تُواصِل الرقابة العسكريّة في تل أبيب فرض التعتيم الكامل على العملية التي تمّ تنفيذها يوم الأحد الماضي في مفترق مجيدو، (الـ 15 من الشهر الجاري) شمال دولة الاحتلال، والتي أسفرت عن إصابة إسرائيليٍّ بجراحٍ بالغةٍ، وأشار ألون بن دافيد، المحلِّل العسكريّ في القناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ إلى أنّ الواقعة المذكورة ما زالت ممنوعة من النشر بأمرٍ من الرقيب العسكريّ، ما يعني أنّ وراء الأكمة ما وراءها، علمًا أنّ الكيان أعلن أنّه تمكّن من قتل مُنفّذ العملية عندما كان عائدًا إلى لبنان، دون أنْ يُدلي بتفاصيل أخرى عن هويته أوْ أيّ تفاصيل أخرى، مع ذلك تمّ الإفصاح عن أنّ العبوّة الناسفة التي انفجرت تمّ تصنيعها في روسيا، وفق المصادر الأمنيّة في الدولة العبريّة.
ونقلاً عن مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلاع قالت القناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ، ليلة أمس الخميس، إنّ خلافاتٍ حادّةٍ وقعت بين رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وبين وزير الأمن، يوآف غالانط والقائد العّام لهيئة الأركان، الجنرال هرتسي هليفي، حول آلية وكيفية الردّ على حزب الله، عُقبَ عملية (مجيدو)، وأشار المحلل العسكريّ في القناة إلى أنّه لم يتّم الاتفاق بين نتنياهو والمنظومة الأمنيّة حول الردّ، مُشدّدًّا على أنّ الجلسة التي عُقِدت ليلة أمس بين الطرفيْن كانت صعبةً ومُثيرةً للغاية، دون الدخول بالتفاصيل، بسبب أمر حظر النشر الجارِف الذي فرضته الرقابة.
وعلى الرغم من التعتيم الكامل حول التفجير الذي هزّ قادة إسرائيل السياسيين والأمنيين، إلّا أنّ العديد من جنرالات الاحتلال في الاحتياط أدلوا بدلوهم، مع توجيه أصابع الاتهام إلى حزب الله اللبنانيّ، وحاولوا استشراف المُستقبل مؤكِّدين في الوقت عينه أنّ إسرائيل ليست معنيّةً بالحرب في هذا الوقت، كما أنّ حزب الله ليس في وارد خوض جولةٍ أخرى من القتال ضدّ جيش الاحتلال.
في هذا السياق قال الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، الرئيس الأسبق لرئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ في مقابلةٍ إذاعيّةٍ، قال إنّ الأمين العّام لحزب الله، حسن نصر الله، ليس معنيًا بالوقت الحاليّ بخوض حربٍ ضدّ إسرائيل، ولكنْ العملية في مجيدو والعمليات العسكريّة الأخرى هي عمليًا نتاج الدعم الذي يلقّاه من إيران”، ورأى أنّ “عملية مجيدو هي الردّ الإيرانيّ على إسرائيل التي تقوم بتوجيه ضرباتٍ لطهران ولحزب الله أيضًا، ولذا فإنّه أحيانًا يُخاطِر، ويقوم بالإضافة إلى ذلك بخلق توترّات مُبتذلةٍ على طول الحدود اللبنانيّة-الإسرائيليّة”.
وشدّدّ المسؤول الأمنيّ الإسرائيليّ الأسبق في معرض ردّه على سؤالٍ على أنّه “أحيانًا التصريحات تقود إلى الحرب، عندما يقوم أحد الأطراف بتفسيرٍ خاطئٍ لتصريحات الآخر، وأنا لا أقلل من خطورة تصريحات نصر الله، ولكن تبقى في إطار التصريحات ليس إلّا”، على حدّ تعبيره.
وأوضح الجنرال آيلاند أنّ الأمين العّام لحزب الله وعلى مدار سنواتٍ طويلةٍ بنى قصّةً بأنّ إسرائيل تقوم بسرقة ثروة الغاز والطاقة اللبنانيّة وبالتالي فإنّ إسرائيل، وإسرائيل فقط هي التي تتحمّل المسؤولية عن تفاقم الأزمة الاقتصاديّة في بلاد الأرز، وأنّ حزب الله، وفق رواية نصر، هو حامي حماة الاقتصاد اللبنانيّ، طبقًا لأقواله.
وأشار الجنرال الإسرائيليّ أيضًا إلى أنّ عملية مجيدو كان هدفها إيقاع أكبر عددٍ من القتلى في صفوف الإسرائيليين، ذلك أنّه وفقًا لنظرية نصر الله فإنّ الطريقة الأمثل هي تنفيذ عمليةٍ وإيقاع جرحى وقتلى في صفوف الإسرائيليين دون أنْ يُعلِن مسؤوليته عن ذلك، وترك إسرائيل لوحدها كي تقوم باتهام طرفٍ ثالثٍ بتنفيذ العملية ضدّها، كما قال.
وفي ختام اللقاء الإذاعي وجّه الجنرال آيلاند انتقاداتٍ شديدة اللهجة لوزير الأمن الإسرائيليّ، يوآف غالانط، الذي هدّدّ في اليوم الذي تلا عملية (مجيدو)، معتبرًا أنّ هذا التهديد لم يكُن في مكانه وأوانه، وفقًا لأقواله.
وخلُص الجنرال آيلاند إلى القول إنّ “إسرائيل ليست بحاجةٍ لإطلاق تهديداتٍ من هذا القبيل فهي تقوم بعملياتٍ ناجحةٍ ضدّ أهدافٍ إيرانيّةٍ وأخرى تابعةٍ لحزب الله، ولذا من الممنوع علينا أنْ نرُدّ على التهديدات بالمثل واللعب وفق القواعد التي يُحاوِل حزب الله وضعها، لأنّ التهديدات التي تُقابَل بالتهديدات ستؤدّي عاجلاً أم آجلاً إلى التصعيد ومن ثمّ إلى الحرب”، على حدّ تعبيره.
وكان رئيس الهية العامّة لجيش الاحتلال، الجنرال هرتسي هاليفي قد قال خلال الأسبوع الجاري إنّ “إسرائيل تنظر إلى حزب الله، وترى جهودهم في بناء القوة، وفوق كل شيء تفهم أنّها بحاجةٍ إلى الاستعداد، ويجِب أنْ نكون مستعّدين في السنوات القادمة، لهجوم متعدد الأطراف تشارك فيه إيران”، على حدّ تعبيره.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع، كما أكّد ليلة أمس المحلل ألون بن دافيد، النقاب عن أنّه للمرّة الأولى يقوم أعداء الكيان بتوحيد الجبهات لضرب إسرائيل، لافتًا إلى أنّ الأوضاع متوترّةً للغاية مع التنظيمات الفلسطينيّة في قطاع غزّة وبالضفّة الغربيّة المُحتلّة، وعلى الجبهة اللبنانيّة مع حزب الله، وأيضًا في سوريّة، وبطبيعة الحال مع إيران، محذّرةً من اشتعال حربٍ شاملةٍ، على حدّ تعبيره.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم