الدكتور خيام الزعبي
يعد الأستاذ الجامعي العمود الفقري للعملية التعليمية والتربوية في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية فهو يسهم بدور فعال وأساسي في وصول الجامعة الى غايتها المرجوة، وانطلاقاً من شعار الجامعة في خدمة المجتمع فسيكون هناك على عاتق الأستاذ الجامعي مسؤولية الإسهام في الخطط والاستراتيجيات التي توظف لمكافحة كل الظواهر التي تستهدف مرتكزات الأمن الوطني ومنها ظاهرة التطرف.
اعتمدت التنظيمات الإرهابية خطاباً مبنياً على زرع الكراهية والحقد على الآخرين في عقول منتسبيها، والغاء الأخر وتكفيره، و تصفيته جسديا في حالة معارضته أفكارها، وتوجهاتها التخريبية والإجرامية والتكفيرية ، فعملت على توظيف شبكة الإنترنيت لصالح أجنداتها الدعائية من أجل تحقيق أهدافها، وقد شاهدنا على ذلك تنظيم داعش الإرهابي الذي سخر وسائل التواصل الاجتماعي في عملية الاستقطاب والتأثير والإقناع من خلال نشر بياناته والصور والفيديوهات لعملياته الإرهابية ونشرها في الفيسبوك سعياً الى كسب الشباب للتطوع في تشكيلاتها وخاصة في سورية .
حيث تأتي مؤسسات التعليم في مرتبة متقدمة ضمن الاستراتيجية الشاملة التي تتبناها سورية في مواجهة التطرف والإرهاب، ليس فقط لأنها تقوم بدور رئيسي في تحصين الطلاب ضد الفكر المتطرف، وإنما أيضاً لأنها تتعاون مع باقي مؤسسات المجتمع الأخرى، الأسرة والإعلام، في مواجهة التطرف والإرهاب، وبالشكل الذي يعزز من الجهود الحكومية في هذا الشأن.
ويمكن أن يتحرك الأستاذ الجامعي السوري من باب المسؤولية الوطنية والأكاديمية لمكافحة التطرف والإرهاب في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الرصد والمتابعة إلكترونياً لمواقع التنظيمات الإرهابية، ويمكن أن يوظف الثورة الرقمية في استغلال إمكانياته ، وخبرته الأكاديمية و التدريسية في توظيف الشبكة العنكبوتية في عملية الهجوم المقابل على كل الأفكار المتطرفة والتي تثير النعرات الطائفية والعرقية وإعطاء محاضرات الكترونية من خلال المنتديات الإلكترونية، وصفحات الفيسبوك المتاحة في وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بمخاطر التطرف وتداعياته على التعايش السلمي وخاصة في المناطق التي تواجد فيها تنظيم داعش الإرهابي .
ناهيك عن كتابة المقالات والبحوث والدراسات التي تعالج اسباب واساليب وتداعيات التطرف على اللحمة الوطنية والمجتمعية خاصة ان وسائل التواصل الاجتماعي اصبحت محط اهتمام واستخدام فئة الشباب والمراهقين بشكل كبير وهذه الفئات كانت من المجموعات المستهدفة من قبل تنظيم داعش الإرهابي لغرض كسبها الى ذلك التنظيم التكفيري.
ولا ننسى إن الأنشطة الطلابية تعمل على توكيد الروابط الانسانية وتوثيقها بين الطلاب والمجتمع، وهى من أهم سبل اندماج الطلاب مع المجتمع سواء داخل الجامعة أو تأهيلهم للمجتمع الخارجي حيث تغرس بداخلهم روح الانتماء للأسرة والجامعة والوطن، فضلا عن المساهمة في الترفيه عن الطلاب في فترة الدراسة والمساعدة في اكتساب العديد من المهارات سواء على المستوى الاجتماعي أو الثقافي وبالتالي يصبح الطالب قادرًا على مواجهة الفكر المتطرف .
وبالمقابل يإمكان الجامعات السورية القيام بدور رائد في مواجهة الإرهاب والتطرف بنشرها قيم التسامح والتوافق والتواصل البناء من خلال مناهجها الدراسية ومؤتمراتها وبناء الطالب فكرياً وتحصينه ضد الإرهاب والتطرف الفكري من خلال بناء الشخصية المتكاملة وتعزيز قيم المواطنة والهوية الوطنية والحضارية.
و تلعب جامعة الفرات دوراً هاماً في بناء منهج التواصل الحضاري وخلق روح المواطنة، هذا التواصل الذي أدّت فيه الجامعة دوراً كبيراً في جعل الإنسان الرأسمال الحقيقي في البناء البشري والتنموي، لذلك فإن سعي جامعة الفرات في خضم المتغيرات الجديدة هو سعي حقيقي وتحاول أن تنفذ خطة تعليمية علمية وممنهجة من أجل إيصال فكرة الرؤية والبناء وتحصين الحياة من طوارئ الثقافات الهجينة وتأثيرات بعض سلبيات العولمة والاستفادة من إيجابياتها.
كما عملت جامعة الفرات بكافة دوائرها ومديرياتها بإعداد برامج توعية وأخرى تدريبية تأهيلية حيث فعلّت الحملات التطوعية بالتركيز على قضية الولاء للوطن والمشاركة في إحياء الأعياد الوطنية وحملات التبرع بالدم واستضافة معرض للصور يكشف جرائم القوى المتطرفة القادمة إلينا من كل أصقاع الأرض، ويوضح دور الجيش العربي السوري في مواجهة هذه القوى ودحرها، كما قامت جامعة الفرات بتنفيذ برنامج الدعم النفسي للطلاب في مواجهة العدوان على سورية، كما استضافت الجامعة دورات متعددة تبنتها تركز على ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع، ونبذ العنف، وتوعية الطالب بضرورة انتمائه لوطنه ومجتمعه. وبذلك حملت جامعة الفرات على كاهلها مهمة تنمية المجتمع وتطويره ونشر القيم والسلوكيات المرغوبة من خلال إعداد الافراد إعداداً معرفياً وأكاديمياً، ونشر الثقافة العامة وتوسيعها للقضاء على الجهل والتخلف.
مجملاً، الرهان اليوم على وطنية وكفاءة وإحساس المعلم بمسؤوليته تجاه وطنه ومجتمعه ووعيه بخطورة ما يحاك ضد سورية من مؤامرات، فالمعلم بما يملكه من إعداد أكاديمي ومهني، يقع على عاتقه الدور الأساسي في تحقيق الانتماء الوطني لدى المتعلمين وخلق المواطنة الصالحة في نفوس طلابه، وإنطلاقاً من ذلك، يظل الأمل معلقاً على أعتاق شبابها الذين وبلا أدنى شك مازال يجمعهم حب سورية، يتطلعون صوب المستقبل وهم يخططون له، هم الآن يزرعون الأمل الجديد في نفوسهم، ويتحفزون لكي يكون لهم الدور الأكبر ليعملوا وينتجوا، ويؤكدوا وجودهم، إنهم شباب يجري في عروقه حب سورية وكرامتها والدفاع عنها، لذلك فإن أعظم هدية نقدمها لوطننا سورية، تتمثل في ذلك الانتماء الذي يتعدى حدود الذات ومصالحه إلى التضحية بكل دقيقة، وبكل حواسنا ومشاعرنا في سبيل بنائه والعمل على رقيه وتقدمه.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم