مع نهاية عام 2019 صرّحت وزيرة الدولة لشؤون مشاريع الاستثمار والمشاريع الحيوية وفيقة حسني لـ«الوطن» بأنه تم البدء بتصويب الخلل في ملفات العقارات وأملاك الدولة المؤجّرة للقطاع الخاص، بغية استعادة ما أمكن من حقوق الدولة، عبر رفع بدلات الاستثمار والإيجارات بما يتناسب مع القيم الحقيقية لها.
ومع حكومة عرنوس الأخيرة اعتبرت وزارة المالية أن ملف أملاك الدولة (80 ألف عقار) من مصادر الإيراد المهمة للخزينة بحال تم إدارته بمنطق الاستثمار الفعال وتحقيق عوائد مجدية، وهو ما يحمل (ضمناً) تحفظات واضحة في وزارة المالية على طريقة إدارة هذا الملف.
وتفيد معظم التقديرات بأن نحو 60 ألف عقار من أصل (80 ألف عقار) تدار من وزارة الزراعة وهو ما يعادل 75 بالمئة من إجمالي الملف، بينما تدير وزارة الإدارة المحلية نحو 18 ألف عقار بما يعادل نحو 22 بالمئة من إجمالي العقارات، على حين تتوزع بقية العقارات على العديد من الجهات العامة ومنها وزارة المالية التي تدير العقارات الآيلة للدولة مثال (في حالات الوفاة وعدم وجود ورثة).
وفي متابعة أجرتها «الوطن» حول الموضوع اتضح أن إجمالي إيرادات أراضي الدولة الزراعية لم يتجاوز 10 مليارات ليرة في العام الماضي (2021) حسب مصادر في وزارة الزراعة، على حين أن الوزيرة حسني في عام 2019 بينت أن رقم الإيرادات في حينها والناجمة عن تصويب الخلل في بعض الملفات وصل لحدود 36 مليار ليرة سورية، مع التوقعات بأن يرتفع هذا الرقم مع بداية عام 2020.
وإذا كانت الوزيرة حسني تتحدث عن 36 مليار ليرة جراء تصحيح بعض الخلل في استثمار عدد من العقارات فمن غير المنطقي أن تكون حصيلة نحو 60 ألف عقار 10 مليارات ليرة!
وفي متابعة للموضوع لدى وزارة الزراعة أوضح مدير أملاك الدولة فرج بديوي أن هناك تبايناً في وجهات النظر حول إدارة أملاك الدولة (العقارات الزراعية) ففي الوقت الذي ترغب فيه وزارة المالية بتعظيم الإيرادات من دون النظر في كيفية وطبيعة الاستثمار على هذه العقارات ترى وزارة الزراعة أنه لا بد من الحفاظ على الأراضي الزراعية وعدم السماح بتحولها إلى مناطق صناعية أو سكنية أو تجارية،
مبيناً أن معظم عقود الزراعة قيمها بسيطة لأن وزارة الزراعة ترى أن الأهم هو رفع معدلات الإنتاج الزراعي وزيادة المساحات المزروعة، وأن هناك مساحات واسعة من أملاك الدولة هي أراض غير قابلة للزراعة مقدراً أن مساحة أملاك الدولة من الأراضي تصل لنحو 5.2 ملايين هكتار من أصل نحو 18 مليون هكتار إجمالي مساحة الدولة 33 بالمئة منها أراض غير قابلة للزراعة وفق تصنيفات استعمالات الأراضي، وأن الكثير من أراضي الأملاك العامة هي أراض جبلية وأودية أو أراض وعرة أو بواد.
وأكد بديوي أن من أكثر المشاكل التي تواجه إدارة الأملاك العامة هي التجاوزات والتعديات الحاصلة على هذه الأملاك وحجم المتابعات التي يتطلبها هذا الأمر لدى الجهات القضائية والتنفيذية لحل هذه التعديات، كاشفاً عن رفع مشروع لصك تشريعي لإحداث هيئة معنية بإدارة أملاك الدولة ترتبط بوزير الزراعة على أن تشتمل الهيئة على ضابطة عدلية تسهم في ضبط هذه التعديات والتجاوزات الحاصلة على أملاك الدولة.
وحين كانت الوزيرة حسني رئيسة اللجنة الحكومية المكلفة بمتابعة ملف العقارات والأملاك المؤجرة والمستثمرة من القطاع الخاص، كشفت أن هذا الملف يعتريه الكثير من الهدر والإهمال في حق المال العام، مبينة أنه لو تمت مقارنة نتائج العمل على المستوى الكلي؛ لاتضح أن المعالجة ليست بالمستوى المطلوب، رغم تحقيق بعض الإنجازات، ضاربة أمثلة أن الكثير من العقارات في محافظة دمشق يتم استثمارها بشكل غير عادل وفيه غبن لحق الدولة خاصة أن جزءاً من هذه العقارات في أماكن حيوية وسط دمشق وبالقرب من مراكز المحافظة، لكن بعض المتابعين لملف أملاك الدولة يرون أنه مجرد تحريك الملف بعد ركوده لعشرات السنوات والعمل على وضع قاعدة بيانات خاصة له هو أمر جيد ويمكن البناء عليه.
حيث تحدثت مصادر حكومية أنه تم الانتهاء من إعداد نحو 80 بالمئة من البيانات حول هذه العقارات لكنها مازالت تحتاج لمزيد من التدقيق والتوثيق والأتمتة ضمن برامج بسيطة يمكن استخدامها من العاملين في هذا الملف في مختلف الجهات.
وفي المحصلة يبدو أنه رغم أهمية هذا الملف (أملاك الدولة) الواضح أن التعاطي الحكومي ما زال متواضعاً وهناك خلافات أو تباينات حول من يدير هذا الملف والطريقة التي يجب أن يدار بها وهل ستفي الهيئة الجاري إحداثها بالغرض أم إنه مجرد ترحيل للملف؟
سيرياهوم نيوز 6 – الوطن