نمت الدراما السورية وترعرعت في شهر رمضان المبارك فكان الناس طوال عقود السبعينيات والثمانينات والتسعينيات ينتظرون شهر الصيام لتعرض عليهم شاشتهم الوطنية العمل الدرامي الأضخم أو الأهم أو ربما الوحيد.
وفي رمضان سنة 1990 تعرف الجمهور السوري للمرة الأولى على الأعمال الدرامية ضخمة الإنتاج متعددة الحلقات من خلال المسلسل الذي أنتجه التلفزيون العربي السوري تحت اسم (هجرة القلوب إلى القلوب).
وجسد المسلسل الذي أنتج بالتعاون مع مؤسسة الخليج للأعمال الفنية ومقرها دبي مرحلة مهمة من تاريخ سورية المعاصر تبدأ في مطلع الثلاثينيات من خلال قرية مفترضة اسمها الركنية في خضم الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي لنيل الاستقلال مع عرض متشعب للصراعات الاجتماعية في بنية المجتمع السوري ومواجهة المستبدين والاقطاع.
ولعب أدوار البطولة نخبة من نجوم ومؤسسي الفن في سورية من أسعد فضة ومنى واصف وهاني الروماني وخالد تاجا إضافة إلى مجموعة من الفنانين الشباب الذين سيصبحون لاحقاً في طليعة النجوم كأيمن زيدان وبسام كوسا وحاتم علي وغيرهم.
وترسخت مشاهد كثيرة من المسلسل في أذهان ملايين المشاهدين السوريين كمشهد حصار جنود الاحتلال الفرنسي للقرية واقتحامهم لها بمدرعاتهم إضافة إلى مشاهد ارتبطت بسيطرة الاقطاعيين على الحياة الريفية البسيطة واستيلائهم على أراضي الفقراء وأرزاقهم.
وحول قيمة المسلسل الفكرية والفنية يصف الناقد والإعلامي نضال قوشحة في حديث لـ سانا هجرة القلوب إلى القلوب بالحالة المفصلية في الدراما السورية الحديثة حيث كتبه عبد النبي حجازي وأخرجه هيثم حقي وهو عمل مهم جداً يحكي عن أجواء حدثت في سورية ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية إضافة إلى الحراك الوطني وحيثياته والاحتكاك بين الحضر والبدو.
وينوه قوشحة إلى أن هذا المسلسل كان فاتحة الإنتاج العربي المشترك في صناعة الدراما نظراً لضخامته وأهميته حيث تم إنتاجه وعرضه في عام واحد وحقق جماهيرية كبيرة جداً.
ومن مزايا هجرة القلوب إلى القلوب كما يراها قوشحة تناوله للهم الوطني ومشاركة قامات فنية كبيرة وعدد حلقاته التي ناهزت الـ 25 حيث لم يكن دارجاً وقتها هذا العدد من الحلقات في مسلسل واحد فتم تقسيمه إلى 4 أجزاء هي الغزو والثأر والقناة والالتحام فكان برأيه من الأعمال الجادة والملتزمة.
واتسم العمل أيضاً بشارته الغنائية (ولاد الأرض السمرة) التي كتبها الشاعر الراحل حسين حمزة ولحنها فاهيه دمرجيان وأداها المطرب المعتزل فهد يكن.
ويختم قوشحة حديثه بالإشارة إلى أن العمل كان نقطة علام مهمة ومكسباً حقيقياً للدراما السورية والتي شجعت جهات عربية للاستثمار فيها كما رسخت ألقاب شخصيات مثل أبو دباك وهلالة والتي ظلت رائجة لفترة طويلة بين الوسط الفني والمشاهدين.
سيرياهوم نيوز 6 – سانا