عبدالله سليمان علي
لم يصدر عن تنظيم “داعش” أيّ تعليق بشأن اتهامه من قِبل وزارة الداخلية السورية بتنفيذ التفجير الانتحاري في كنيسة مار إلياس بحي الدويلعة في دمشق، ما زاد من غموض القضية، خاصة بعد تبنّي “سرايا أنصار السّنة” المسؤولية عن العملية، وإصرار الوزارة على ضلوع “داعش” فيها.
كذلك، تجاهل التنظيم حملة التهويل التي أعقبت التفجير، والتي حذّرت من استعداده لشنّ عملية عسكرية واسعة تستهدف السيطرة على أحياء كاملة في عدد من المدن السورية، وذلك بالتزامن مع الحديث عن استعداد التحالف الدولي، بالتنسيق مع “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد)، للقيام بحملة استباقية في البادية السورية لإجهاض تحركات التنظيم، وفق تصريحات أميركية وسورية.
ولا ينطوي هذا الصمت والتجاهل على دلالات خاصة، بل هو أقرب إلى السلوك المتعارف عليه لدى التنظيم، إذ لم يعتد الدخول في سجالات مع أي جهة بشأن قضايا ميدانية بحتة.
وبرغم أن احتمال وجود صلة بين “داعش” و”أنصار السنة”، كما أشارت وزارة الداخلية السورية، ليس مستبعداً، إلا أنه لا يزال بحاجة إلى أدلة وإثباتات تُعزّز هذا الربط، وهو ما لم يتوفّر حتى الآن، وربما بانتظار بث اعترافات الخلية المعتقلة.
ويبدو أن “أنصار السنة” بدأ اتخاذ خطوات تهدف إلى إثبات روايته وتأكيد استقلاليته عن “داعش”، من بينها تلويحه بنشر صورة منفذ التفجير الانتحاري لنسف رواية وزارة الداخلية، بحسب ما ورد في أحد بياناته. كما أعلن عن تعيين “أبو عبد العزيز المصري” أميراً لغرفة عمليات دمشق وأريافها، في خطوة تهدف، على ما يبدو، إلى إبراز بنية تنظيمية مستقلة عن “داعش”، وتحمل في طيّاتها تهديداً مبطّناً بتصعيد العمليات في العاصمة.
كذلك، أصدر “أنصار السنّة” بياناً جديداً يوم الأربعاء، هدّد فيه الأقليات في دمشق، ولا سيما “النصارى والنصيرية وعبدة العجول (في إشارة إلى الموحدين الدروز)”، بالقتل والتهجير، وقال فيه: “إن ما حدث في معبدكم الهزيل، مستنقع مار إلياس، ليس سوى رسالة مفادها أن أسود السنّة متأهبون لتحطيم أنوفكم وتحويل أمانكم إلى رعب”.
وأضاف: “إن تلك الرسالة (تفجير الدويلعة) هي الشرارة التي سنشعل بها ناراً تبتلعكم، ولن تنطفئ إلا بطردكم القسري من أرضنا الطاهرة”.
ويؤكد “سرايا أنصار السنة” في بياناته أنه “لا يتبع أي جهة أخرى”، وبشأن علاقته بـ”داعش”، يشدد على أنه لم يبايع “الخليفة”، لكنه يُبدي استعداده للعمل إلى جانبه.
وكانت مصادر جهادية قد أشارت لـ”النهار” إلى وجود تحفظ لدى قيادة “داعش” تجاه التعامل مع “أنصار السنة”، خشية أن يكون هذا التنظيم الجديد امتداداً لـ”الحازميين”، التيار الذي تسبب بشرخ كبير داخل صفوف “داعش” بين عامي 2014 و2016.
وينسب التيار الحازمي إلى الشيخ عمر الحازمي، المعروف بترويجه لفتوى تكفير “العاذر بالجهل”، وما يستتبعها من تكفير عموم المسلمين. وقد أدى تبني بعض قيادات “داعش” لهذه الفتوى إلى تكفيرهم لزعيم التنظيم آنذاك أبو بكر البغدادي (قُتل عام 2019)، ما أدى إلى صدامات دامية بين الطرفين، انتهت بمجازر متبادلة، قبل أن تتمكن قيادة “داعش” من احتواء الأزمة.
ولفتت المصادر إلى أن القسم الشرعي في “أنصار السنة” سارع إلى نشر بيانات يتضمن بعضها الترحم على عدد من قادة “داعش” السابقين، من أمثال: إبراهيم بن عوّاد البغدادي، أبو محمد طه بن فلاحة الشامي، أبو البراء عثمان بن نازح، أبو همام تركي بن علي، أبو بكر القحطاني، أبو مالك أنس بن النشوان التميمي، أبو عبد البر فلاح بن نمر الصالحي الكويتي، وأبو عبد العزيز محمد بن يوسف القطري.
وتكمن أهمية هذه الأسماء في كون بعضها مناوئاً لتيار الحازميين، وبعضها الآخر من ضحاياه.
لذلك، لا تستبعد المصادر أن تكون هذه الخطوة من ضمن سلسلة إجراءات يعتزم تنظيم “سرايا أنصار السنة” اتخاذها في المرحلة المقبلة، بهدف التقرّب من قيادة “داعش”، تمهيداً لاحتمال انضمامه إليها، أو الإعلان عن تحالف رسمي بين الطرفين.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار