تعتبر الأنهار الجليدية واحدة من أغلى السمات الطبيعية لكوكبنا، ولكن دراسة جديدة تحذر من أن أكثر من نصف الأنهار الجليدية في العالم قد تختفي بحلول نهاية هذا القرن بسبب تغير المناخ.
وتوقع علماء في سويسرا وبلجيكا فقدان الأنهار الجليدية في ظل سيناريوهات مختلفة لانبعاثات الكربون، حيث شملت دراستهم جميع الأنهار الجليدية في العالم- أي ما يقرب من 200000 في المجموع.
وفي ظل سيناريو الانبعاثات المرتفعة، يمكن أن يختفي ما يصل إلى 54 في المائة من جميع الأنهار الجليدية، في حين أن هذا الرقم في جبال الألب قد يكون أكثر من 75 في المائة، حيث تشكل الأنهار الجليدية الجبلية العالية هناك فرصة للتزلج على مدار السنة لقضاء العطلات، لكن تغير المناخ يغير ذلك، ويتبع ذلك اضطرار إيطاليا وسويسرا إلى إعادة رسم حدودهما بسبب ذوبان الأنهار الجليدية.
ومن جانبه، قال مؤلف الدراسة الرئيسي البروفيسور هاري زيكولاري، عالم الجليد في جامعة فريجي بروكسل:” الأنهار الجليدية ضرورية في أجزاء كثيرة من العالم، وعلى هذا النحو، تؤثر تغيرات الأنهار الجليدية بشكل مباشر على مجتمعنا والبيئة الطبيعية”.
مصدر قلق كبير هو تأثير ذوبان الأنهار الجليدية على ارتفاع منسوب مياه البحر، مما يزيد بدوره من مخاطر فيضانات البلدات والمدن، وخاصة تلك القريبة من الساحل، كما أن فقدان الأنهار الجليدية يستنفد موارد المياه العذبة التي يعتمد عليها ملايين الأشخاص في المياه الصالحة للشرب.
وأضاف البروفيسور زيكولاري:” إمدادات المياه من الأنهار الجليدية، وكيف يتغير هذا الإمداد، ستؤثر على التنوع البيولوجي وتوافر المياه للصناعة والزراعة والأسر”.
ولكنه يعني أيضا أن الأرض تتحول من اللون الأبيض اللامع إلى اللون الأخضر الباهت، مما يقلل من “بياض”الكوكب- قدرته على عكس ضوء الشمس.
وبدلاً من الجليد الأبيض العاكس للغاية، يحتوي النبات والصخور المكشوفة على بياض أقل، مما يعني أنها تمتص المزيد من الطاقة من الشمس بدلاً من الانعكاس، وهذا يزيد فقط من خطر ارتفاع درجة حرارة الأرض، مما يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ- الذي يصفه العلماء بأنه تأثير جامح.
منذ الثورة الصناعية، أدى ثاني أكسيد الكربون وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري الأخرى إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ونتيجة لذلك، كانت معظم الأنهار الجليدية في العالم تذوب وتتقلص بسرعة – أو تختفي تماما – مع ارتفاع درجة حرارة المناخ.
وللتنبؤ بفقدان الأنهار الجليدية في المستقبل، نظر الباحثون في كتل الأنهار الجليدية التاريخية وانبعاثات الكربون وبيانات درجات الحرارة.
وباستخدام النمذجة الحاسوبية، تمكنوا من التنبؤ بكيفية استمرار فقدان الأنهار الجليدية للكتلة استجابة لتغير المناخ.
وقال البروفيسور زيكولاري:” من خلال نمذجة تطور الأنهار الجليدية طوال القرن الحادي والعشرين في ظل سيناريوهات مناخية مختلفة، وجدنا اختلافات صارخة في النتائج اعتمادا على مستويات الانبعاثات المستقبلية”.
ووجد الفريق أنه في سيناريو متفائل لانبعاثات الكربون المنخفضة، ستفقد الأنهار الجليدية 25 في المائة إلى 29 في المائة من كتلتها بحلول عام 2100، ومع ذلك، وفي ظل سيناريو الانبعاثات العالية، يرتفع هذا الرقم إلى ما بين 46 في المائة و54 في المائة.
هذا وستختلف خسارة الأنهار الجليدية بشكل كبير حسب المنطقة، لكن تلك الموجودة في جبال الألب الأوروبية هي من أكثر المناطق عرضة للخطر، وفقا لتقارير الدراسة.
وتشير توقعات الفريق إلى أن الأنهار الجليدية في جبال الألب الأوروبية ستشهد خسارة في الحجم بأكثر من 75 في المائة في ظل سيناريوهات الانبعاثات العالية، ومن المتوقع أن تحتفظ المناطق القطبية مثل القطب الشمالي كندا وأيسلندا وسفالبارد بجزء أكبر من كتلتها الجليدية حتى نهاية القرن ولكنها ستواجه أيضا خسارة كبيرة.
وفي ورقتهم البحثية، حذر الفريق من أنه لا تزال هناك شكوك في تطور الأنهار الجليدية المتوقع.
ويقولون: ” على الرغم من بعض الاختلافات على المستوى الإقليمي، فإن نتائجنا تتفق جيدا مع التوقعات الأخيرة”.
كما أكدوا أن الدراسة نظرت على وجه التحديد في الأنهار الجليدية، وليس الصفائح الجليدية.
الصفائح الجليدية عبارة عن كتل من الجليد الجليدي تمتد لأكثر من 19000 ميل مربع (50000 كيلومتر مربع).
وأوضح البروفيسور زيكولاري:”بينما تحتوي الصفائح الجليدية على كتلة أكبر بالفعل، فإنها تتفاعل على مقاييس زمنية أطول، ونتيجة لذلك، فإن مساهمتهم في ارتفاع مستوى سطح البحر هي نفسها تقريبا (أو حتى أقل قليلاً) من 200000 نهر جليدي.”
وختم البروفسور:” “لذا فإن الصفائح الجليدية مهمة كثيرا- لاسيما على المدى الطويل (بعد 2100) – لكن نمذجتها يقوم بها باحثون آخرون، وبالنسبة لنا، من الأهمية بمكان بالفعل أن يتم دمج جميع الأرقام من قبلنا والباحثين الآخرين للحصول على صورة ارتفاع مستوى سطح البحر بالكامل”.
سيرياهوم نيوز 2_الثورة