استيقظت العاصمة العراقية، بغداد، صباح أمس، على وقع تفجيرين انتحاريين داميين استهدفا سوقاً شعبيّة في وسطها، وأسفرا عن سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح. الحادثة التي فتحت الباب واسعاً أمام الكثير من الأسئلة، جاءت في اليوم التالي لتنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، فيما زخّمت جهود الداعين إلى بقاء الاحتلال الأميركي لصدّ هجمات «داعش»
1. يبدو أسلوب العملية من «تخصص داعش»، وهو ما يدلّ على البدء بتحريك الخلايا النائمة في العاصمة بغداد.
2. خلق حالة من الفوضى الأمنيّة للتشكيك بقدرات الحكومة العراقيّة، وتالياً إطاحتها.
3. هناك مَن تعمَّد إطلاق يد الانتحاريين، بالتزامن مع اليوم الأوّل لجو بايدن في البيت الأبيض، محاولاً الضغط على الإدارة الأميركية الجديدة لتأييد تغيير الحكومة العراقية.
4. فكّ الاختناق عن مقاتلي «داعش» والخلايا النائمة التابعة له في مناطق الأنبار وديالى وصلاح الدين وكركوك، وجرّ القوّات الأمنية إلى التركيز على مناطق الوسط، ليتسنّى له التحرّك بحرية في الشمال والغرب، إلى جانب إيصال رسالة مفادها بأن التنظيم لا يزال قويّاً ويستطيع تنفيذ عمليات يتقنها.
أكّد وزير الخارجية العراقي أن بغداد لا يمكنها مواجهة التوترات وحدها، ولا تزال بحاجة إلى دعم خارجي
5. تحديد الموعد النهائي للانتخابات المبكرة، وهذا يتشابه مع الأعوام الماضية التي تلت احتلال العراق في عام 2003، إذ إن الفترات التي تسبق الانتخابات عادةً ما تشهد عمليّات مماثلة.
6. انشغال الحكومة العراقية والقوى السياسية بالعمل الترويجي للانتخابات المقبلة، وإهمال الملف الأمني، وهذا ما أكّده رئيس «جماعة علماء العراق»، خالد الملا، قائلاً إن «التطرّف ما زال موجوداً، وينتظر المناخ المناسب ليكشّر عن أنياب حقده وتطرّفه ضدّ الشعب العراقي. وبكل صراحة، انشغلنا ولم نحارب فكر التطرف كما يجب، ومن حيث لا ندري هيّأنا له الأسباب لينمو».
7. تخوّف من أن الانسحاب الوشيك لقوات الاحتلال الأميركي، سيترجم مباشرةً بتحرّك ميداني كبير لـ«داعش»، وهذا سيدفع بعض الأحزاب والقوى السياسية إلى المطالبة بضرورة بقائها وتأجيل أي حديثٍ عن الانسحاب.
في أعقاب الأحداث الدامية، عقد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، اجتماعاً طارئاً مع القادة الأمنيين، الذين أعطاهم، بحسب مصادر خاصة تحدثت إلى «الأخبار»، فرصةً أخيرة، ملمّحاً إلى إمكانيّة الاتجاه إلى إقالة بعضهم في حال ثبوت أيّ تقصيرٍ، موجّهاً بتكثيف الجهد الاستخباري وعدم التهاون مع أيّ معلومة أمنية تَرِد. وبالفعل، أصدر الكاظمي، في وقتٍ متأخرٍ من ليل أمس، سلسلة قرارات قضت بإعفاء عددٍ من القيادات الأمنيّة والعسكريّة البارزة، إذ أُقيل وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات عامر صدام، وكُلّف أحمد أبو رغيف، بدلاً منه. كما أُقيل المدير العام للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية (خلية الصقور)، عبد الكريم عبد فاضل (أبو علي البصري)، وكُلّف نائب رئيس جهاز الأمن الوطني حميد الشطري، بمهماته، فيما رُبطت الخلية بالقائد العام للقوات المسلحة، أي الكاظمي. كذلك، نقل قائد عمليات بغداد، قيس المحمداوي، إلى وزارة الدفاع، وكُلّف أحمد سليم بمهماته؛ أما قائد الشرطة الاتحادية، جعفر البطاط، فقد أقيل أيضاً من منصبه، حيث أعيد تكليف سلفه رائد شاكر جودت، فيما جرى إعفاء مدير قسم الاستخبارات وأمن عمليات بغداد باسم مجيد.
على خطٍّ مواز، قال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، إن «تنظيم داعش لا يزال يتحرّك بقوّة في العديد من المناطق العراقية، وإن التهديد الداخلي لا يزال موجوداً، والعراق لا يمكنه مواجهة التوترات وحده، وما زال يحتاج إلى دعم خارجي»، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أن «الصراع الخليجي ــــ الإيراني ينعكس سلباً على العراق، ومن مصلحتنا وجود علاقات جيدة بين دول الخليج وطهران». جاء ذلك قبل أن يغرّد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قائلاً: «من التفجيرات الإرهابية في بغداد إلى التملّق وتقبيل الأحذية مِن قِبَل نتنياهو، كلّها لها هدف واحد، هو الإيقاع برئيس أميركي آخر في الفخ لزهق أرواح الأميركيين وأموالهم بهدف مواجهة إيران، على رغم يأس (نتنياهو) المثير للشفقة، فإن الخطط الدنيئة ضدّ إيران ستفشل مرّة أخرى».
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)