نهى علي:
شرعت وزارة الصحّة بخطوة حضارية وراقية – وهي سابقة على مستوى سورية – تتمثّل بتمكين الراغبين في الإقلاع عن التدخين بتحقيق هذا الهدف، الذي تداخلت دوافعه في السنوات الأخيرة بين البعدين الصحي والمادي، بعد التزايد المضطرد في أسعار منتجات التبغ، ووصول ما ينفقه السوريون يومياً إلى ما يوازي رقم الإنفاق على الخبز، وهذا مؤشر خطير، إذ تؤكد دراسات عالمية أن سورية من بين أكثر البلدان تدخيناً في العالم، في وقت خطت الكثير من الدول خطوات مديدة باتجاه تقليص الظاهرة إلى حدود كبيرة.
فقد أعلنت الوزارة عن أنها أخذت على عاتقها التشديد على معالجة ظاهرة التدخين، من خلال تدريب كادر طبي على كيفية تقديم الخدمة للراغبين بالإقلاع عن التدخين عبر عيادات الإقلاع عن التدخين ضمن المراكز الصحية.
وأوضحت مصادر الوزارة في تقارير إعلامية، أنه تمّ تشكيل نواة للفريق لمباشرة عمله، بالتزامن مع إعداد مجموعة رسائل صحية حول الأخطار التي يسبّبها التدخين في زمن “الكورونا” وتوزيعها على كل المراكز الصحية، وإعداد العديد من ورشات العمل بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لتسليط الضوء على العلاقة القائمة بين فيروس كورونا والتدخين.
وأشارت الوزارة إلى الاستراتيجية الخاصة بالبرنامج الوطني لمكافحة التدخين، وذلك بالتشاركية مع كل الجهات الحكومية والأهلية والمنظمات الشعبية للأعوام 2019- 2023 وفقاً للاستراتيجية الإقليمية التي تمّ اعتمادها من قبل منظمة الصحة العالمية لدول شرق المتوسط، إضافة إلى إطلاق الخدمات الصحية للإقلاع عن التدخين في المراكز الصحية تماشياً مع السياسات العالمية “mpower” وتفعيل المراسيم الخاصة بمكافحة التدخين المتمثلة بالمرسوم التشريعي رقم /13/ لعام 1996 بشأن منع الإعلان عن التبغ والمرسوم التشريعي رقم /59/ لعام 2004 بشأن موافقة الجمهورية العربية السورية على الانضمام إلى اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية والمرسوم رقم /62/ لعام 2009 لمكافحة التدخين وتعليماته التنفيذية، بالتزامن مع إعداد مواد تثقيفية لبرنامج مكافحة التدخين والاستفادة منها في نشر التوعية تجاه تلك الآفة، والمشاركة في جميع الاجتماعات والمؤتمرات العالمية للمزيد من التقدم والاستفادة من التجارب العالمية.
يُشار إلى أنه تمّ توسيع نطاق عمل مكافحة التدخين، ليشمل الجهات الحكومية والمنظمات الشعبية والجمعيات الأهلية وتدريب بعض كوادرها على كل المعلومات الخاصة بالأضرار التي يسبّبها التدخين، حيث تمّ التشبيك مع كل الوزارات كـ”الأوقاف، الشؤون الاجتماعية، السياحة، الإعلام، العدل، التربية، والداخلية”، وإعداد العديد من المبادرات من خلال التشاركية مع منظمة طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة ومنظمة الهلال الأحمر، لتطبيق السياسات العالمية الست التي تسلّط الضوء على السياسات العالمية لمكافحة التدخين والعمل على تخفيض نسب انتشاره في سورية.
إلا أن الأرقام التجارية وحقائق السوق تقلل من فعالية كل جهود المكافحة، إذ تؤكد الأرقام الارتفاع المضطرد بأرقام مبيعات التبغ، وتدفقات هائلة لأنواع مهربة هي الأكثر رواجاً من الأخرى المستوردة نظامياً، وتجدر الإشارة هنا إلى الاختناقات التي شهدتها بعض الأصناف الوطنية، و إلى تزايد أعداد المدخنين للتبوغ ذات الإنتاج المحلي غير المصنّعة ” تبغ بلدي”.