آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » “خلص ..بيكفي”!!

“خلص ..بيكفي”!!

علي عبود 
لم تتردد الحكومة بتكليف وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ليشرح للسوريين تفاصيل التداعيات المحتملة للأزمة الأوكرانية على الاقتصاد السوري، وآليات التعاطي معها!

وتفترض الحكومة إن هاجسين فقط يؤرقان  ملايين الأسر السورية وهما المخازين المتوفرة من المواد الغذائية، وتأثر الأسعار بالإجراءات المتخذة ، وهذا غير صحيح ، فالهاجس الوحيد والفعلي للعاملين بأجر  يتجسد بسؤال مكرر للحكومة دون تلقي أي جواب : متى تكفي أجورنا كفاف يومنا؟!قد تكون الشريحة المقتدرة  ماليا وبخاصة التي أثْرَت بفعل استغلال الأزمات في زمن الحرب هي القلقة من فقدان المواد سواء الأساسية أم الكمالية فهي لاتضمن الحصول عليها من أقنية التهريب ،لكن بالنسبة لملايين الأسر السورية لاتنتابها أي هواجس فأجورها أساسا لاتكفي كفاف يومها!وقد بدت دعوة وزير الأقتصاد بأنه  (لا مبرر الآن لرفع أسعار المواد المتوافرة حالياً) سريالية جدا ،فالأسعار أرتفعت فورا قبل مؤتمره الصحفي وبعده أيضا ، أما دعوته التي شدّد عليها وهي(الجميع معنيين بضبط الأسعار ومنع أي تجاوز) .. فلا تمت إلى الواقع بصلة ،فما من حكومة كان لديها القدرة على تحرير الأسواق والأسعار من قبضة التجار وحيتان المال ، بل لن يتحرر المواطن من هذه القبضة بآليات حكومية غير فعالة لانية لتغييرها طالما تحظى برضى كبار المستوردين المتنفذين!

ومن التجارب البعيدة والقريبة والطازجة ، فإن التجار لن ينتظروا أي ارتفاع عالمي لسعر سلعة ما،فلديهم دائما الحجج والتبريرات ليرفعوا أسعار منتجاتهم أسبوعا بعد أسبوع ،بل ويرغمون وزارة التجارة الداخلية على رفع أسعار المواد والسلع في صالات التدخل “اللإيجابي”!

وقطعاً لم ولن يلتزم التجار بتسعير أي مادة ممولة من المصرف المركزي حسب “السعر الإسترشادي” وسيسعرونها دائما وفق الدولار “الأسود” ، وسيرغمون وزارة التجارة على تعديل أسعارها دائما باتجاه الأعلى ، فعلوها في السنوات السابقة ولن يتوقفواعن فعلها الآن أو في الأمد المنظور!!أما قول الحكومة على لسان وزير اقتصادها بأن مراجعة تخفيض السعر الإسترشادي لعدد من المواد سينعكس على المستهلك فيحتاج إلى الدليل والبرهان ،فطالما أسعار المواد الأساسية من لحوم وفروج وبيض وألبان وأجبان وزيوت ومنظفات ..الخ ، إلى ارتفاع فعن أي انعكاس إيجابي تتحدث الحكومة؟وقبل أن نلوم التجار ، لننظر إلى ماتفعله جميع الجهات الحكومية فهي لم ولن تتردد برفع أسعار سلعها وخدماتها في كل مرة ترتفع تكلفة إنتاجها أو تقرر الحكومة تخفيض دعم سلع لاتزال “تمنننا ” باستمرار دعمها رغم إقدامها على رفع سعرها المرة تلو المرة! 

ولم نُفاجأ بإعلان الحكومة ،ودائما على لسان وزير اقتصادها ، ان سورية ليست بمنأى عن الأزمات العالمية ، وبأن بداية 2022 كانت الأسوأ على الإقتصاد العالمي (حيث ارتفع التضخم وزادت الأسعار، وتقطعت سلاسل التوريد، وارتفعت أسعار الطاقة عالمياً، وكذلك أسعار الشحن، فيما رفعت الأزمة الأوكرانية سعر الغاز 35%، وكذلك أسعار المعادن والحبوب وفي مقدمتها القمح) .. هذه المقدمة بالغة الدلالة فهي بمثابة رسالة للسوريين : استعدوا لارتفاعات جديدة في أسعار المحروقات والسلع الأساسية !!وقد سبق التجار الحكومة قبل عقد مؤتمرها الصحفي فرفعوا أسعار الحبوب والبقوليات والفروج والبيض والألبان والأجبان ..الخ، والحبل لايزال على الجرار!!كما لم نًفاجأ بإعلان الحكومة عن تبنيها خطة لترشيد الإستهلاك ، وبتحديد خطة دقيقة لتوزيع المشتقات النفطية ، كانت بواكيرها قبل الأزمة الجديدة ، وتجسدت بتجميد توزيع الغاز لمدة أربعة أسابيع  حتى الآن ، ولن يًفاجا المواطن بتقليص عدد حصة الأسرة من اسطوانات الغاز إلى إ ثنتين فقط سنويا بدلا من ثلاث إسطوانات  حاليا!!

 والمضحك المبكي أن تقرر الحكومة خطة لترشيد الإستهلاك وكأنّها تجهل انها ألزمت ملايين الأسر السورية بترشيد استهلاكها إلى مادون حاجاتها الأساسية اليومية ، ونجزم أن هذه الخطة لن يتأثر بها المقتدرون ماليا بمن فيهم السادة الوزراء !

نعم .. نتفق مع وزير الإقتصاد بأن صالات التدخل الإيجابي تؤمن المواد الأساسية لكننا نسأله : هل أسعار صالات “السورية للتجارة” تًناسب دخل ملايين الأسر السورية؟ وإذا كان هدف الحكومة الأساسي الآن حماية الإنتاج المحلي عبر منع استيراد كل منتج له مقابل مصنوع محليا ..فإن السؤال : من يقدر على شراء منتجاتنا المحلية مادامت الدخول عاجزة جدا جدا جدا عن شراء احتياجات الحد الأدنى جدا جدا جدا من السلع الشعبية والثانوية وليس الأساسية والتي طارت من موائد ملايين الأسر السورية كالفروج والبيض والأجبان ..الخ؟

بالمختصر المفيد : لايحتاج الموطن في زمن الأزمات إلى دعوات للمزيد من الترشيد ، وكأنّه كان من المسرفين حتى الأمس القريب ، هو يريد من الحكومة أن تؤمن له مستلزماته الأساسية من السلع والخدمات الأساسية عبر البطاقة الألكترونية  أوغيرها بما يًناسب دخله المقرر مسبقا من قبلها ، لا أن ترفع أسعار السلع التي “تمننه” باستمرار دعمها ، أو بتقليص حجمها كما تفعل الآن بالمحروقات !ولسان حال ملايين العاملين بأجر يجهر عاليا بوجه أيّ مسؤول يبرر رفع الأسعار ، ويدعوهم  لمزيد من الترشيد : “خلص بيكفي”!!

(سيرياهوم نيوز27-2-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“كوما” الصرف الصحي بطرطوس..!

  وائل علي   لا تزال مدينة طرطوس، منذ ما يقرب من النصف قرن، على قائمة انتظار إنجاز مشروع صرفها الصحي الذي أنفق على بنيته ...