آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » دمشق ـ الرياض … هل نتفاءل..؟

دمشق ـ الرياض … هل نتفاءل..؟

 

نبيه البرجي

 

حدث هام أن تفتح السفارة السعودية في دمشق أبوابها بعد 12 عاماً من الاغلاق. الشارع تفاعل للتو “انها عودة العرب الى سوريا”. سوريا الشقيقة، بالرغم من شكوانا كلبنانيين من الممارسات المروعة لمن أمسكوا لعقود بالملف اللبناني، ولطخوا صورة العلاقات بين البلدين، ليستخدم بعض ورثة القرن التاسع عشر تلك الورقة في وجه كل من يحاول تنقية وتفعيل تلك العلاقات؟

 

الخطوة، لمن يعرف كيف تفكر القيادتان، ليست تقنية حين تكون المنطقة أمام مفترقات زلزالية ان انتهت الى الحروب أو الى التسويات، دون أن ندري ما صحة المعلومات التي تشير الى “تطورات نوعية” في الاتصالات بين الرياض وطهران، وان كان ما يجري في البحر الأحمر يمكن أن يلقي بعض الظلال الرمادية على المشهد .

 

لا بد من العودة العربية الى سوريا التي متى لم تكن أرض العرب، قبل أن تتعرض، بموازاة حقبة الحرب وما بعدها، لحملات تضليل هائلة. حتى على بعض الشاشات اللبنانية كلام عن “السيطرة الايرانية على سوريا”، والى حد تهديد هويتها القومية بالاندثار، وكذلك الخارطة الطائفية التي ابتدعها الجنرال هنري غورو في بدايات الانتداب الفرنسي، قبل أن تندلع الثورة السورية الكبرى وتكرس سوريا الموحدة البعيدة عن أي لوثة طائفية .

التضليل البشع حين يشاع باحلال طوائف محل طوائف، اذا علمنا أن نسبة المسيحيين والعلويين والدروز (الشيعة أقلية مجهرية) لا تتعدى الـ 25 %، وحين يجري الحديث عن “الاحتلال الايراني”، هؤلاء لآ يعرفون ما هي سوريا، ولا من هم السوريون .

كم كانت العلاقات وثيقة بين قصر الشعب في دمشق وقصر اليمامة، ابان حكم الرئيس حافظ الأسد؟ هنا أستعيد بعض ذكريات الماضي، حين جالستُ وزير الدفاع آنذاك مصطفى طلاس لساعات، وهو مَن رافق يوماً بيوم الرئيس الراحل منذ لقائهما في الكلية الحربية . وكنتُ أعدّ حلقات حول الوجه الآخر للرئيس السوري .

ما اثار ذهولي تلك الرفقة الطويلة بين رجلين، بفوارق شخصية هائلة في الطباع وفي السلوكيات، بين الزاهد والمتقشف الذي يعمل أكثر من 20 ساعة في اليوم، والآخر الشغف بمباهج الحياة، وحيث الحديث عن المغامرات العاطفية في غابات موسكو، وعن هدايا النجمة الأميركية جين مانسون . محمد الماغوط قال لي “لكأنها المقارنة بين محيي الدين بن عربي وعمر بن أبي ربيعة” .

 

واذا كان طلاس، وهو من بلدة الرستن، موغلاً في البذخ والترف، كان ابن القرداحة بعيداً عن هذه المظاهر . ذات مرة قدمت السعودية هبة بمليار دولار . للتو، بدأت ورشة اقامة الأوتوسترادات بين المحافظات، ما كان له الأثر البعيد في الكثير من مناحي الحياة في البلاد .

 

تركيا – تكلفة زراعة الأسنان بالفم الكامل قد تفاجئك تمامًازراعة الاسنان في تركيا

 

هذا ليس وقت نكء الجراح، بل دمل الجراح، حين نقرأ لبرنار ـ هنري ليفي سخريته من مصطلح “العالم العربي” (مصطلح “العالم الاسلامي” كاريكاتوري وفارغ)، وقد رأى كيف تداعى الجدار السوري واللبناني والعراقي واليمني والليبي والسوداني (ومن عندنا الجدار الصومالي)، فيما تهتز الجدران الأخرى . توقّع مصيراً اسود للبلدان المعنية كونها مهددة بالتفكك أو بالزوال .

حكومات المنطقة على بيّنة من الاحتمالات التي لا تزال في عالم الغيب، لكنها مقلقة. لا تنسيق ولا تعاون لتشكيل حالة طالما تحدثنا عنها للتعاطي بقوة مع تلك الاحتمالات، خصوصاً وأن الهزات الارتدادية لأحداث غزة باتت تؤثر على الصراعات والاستراتيجيات الكبرى.

الواضح أن الوضع السوري في ذروة التعقيد وفي ذروة التشابك، ويكاد يرتبط بكل أزمات المنطقة. لذا لا مجال للرهان على حلول سحرية قبل أن يتبلور الوضع الدولي، بالتالي الوضع الاقليمي. الأميركيون و”الاسرائيليون” يريدون لسوريا أن تبقى داخل الاسلاك الشائكة، للذهاب عارية القدمين الى ردهة المفاوضات. ولكن ما الثمن الذي ينبغي أن تدفعه دولة تعرضت على مدى سنوات للتسونامي العسكري والاقتصادي، بعدما كان الجنرل رافاييل ايتان يقول “حين تسقط دمشق يلحق بها سائر الآخرين”.

 

ولكن حين تقترب الرياض من دمشق، وتقترب دمشق من الرياض، يكون للأحداث وقع آخر . انها شبه الجزيرة العربية وانها بلاد الشام . عودوا الى كتب التاريخ واقرأوا

لكي نقفل بالشمع الأحمر الدماغ الجهنمي لبرنار ـ هنري ليفي وغيره من “حاخامات” القرن …

(سيرياهوم نيوز ١-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل اقتربت العملية الروسية الخاصة في اوكرانيا من تحقيق غاياتها؟ وماذا كسبت روسيا من حربها؟

  ميخائيل عوض بعيدا عن المواقف العقائدية واللغة الخشبية لتي ميزت ردود الفعل على العملية الخاصة الروسية قبل سنتين وسيل التشكيك والتحليلات التي جزمت بخسارة ...