظة، كالمنازل الموجودة في أحياء الشاغور، والقنوات والعمارة والقيمرية وباب سريجة وساروجة وغيرها.
أبو عدنان أحد سكان حي العمارة قال خلال حديثه لـ”الثورة”: إنّ بيوت دمشق القديمة أضحت اليوم تعاني من تصدعات عديدة تتسبب بالمشكلات لنا، أبرزها تسرب المياه في الشتاء من الأسقف، لكن دون قدرتنا على إصلاحها أو ترميمها، مؤكداً على أن صعوبة الحصول على رخصة الترميم من محافظة دمشق هو من بين الأسباب التي تعيق إصلاح وترميم منازلنا، يضاف إليها ارتفاع أسعار مواد الترميم في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
كما اتهم أعضاء مجلس محافظة دمشق بتأخير إصدار تراخيص ترميم الأبنية القديمة ما يعرضها لخطر الانهيار خلال الجلسات الدورية المنعقدة منذ بداية العام الجاري.
تشدد في منح رخص الترميم
وتتشدد المحافظة في منح رخص الترميم لأصحاب العقارات الخاصة في دمشق القديمة “رخصة التدعيم وإعادة البناء الجزئي” مبررة ذلك التشدد بأن المنطقة أثرية لها معاملة خاصة لجهة الدراسة الإنشائية، ونوع وكمية المواد المستخدمة في الترميم.
وتشترط للحصول على طلب رخصة الترميم وجود صاحب العقار أو ورثته، وهذا أمر ليس سهلاً لأن دمشق القديمة تشهد خلافات قضائية بين أجيال من الورثة على الإرث والتركات القديمة، وخلافات بين مستأجرين ومؤجرين وفق عقود الإيجار القديمة السكنية والفروغ التجارية الخاضعة للتمديد الحكمي، وتلك الإشكاليات والتعقيدات تسببت في وضع إشارات مانعة من التصرف على كثير من عقارات المدينة القديمة، ما يحول دون الحصول على رخص الترميم.
مدير مديرية دمشق القديمة أميمة عبود كانت بينت في تصريح سابق خلال اجتماعات مجلس المحافظة أن هناك لجنة تم تشكيلها لهذا الغرض مؤلفة من ممثلين عن مديرية دمشق القديمة وعن فرع نقابة المهندسين وعن مديرية دوائر الخدمات في المحافظة مهمتها الكشف على العقارات القديمة وتقدير مستوى الخطر عليها والآيل منها للسقوط.
تناقض في المهام
ما يثير الاستغراب في تشكيل هذه اللجنة استبعاد مديرية الآثار الجهة الوحيدة التي تمتلك الخبرات والكوادر القادرة على تحديد الأضرار في المدينة القديمة، واقتراح طرق لتلافيها وإصلاحها بما لا يسيء للنسيج المعماري في المدينة القديمة، إضافة للتناقض الواضح في مهامها، إذ إن من مهام البلديات في المحافظة الكشف على الأبنية الآيلة للسقوط وإصدار رخص ترميم عاجلة لها، وبالتالي فإن مديرية دمشق القديمة هي المسؤولة عن الكشف الدوري على العقارات في نطاق عملها واتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة المخاطر عليها، ومنح رخص الترميم، والإشراف على تنفيذها، لكن صلاحيات البلديات تم تعطيلها في إصدار رخص الترميم.
تعقيدات إصدار الرخص
أبو أحمد- أحد سكان حي الشاغور- أفاد لـ”الثورة” أن دمشق القديمة تعاني كثيراً من التأخير في ترميم وتأهيل أبنيتها القديمة ما يعرض سلامتها الإنشائية للخطر وبعض الأبنية القديمة آيلة للانهيار من دون أن تتلقى الترميم المناسب بسبب تعقيدات إصدار رخص الترميم، لكون المنطقة أثرية، فأحياناً تتقاطع فيها صلاحيات وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف مع صلاحيات محافظة دمشق بخصوص ملكية بعض العقارات، ليجد سكان دمشق القديمة أنفسهم أمام معضلة أخرى لا تقل تعقيداً حتى في حال عدم وجود مشكلات بين الورثة والمستأجرين.
وأوضح أنه بوجود هذه التعقيدات لا يمكن لأي طرف الحصول على رخصة ترميم نظامية، وللحماية من انهيار العقار على رؤوس ساكنيه يضطر أحياناً قاطنو العقار القيام بترميمه من دون ترخيص وهو ما تعتبره محافظة دمشق مخالفة بناء بموجب المرسوم التشريعي رقم 40 للعام 2012 الخاص بمخالفات البناء، ولا تقبل المحافظة بتسوية المخالفات حتى لو كانت واقعة قبل صدور القانون 40 للعام 2012 من دون أي تبرير، وإن الحل الوحيد لأي مخالفة بناء هو إزالتها وهدمها، ولذا فإن الأهالي يطالبون بإعادة العمل بتسوية مخالفات البناء في دمشق القديمة التي يمكن البرهنة على حدوثها قبل صدور المرسوم.
خسارة الحصول على رخصة ترميم
محمد توتنجي- من سكان المدينة القديمة- بين أن لأصحاب العقارات الحق بالحصول على رخصة ترميم لاحقاً في حال أجروا عمليات ترميم من دون ترخيص، إذ يجب في البداية تسوية تلك المخالفة قبل التقدم بطلب رخصة ترميم جديدة، لكن تظهر مشكلة أخرى أنه في حال تمكن مالك عقار خاص في منطقة أثرية من الحصول على رخصة ترميم، فيجب أن يتم الترميم بإشراف محافظة دمشق ووزارة الثقافة، وإذا كان العقار قائماً على وقف أو مجاوراً لموقع ديني يجب أن تشارك في الإشراف وزارة الأوقاف، كما أن وزارة السياحة تشارك في الإشراف على أعمال الترميم إذا كان العقار يضم منشأة سياحية، مؤكداً على أن تكاليف الترميم تقع على عاتق صاحب العقار وحده ولا تقدم تلك الجهات الوصائية المشرفة أي مساعدة أو دعم مالي لترميم العقارات المتضررة.