شربل كريّم
انطلقت مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بحلّتها الجديدة، وسط انقسامٍ واسعٍ في الرأي حول تحسّن شكلها بالنسبة إلى البعض، وبين انتقادات لها من قبل البعض الآخر بعد اعتبار التغيير مضرّاً بالمنافسة وبمستوى الإثارة
بعد 69 عاماً على انطلاقها، وبعدما حملت تغييرات عدة بالشكل ثم بالاسم، أطلّت المسابقة الأوروبية الأمّ بشكلٍ جديد.شكلٌ لم يعجب البعض، وسط تشديد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على اعتماده، وهو الذي ربما لم يكن يريد أن يكسر التقليد الخاص بأنجح مسابقة للأندية وأكثرها شعبية في تاريخ اللعبة.
الواقع أن السبب الأول والأكيد نحو ذهاب «اليويفا» باتجاه هذا التغيير الثوري والجذري هو الضغط الذي شعر به بعد اتجاه عدد لا يستهان به من الأندية الكبرى المختلفة الجنسيات نحو إطلاق بطولة «السوبر ليغ» التي لقيت معارضة رسمية، وصل صداها إلى الحكومات والبرلمانات التي طلبت من أنديتها الانسحاب من هذا المشروع.
طبعاً، هذا الطلب جاء من زاوية عاطفية لناحية «النوستالجيا» التي تحملها مسابقة دوري أبطال أوروبا بالنسبة إلى الكثيرين، لكن الضغط كان أكبر وكاد يدمّر البطولة القارية، فكان لا بدّ من أن يتحرّك الاتحاد الأوروبي من أجل إرضاء أصحاب الأسماء الثقيلة الذين من دونهم لن يكون هناك أي مستقبل لدوري الأبطال.
المال يحكم اللعبة
وبالفعل، وبعد مفاوضات علنية وأخرى من تحت الطاولة، ولدت صيغة جديدة للتنافس على الكأس صاحبة الأذنين الطويلتين، لكن على ما يبدو لم يأبه أي أحد بالشقّ الرياضي فيها، إذ إن الأندية تريد المزيد من الأموال، وهذه مسألة تأتي من زيادة عدد المباريات وبيع حقوق النقل والتسويق على نطاق أوسع. أما الاتحاد الأوروبي فيريد أن يحمي نفسه وأن يخرج بمكتسبات؛ منها منح «الدول الصغرى» أو الأقل قدرةً مالية على الساحة الأوروبية مساحةً للتواجد في أهم مسابقة للأندية، وهو ما حصل عبر زيادة العدد الإجمالي للفرق من 32 إلى 36 فريقاً.
قد يعتقد البعض أن زيادة 4 أندية ليس بالأمر الجلل، لكن الواقع مختلف كليّاً لأنه مع هذه الزيادة اختفى دور المجموعات، وذهب الكلّ نحو دورٍ واحد. وهنا تكمن المشكلة…
صحيح أن الأندية الكبرى ستلعب مع فرقٍ من المستويات المختلفة، ولكن عناوين الكثير من المباريات لا تهمّ المشاهد العالمي، إذ هل هناك من سيهتم بلقاء بين سبارتا براغ التشيكي وسالزبورغ النمسوي أو سلتيك الاسكوتلندي وسلوفان براتيسلافا السلوفاكي؟ وهل ستحصد مباراة بريست الفرنسي وشتورم غراتس النمسوي نسبة مشاهدة عالية؟ لا، بل إن لقاءً بين أستون فيلا الإنكليزي ويونغ بويز السويسري لا يثير اهتمام سوى مشجعي هذين الفريقين.
كثيرة هي مباريات دوري الأبطال بصيغته الجديدة التي لا تحظى باهتمامٍ عالمي
أضف أن الجولة الأولى من المباريات أظهرت فوارق كبيرة في المستوى. ويكفي أن نذكر النتيجة التي فاز بها بايرن ميونيخ الألماني على دينامو زغرب الكرواتي (9 ـ 2)، لنكتشف مدى حجم الهوة بين عدد من الفرق.
هنا ربما سيكون هواة مشاهدة الأهداف في قمّة السعادة، ولكن هواة الإثارة التي عرفتها غالباً مباريات دور المجموعات، لن يرضوا بما يقدّمه الدوري المنتظم في هذه النسخة، ويستذكرون وجود ثلاثة فرق قوية في مجموعةٍ مؤلفة من أربعة فرق سابقاً، ما يفرز عدداً من مباريات القمّة التي توصف أحياناً بالنهائي المبكر.
اللاعبون ضحايا
انتصار البايرن ربما هو عيّنة عمّا قد نشهده هذا الموسم أو في مواسم لاحقة، إذ لا قدرة للفرق الصغيرة على مجاراة نظيرتها الكبرى إلا في حالاتٍ نادرة، إذ إن هناك إمكانية لحدوث مفاجآت بسيطة عندما يكون أحد الفرق القوية في يومه أو يتأثر بظروفٍ طارئة في المباراة.
لا يجب أن ننسى أن الفرق الكبرى راكمت الخبرات لسنواتٍ طويلة عبر مشاركاتها الدائمة في دوري أبطال أوروبا، والأهم أنها جمعت المال الكفيل بمنحها أفضلية رهيبة على تلك الوافدة من بطولاتٍ تخسر أصلاً أبرز لاعبيها سنويّاً لمصلحة البطولات الأقوى والأكثر وفرةً مالياً.
أما أكبر ضحايا الشكل الجديد لدوري الأبطال، فهم اللاعبون الذين سيضطرّون إلى خوض عددٍ أكبر من المباريات بين الدوري المنتظم وأيضاً في حال عدم وقوف فرقهم في نهايته في أحد المراكز الثمانية الأولى، إذ سيكون عليهم لعب مبارياتٍ فاصلة. كل هذا سينعكس لاحقاً على المستوى العام للعبة، وتحديداً على بطولات المنتخبات التي تُنظّم بعد نهاية الموسم، والدليل ما شهدناه من أداءٍ هابط لعدد من المنتخبات في كأس أوروبا الأخيرة، وخصوصاً مع تقدّم مراحل البطولة حيث بدا الإرهاق واضحاً على عدد من اللاعبين.
بطبيعة الحال، بات الكل يعرف أن المصالح والمال و«البيزنس» باتت أهم من صحة اللعبة وصحة اللاعبين.
سيرياهوم نيوز١_الأخبار